Thursday  14/07/2011/2011 Issue 14168

الخميس 13 شعبان 1432  العدد  14168

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

 

رؤية
النص يفضي إلى الرعب (1ـ 2)
أ.د. فالح العجمي

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يشير علماء النفس السلوكيون إلى أن الإنسان يلجأ إلى اتباع أنماط سلوكية معينة نتيجة عوامل خارجية، وليس من واقع قناعات داخلية في كثير من الأحيان. وربما يصدق ذلك التوقع بالدرجة الأولى على ما يمارسه المرء ظاهرياً نتيجة هيمنة خطاب عام في المجتمع أو في البيئة الخاصة التي يوجد فيها الإنسان.

هذه الهيمنة تكون نابعة - في الغالب - من نص يؤول جمعياً باتجاه ذلك السلوك، وتتولى هيمنته في الخطاب إخافة الناس من مخالفته، أو الاقتراب من التشكيك فيه. وقد يكون ذلك النص دينياً أو سياسياً أو اجتماعياً أو شعبياً، أو حتى فئوياً (لطائفة أو عصابة أو جماعة أصدقاء مترابطة... إلخ).

يا للهول! هل ربطت خطاب العصابة بالخطاب الديني؟ لكني - في الواقع - أتحدث عن أسس اشتغال هذه العلاقة في توظيف النص؛ ولزم التنبيه، لئلا يشتغل المرجفون قليلو الحظ من الفهم والتأني.

عودة إلى كون النص من مسببات الرعب؛ وبالطبع سيكون أقواها النص الديني، لأنه يرتبط بالمجهول والمستقبل الغامض، كما يكتسب من القدم مشروعية الحسم والصحة المطلقة. أرى نساء في الشارع والأسواق يُصبن بالرعب عندما يمر بقربهن رجل، أو يتصادف وجوده معهم في مصعد أو محل تجاري؛ وهذا الرعب لم يكن موجوداً قبل أربعة عقود في هذا البلد، كما أنه غير موجود على الإطلاق في بلاد المسلمين الأخرى. فما السبب؟ أظننا سنعود إلى علم النفس السلوكي الذي يرشدنا إلى أحداث جرت في هذه الحقبة، جعلت التلقائية، التي كانت تتعامل بها المرأة في شؤونها ومع أفراد المجتمع الآخرين من حولها، تزول، وتحل بدلاً منها سلوكيات مصطنعة توحي بحياء مختلق، وتعامل مضطرب مع قضية وجود الرجل في محيطها. فلم تعد تنطلق مما تؤمن به من مبادئ بداخلها، ولم تعد قادرة على منع ما يفرض عليها من التخويف، وزعزعة الثقة بنفسها.

وأظن هذه الحالة هي ما جرى استخدامه في حالة الاختلاط المزروعة في كل سياق، والمدرجة في قوائم المحتسبين ومن سايرهم بوصفها قضية الأمة الأولى؛ كما استخدمت في التحذير من قيادة المرأة السيارة. والوصفة السحرية لأولئك الأقوام هي: أعطني كائنات مرعوبة تتصرف باستمرار في وجل مما حولها، وتربي أبناءها على ذلك الوجل من شيء ربما لا يكون موجوداً، أعطيك مجتمعاً خانعاً ذليلاً أقوده كيفما أشاء، وأصفه على الرغم من ذلك بأفضل المجتمعات على وجه الأرض.

أين أمهاتنا وجداتنا اللائي لم يكنّ يقبلن بهذا الخنوع؟ ألم يبق منهن أحد يستنكف مما جرى لهذه الأجيال المخطوفة؟ أين المرأة التي كانت تضع على كتفيها «جلالاً» أو أي قطعة قماش مما يلي الباب، وتستقبل الضيوف، وتُجلسهم وتحادثهم ريثما يأتي رب البيت؟ هل كنّ خائنات لأزواجهن، أو كان أولئك الرجال أطهر من رجالٍ نشأوا تحت ظل تعليم تلك الطبقة التي تفرض هذه المبادئ؟

كل تلك الأسئلة مشروعة، لكن الأهم ألا يقرأ أولئك النفر الذين يستخدمون النص لإخافة الناس تراثهم في أوج صدقيته، ليعرفوا أن تلك الأوهام التي في رؤوسهم هي ترهات ليس لها من سند تاريخي، أو نص قطعي الثبوت والدلالة. فلنقرأ بعض ما ورد من ممارسات الاختلاط: «مرض زيد بن حارثة فدخل عليه رسول الله (ص)، وزينب بنت جحش امرأته عند رأسه. فقامت لبعض شأنها، فنظر إليها رسول الله (ص)، ثم طأطأ رأسه، فقال: سبحان الله مقلب القلوب والأبصار. فقال زيد: أطلقها لك يا رسول الله؟» . أتمنى ألا يسعوا إلى تخطئة الرسول، لكي تصح نظريتهم.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة