Tuesday  12/07/2011/2011 Issue 14166

الثلاثاء 11 شعبان 1432  العدد  14166

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

      

هل الشمس غاضبة؟ وهل تعبر عن غضبها بارتفاع درجات حرارتها؟ سألت نفسها وهي عالقة في زحمة الطريق الخانقة في ظهيرة ذلك اليوم. ثم تأملت المركبات التي تحيط بها من الجهات الأربع، فهذه المركبة يبدو أن فيها زوجين يتشاجران، كما هو واضح من حركة يد الرجل الغاضب وتلويحه بها. وتلك فيها شاب عابس يتأفف من شدة وهج الشمس وبطء سير المركبات. وأخرى فيها سائق يتصبب جبينه عرقاً ويلوم حظه العاثر الذي امتد إلى جهاز التكييف المعطل. أما الرابعة والمخصصة لنقل الأثاث والبضائع ففيها كومة من الأجساد البشرية الجالسة في هدوء واستسلام... والخامسة سائقها يصدح بوق سيارته في محاولة يائسة للتخلص من زحمة الطريق عله بذلك يصل، ولكن لا أمل في ذلك، فمشكلة الزحام باتت عصية على الخلاص وشبه طبيعية.

وكان المذيع يسأل مستمعي الإذاعة عن تأثير ارتفاع درجات الحرارة على أمزجة الناس، وصعوبة السيطرة على الأعصاب أو إبقائها هادئة.كانت تراقب المشهد بصمت، وتستمع إلى البرنامج المناسب للحال، ثم حانت منها التفاتة إلى الشمس المتوهجة في كبد السماء، ورأتها تقترب من الأرض خلسة وبتمهل مدروس، فتحت عينيها أكثر لتستشعر ما ترى، وهل هو حقيقة أم هلوسات أصابت رأسها جراء شدة الحرارة، لكنها ترى بوضوح فهاهي الشمس تقترب أكثر وأكثر، تمدّ خيوطها لتلف المركبات، وكأنها أخطبوط تمتد أذرعه لتلتف على الفريسة. حاولت الصراخ، لكن صوتها اختنق فجأة، تلفتت حولها، وكان الجميع على حالهم، والمذيع يتحدث، وكأن أمراً لم يحدث، أرادت النهوض فلم تقو، وكأن القيود تربطها في مقعدها، دار عقلها سريعاً فلماذا هي الشمس غاضبة؟ أتنتقم لابنتها الأرض؟ أحاولت لفت أنظارنا بارتفاع درجات حرارتها، لتقول لنا هذا ما جنته أيديكم، وهذا من عدم محافظتكم على البيئة، كفوا أذاكم عن الأرض، وعندما لم نستجب إلا بالضجر وفقدان الأعصاب، ومن ثم إلقاء اللائمة على الحرارة القائظة، خططت للنزول إلينا والالتفاف علينا؟ وهاهي أصبحت بمستوى ظهر مركباتنا، ولا أحد يحرك ساكناً، وهي تضمحل في مكانها مكتومة مذهولة، مرتجفة الأوصال، خافقة القلب، اقترب ذراع الشمس، وشعرت باللهيب يلفح وجهها، وبدأ يهزها، وسمعته يقول: هيا انهضي... فتحت عينيها فكانت الخادمة توقظها للسحور، فاليوم هو أول أيام شهر رمضان المبارك.. ابتسمت، وفهمت الرسالة.... وقالت بصوت خافت لا يكاد يسمعه سواها: أعاننا الله على صيامه وقيامه في هذا العام الملتهب.

الرياض

 

غضب الشمس
دانة الخياط

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة