Friday  22/07/2011/2011 Issue 14176

الجمعة 21 شعبان 1432  العدد  14176

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

الموسوعة الوطنية للخدمات الإنسانية من الفكرة إلى التنفيذ
سعيد بن محمد العماري

رجوع

 

منذ زمن بعيد استهواني العمل الخيري والتطوعي الذي يضرب بجذوره في تراب وربوع هذا الوطن منذ قديم الأزل، وعلى يد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن طيب الله ثراه بدأ هذا العمل يتطور ويأخذ شكلا مؤسساتياً ينظم العمل الخيري ويعمل على نشر ثقافة التطوع الفطرية في قلوب السعوديين، ومع مرور الوقت دفعني الهوى إلى التخصص العلمي في العمل الخيري والتطوعي، وكانت باكورة إنتاجي كتاب «مملكة الخير والإنسانية: إنجازات واقعية حقيقية» والذي يتناول مجمل مسيرة العمل الخيري منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مروراً بأبرز الأعمال الخيرية لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام.

وتشرفت بأن سطرت صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبدالله بن عبد العزيز رئيسة مجلس إدارة جمعية سند الخيرية، بقلمها مقدمة الكتاب وقالت فيها: «إن تجميع معلومات موثقة عن إستراتيجية تنظيم الخير وآلية تفعيله في حقب مختلفة من تاريخ المملكة، ورصد الإنجازات الخيرية على مستوى الوطن وكل البلاد الإسلامية وغير الإسلامية هو جهد يستحق التوثيق والتقدير، ذلك لأهمية المعلومات حيث تجمع في كتاب فتكون فرصة ثمينة لتخليدها والاستفادة منها عبر أجيال عديدة».

هذا الدعم من قبل سمو الأميرة عادلة بنت عبد الله وجمعية سند دفعني إلى المزيد من الاهتمام بالعمل الخيري والتطوعي في المملكة ووجدت أن أيادي الخير السعودية الحكومية والأهلية تمتد في داخل الوطن وخارجه لنجدة وإغاثة كل محتاج، ورصدت بعين الباحث العديد من جمعيات ومؤسسات العمل الخيري في كافة المجالات، ولكنها كانت أشبه ما تكون بالجزر المنعزلة ترهق كل باحث علم يسعى لتوثيق بحث أو إنجاز دراسة متخصصة، لعدم وجود مرجع علمي يجمع ويوثق هذه التجارب السعودية في مجال العمل الخيري والإنساني والتطوعي داخلياً وخارجياً، ومن هنا تبلورت في ذهني فكرة رصد وتدقيق وتوثيق هذا العمل في موسوعة علمية متخصصة تكون زاداً ومرجعاً للباحثين والدارسين والساعين للبذل والعطاء.

وبعد اكتمال الفكرة تم عرضها على صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبد الله رئيسة مجلس إدارة جمعية سند الخيرية ليقيني بأن مثل هذه الأفكار النبيلة تحتاج إلى شخصيات من طراز سموها، ولم يخيب الله رجائي ليأتي رد سموها سريعاً داعماً ومسانداً ومثنياً على فكرة المشروع.

وبدأ العمل ما بين اجتماعات ولجان ونقاشات لينتهي بإطلاق المشروع الوطني الموسوعي الشامل في مجال العمل الخيري والإنساني في المملكة والذي يعد الأول من نوعه تحت مسمى (الموسوعة الوطنية للخدمات الإنسانية)، وتم بالفعل وضع المخطط الهيكلي العام للموسوعة والضوابط وفق أرقى المعايير العلمية والمستويات الأكاديمية والخبرات الميدانية وأدقها.

ولا شك أن خبرات الجمعية السعودية لعلم الاجتماع بما تضمه من نخبة علمية وكفاءات وطنية متخصصة، بجانب تعدد أهدافها والخدمات التي تقدمها للمجتمع بدءاً من رعاية المؤتمرات، وإقامة الدورات والبرامج وورش العمل المختلفة في جميع مناطق المملكة، ستسهم إن شاء الله تعالى في خروج الموسوعة بالشكل الذي يتمناه كل باحث علم وكل مهتم وكل محب لهذا الوطن المعطاء.

وهنا لا ننسى دور الجامعات السعودية في تطوير أداء المنظمات الخيرية ورفع مستوى وعي المجتمع بثقافة العمل الخيري من خلال إجراء الدراسات المتخصصة ونقل المعرفة والتجارب الدولية، والإسهام في وضع إطار عام لهيكلة المنظمات الخيرية ومساعدتها في الجانبين التسويقي والمالي، الذي يركز على مصادر التمويل والضبط المالي من خلال أوجه الاستثمار وتنميته وتسويق منتجات المنظمات الخيرية وتطوير المعايير المحاسبية للجهات غير الهادفة للربح، إضافة الى تأهيل الموارد البشرية بالتركيز على تأهيل قيادات العمل الخيري والكوادر العاملة في المنظمات الخيرية.

إن مثل هذا العمل الوطني الموسوعي لن يكتب له النجاح المنشود إلا بدعم رجال الأعمال وشركات القطاع الخاص في إطار دورها المجتمعي، وهو ما يتطلب التفكير في وضع نظم تحفيزية لجذب هذا القطاع وتفعيل مشاركته المجتمعية لتمكين مؤسسات العمل الخيري والتطوعي من الاستمرار كمكون أصيل في بنية المجتمع السعودي. ولا يساورني أدنى شك في استجابة العديد من رجال الأعمال الوطنيين لما عرف عنهم من حرص على عمل الخير والبر والإحسان والبذل والعطاء، والنماذج الوطنية المشرفة موجودة ومحل فخر واعتزاز الوطن والمواطن وترصد لهم الموسوعة فضلاً كاملاً لعرض وإبراز تجاربهم ليكونوا نبراساً ملهماً لغيرهم.

وأعتقد أن إسهام القطاع الخاص ورجال الأعمال في دعم (الموسوعة الوطنية للخدمات الإنسانية) يسهم في رصد وتوثيق جهود الدولة في مجال الأعمال الخيرية والإنسانية والاجتماعية والتنموية إضافة إلى تعزيز مفاهيم العمل التطوعي، والارتقاء بمفهوم العمل الخيري وتطويره ودعم ممارسات المسؤولية الاجتماعية في القطاع الخاص، وهو ما يتطلب ارتقاء القطاع الخيري والتطوعي بتنظيماته وآلياته لمواصلة مسيرته وكسب ثقة القطاع الخاص.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة