Tuesday  26/07/2011/2011 Issue 14180

الثلاثاء 25 شعبان 1432  العدد  14180

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

عنـدمـا يـذوق المرء ثمرة جهده، ويرى ابتسامة وفرحة من حوله، ويسمع كلمات الثناء العفوية الصادقة التي يرسلها نكرة من الناس بلا تكلف ولا ممالة، ويلحظ التغير الذي تحقق على أرض الواقع، والقفزات التي صارت في زمن قياسي، عندما يكون كل هذا أو حتى بعض منه تشرق النفس، وينسى الإنسان التعب، ويرحل عنه الهم والعنت، وتبتسم الحياة في وجهه، ويتفاءل بغد أفضل، بل بصدق يفخر بنفسه وبمن معه ومن حوله من المخلصين الأوفياء ويجزم على مواصلة المسير وتخطي العقبات مهما كانت، وربما أعاد شريط المعاناة ليقرأ الأحداث بعين جديدة ويحلل المواقف بنفسية مختلفة ويتنفس الصعداء وهو يقول بكل ثقة وطمأنينة نعم كانت المرحلة صعبة وكانت العقبة كداء، ولكنني كنت لها بعد توفيق الله وعونه ثم دعم ومؤازرة وتشجيع ولي الأمر، هنا تصير تلك الأحزان والأوجاع مجرد ذكريات عابرة، وأحاديث فخر، وربما التقط صاحبنا من وسط الركام مواقف وحكايات عجيبة وغريبة عرف فيها معادن الرجال وخبر فيها تقلب الليالي والأيام وعلم فن مكابدة صروف الدهر ومقارعة الأحزان فجعلها رواية رائعة تناقلها الأجيال، هكذا هي قصص الناجحين وهذه هي حياة المنجزين البارعين، فدروبهم ليست ورود ورياحين ومن حولهم جزماً ليسوا ملائكة ولا حتى رجالاً صالحين، والوصول للقمة والتربع على كرسي التميز أمر سهل لمن كان على أريكته يلوك الكلام ويحلل المواقف ويحكم على الأشخاص من منظوره هو وحسب بوصلته الداخلية التي تحركها القبيلة تراه والمناطقية أخرى والمصلحة الشخصية تارات، ولكن هذا الوصول فضلاً عن الاستمرارية ومواصلة التألق والتميز لمن منهم في الميدان -يصارعون ويواجهون التحديات ويبنون اللبنات، يحفزون وينجزون- أصعب مما نعتقد أو نتصور بكثير، وقد يرحل المرء وقد أبلى وجاهد وكان ينتظر الثمرة ليقطفها والثناء ليتراقص فرحاً بنشوة التمام وإذ هي لغيره تذهب، وربما يكون حفيده من يتذوقها، هذه هي الحكاية بإيجاز، أما تفصيلها وأين كانت ومتى وكيف فهذا لا يهم، ما يهمني هنا هو التأكيد على أن لكل نجاح تنموي وطني فردي أو جماعي، شخصي أو مؤسسي حكاية جميلة تستحق التدوين، والناجحون في الحياة وإن كانوا ينظرون إلى الغايات ويأملون الوصول للثمرات إلا أنهم قبل هذا وذاك يخططون جيداً ويرسمون للسائرين معهم الخطوات بدقة متناهية وحرص شديد، وفي المقابل الفاشلون يكثرون التشكي، يلعنون الظروف، ينتظرون حلول المساء، حيث الظلام إذلا يراهم أحد، يجيدون فن الهروب من المسؤولية وإشاحة الوجه عن عباد الله، كثيراً ما يرقبون الساعة ويقلبون رزمانة المكتب لعل آخر الشهر قد قرب، يهتمون كثيراً بالحضور والانصراف وقد لا يلتفتون للإنتاجية لا من قريب ولا بعيد، يتقنون فن الاعتذار، ولا يستفيدون من الدروس، ولا يربح معهم صديق.. وقائمة مواصفاتهم وسماتهم تطول ولكن قاسمهم المشترك «يقولون ما لا يفعلون» ليس هذا فحسب بل يُعّرضون وينالون ممن يفعلون إذ هم من يجيد فن ممارسة النقد غير البناء بامتياز، ولهؤلاء كذلك ألف حكاية وحكاية، وبين النجاح والفاشل خيط رفيع، وبين خندق الناجحين ومعسكر الفاشلين أرض خصبة لفئة ثالثة تراوح بين هذه وتلك.

عموماً حاول أخي القارئ الكريم أن تكون مشاركاً معي في قراءة الواقع الذي حولك بجد لتعرف:

* أي الرجال أنت؟.

* أين مكانك في خارطة التنمية الوطنية اليوم؟.

* في أيّ المعسكرات تقبع حتى هذه الساعة؟.

* هل من سبيل لتعزيز وجودك الحقيقي في ظل الظروف المحيطة بك؟.

مجرد الوصول إلى حقيقة وجودك، وتشخيص واقعك، مجرد تحقق هذا الشيء تكون قطعت نصف المسافة تماماً في طريق مشاركتك الحقيقية من أجل الوطن، أما النصف الآخر فهو تسطير قصة نجاح جديدة تصلح لأن تكون رواية أخرى في سجل إنجازك الشخصي وتاريخك الوطني وإلى لقاء والسلام.

 

الحبر الأخضر
أنت بين حقيقتين «النجاح أو الفشل»
عثمان بن صالح العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة