Monday  25/07/2011/2011 Issue 14179

الأثنين 24 شعبان 1432  العدد  14179

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

      

الحكاية الأولى:

يروى أنه كان عند يونس بن عبيد حلل مختلفة الألوان ضرب منها قيمة كل حلة منها أربع مائة، وضرب كل حلة قيمتها مئتان؛ فمر إلى الصلاة، وخلف ابن أخيه في الدكان، فجاء أعرابي وطلب حلة بأربع مائة، فعرض عليه من حلل المئتين، فاستحسنها ورضيها، فاشتراها، فمشى بها وهي على يديه، فاستقبله يونس، فعرف حلته، فقال للأعرابي: بكم اشتريت؟ فقال: بأربع مائة فقال: لا تساوي أكثر من مئتين، فأرجع حتى تردها. فقال: هذه تساوي في بلدنا خمس مائة وأنا ارتضيتها، فقال له يونس: انصرفن فإن النصح في الدين خير من الدنيا بما فيها، ثم رده إلى الدكان ورد عليه مئتي درهم، وخاصم ابن أخيه في ذلك وقاتله، وقال: أما استحييت؟! أما اتقيت الله؟! تربح مثل الثمن وتترك النصح للمسلمين؟! فقال: والله ما أخذنا إلا وهو راض بها، قال: فهلا رضيت له بما ترضاه لنفسك.

الحكاية الثانية:

نقل عن السري السقطي أنه اشترى كر (مكيال) لوز، وهو ستون قفيزا؛ بستين ديناراً، وكتب في رزنامجه (أي دفتره) ثلاثة دنانير ربحه، وكأنه رأى أن يربح على العشرة نصف دينار، فصار اللوز بتسعين، فأتاه الدلال، فطلب اللوز، فقال: خذه، قال: بكم؟ قال: بثلاثة وستين ديناراً، فقال الدلال؛ وكان من الصالحين: فقد صار اللوز بتسعين، فقال السري: قد عقدت عقداً لا أحله، لست أبيعه إلا بثلاثة وستين، فقال الدلال: وأنا عقدت بيني وبين الله ألا أغش مسلماً، لست آخذه منك إلا بتسعين. قال: فلا الدلال اشترى منه ولا السري باعه!!

الحكاية الثالثة:

كان الحسن والحسين رضي الله عنهما من خيار السلف يستقصيان (أي يدققون في الشراء)، ثم يهبون مع ذلك الجزيل من المال. فقيل لبعضهم: تستقصي في شرائك على اليسير ثم تهب الكثير ولا تبالي؟! فقال: إن الواهب يعطي فضله، وإن المغبون يغبن عقله!..

أكتفي بهذه الحكاية الثلاث والتي تبين سمو الأخلاق الإسلامية، وما تحلى به سلفنا الصالح من صفات حسنة، وآداب طيبة، عكست سماحة الإسلام وروعته.

وفي المقابل، فإن الناظر في حياتنا المعاصرة ليجدها - في معظمها - بعيدة عن مكارم الأخلاق التي دعا إليها الإسلام، مما ولد وخلف اضراراً ومساوي عديدة: ضياع، خوف، تشرد، جوع، فقر، انتحار سرقة.

وكما يقول أحد الباحثين: (إن تجرد الناس من مكارم الأخلاق ومن المثل العليا ومن القيم الإنسانية ومن السعادة الحقيقية بل ومن الأمن والسلام؛ لأن ضياع الأخلاق ضياع للثروة وانهيار للقوة - إن عاجلاً أو آجلاً، سواء كان على المستوى الفردي أو الجماعي أو الدولي).

ومن ثم كانت النظرية الإسلامية في الاقتصاد غير منفصلة عن الجانب الأخلاقي سواء من حيث الوسائل والنظريات؛ أو من حيث المقاصد والأهداف، ولهذا فإن تدعيم المبادئ الأخلاقية يعتبر من أهم المقاصد الشرعية المعترف بها.

المستشار وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

 

حكايات تاريخية اقتصادية
زيد محمد الرماني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة