Sunday  24/07/2011/2011 Issue 14178

الأحد 23 شعبان 1432  العدد  14178

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

كلما ركنت سيارتي في المواقف، وأقبلت على مبنى محطة قطار الرياض، قلت في نفسي «سبحان الله، يخلق من الشبه أربعين!» وأنا أسأل نفسي مراراً: يا رب أنا وين شفت شكل هذا المبنى، لأتذكّر أخيراً أنه يشبه مبنى مطار الظهران قديماً، الذي كانت تنشر صورته في كتاب المطالعة والهجاء في زمن التسعينيات الهجرية!

أما إذا دخلت مبنى المحطة، فحدّث ولا حرج، فبدلاً من الزحام والحركة والحيوية، والمقاهي والمطاعم، ومكاتب تأجير السيارات وتأجير الفنادق، لن تجد سوى مكتب وحيد لتأجير السيارات لا يعمل إلا في أوقات الذروة، بمعنى أنك لن تجده في أيام الجمع مثلاً، ولا مقاهٍ ومطعم كئيب في مكان لا تصله إلا إذا سألت عنه، رغم أن الصالة من الداخل نظيفة وجيدة، إلا أن الخدمات فيها متواضعة جداً، فالسؤال هل لا ترغب شركات تأجير السيارات والفنادق باستئجار كاونتر صغير، أو حتى تشجيعها بمنحه لها مجاناً، وهل المقاهي والمطاعم الشهيرة التي أصبحت تنتشر حتى في قرى المملكة، لا ترغب باستئجار محل صغير في هذه الصالة الفارغة؟

لا أريد أن أتحدث عن عربات القطار التي تجعل من يصعد إلى درجاتها العالية يظن أنها من مخلفات الحرب العالمية الثانية، وليست من ممتلكات أكبر دول العالم النفطية، فهذه العربات الكئيبة ودرجاتها المضحكة من «الرحاب» إلى «الثانية» وضجيج المحركات العالي ومشهد الصحراء تصيب الراكب بالكآبة، فلا أحد يطالب بزراعة الصحراء كي تصبح أوروبا، ولكن لا أقل من جلب آخر منتجات العالم في تصنيع المركبات والقاطرات، لمؤسسة مضى عليها أكثر من نصف قرن وهي لم تستطع أن تطوّر نفسها، حتى بإمكاناتها المتوفرة.

قد يسأل بعضكم لماذا لا تنتشر خطوط الحديد في المملكة، وهو سؤال مشروع وملحّ جداً، لأسباب منها اتساع رقعة البلاد، والكثافة السكانية التي تشارف الثلاثين مليون نسمة، وتردّي خدمات الناقل الجوي الوطني الوحيد، وفشله في توفير خدمات طيران سهلة وميسرة من مدينة إلى أخرى، مع أنه حتى لو كان قادراً فما الذي يمنع انتشار خطوط حديدية في كل أنحاء البلاد، وقد يجيب البعض بأننا نسمع عن خطوط جديدة، خاصة بالبضائع، وفي الطريق مشروعات خطوط للركاب، وهي جميلة جداً على الورق، لكن ما نخشاه كمواطنين أننا انتظرنا نصف قرن هذه المشروعات، ونفاجأ بخطوط متواضعة مع تكاليف أسطورية، فمن البداية لا نريد التباهي بأننا حققنا أطول خط حديدي في العالم، وأننا دخلنا موسوعة جينيس، ولا نريد أن نحتفل بأننا وفرنا 3000 وظيفة من تشغيل هذه الخطوط، كل ما نتمناه أن نحظى بخدمات شبكة متميزة من السكة الحديد، لا تقل عما هو متوفر في دول أوروبا، ولا ننتظر أن يصرح أحدهم بعد فشل المشروع أو تردي خدماته، أو تعطل قاطراته، وتأخير الرحلات وإلغائها، إلى أننا نعاني من زحف الرمال، أو أن الأجهزة الإلكترونية الحديثة تأثرت بفعل الحرارة العالية، وما شابه ذلك من أعذار واهية ومحتملة.

لقد تعودنا على التكاليف المبالغ فيها أسوة بالدول المحيطة بنا لمشروعات مشابهة، لكننا صرنا نغمض أعيننا، ونقول خذوا يا سادة يا كرام وامنحونا مشروعات جيدة فقط مقابل هذه المبالغ العالية، فلم نعد ننتظر محاسبتكم على ما أخذتم، بل على ما أنجزتم فقط!

 

نزهات
أحلامنا منذ نصف قرن!
يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة