Tuesday  26/07/2011/2011 Issue 14180

الثلاثاء 25 شعبان 1432  العدد  14180

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

ساهر والقياس.. والعامل المشترك!
د. جرمان أحمد الشهري

رجوع

 

في لقاء عابر تقابل رجل مسن مع شاب خريج ثانوية عامة، تبادلا السلام والتحية، ثم تجاذبا أطراف الكلام، بحكم أن الاثنين ينتظران دورهما في إحدى صالات مبيعات الخطوط السعودية، من أجل الحصول على تذاكر سفر إلى وجهة كل منهما، وكان ذلك اللقاء الذي جمعهما متزامناً مع نهاية امتحانات الثانوية العامة وظهور النتائج، الحاصل أن الرجل المسن بدأ الحديث مع جاره الشاب، فقال له يا بني (شكلك خريج ثانوية) بشر عساك من الناجحين والمتفوقين؟ فردّ عليه الشاب بأنه فعلاً كما قال، ولكنه وجّه له سؤالاً مضاداً فقال، أنت كيف عرفت أني خريج ثانوية؟ فضحك الشايب وقال الكتاب باين من عنوانه.. أنت سرحان وذهنك مشتت وأكيد تفكر في الدرجة الموزونة وفي المرحلة القادمة، ولكن يا بني هوّنها تهون، ورزقك مكتوب في اللوح المحفوظ منذ ولادتك وحتى مماتك، فأنت اتكل على الله ولا تحمل همّا وابذل الأسباب للوصول إلى هدفك، فاعتدل الشاب في جلسته وركّز انتباهه إلى الرجل الناصح، وقال له تصدق والله أن كلامك الطيب أثلج صدري ومنحني قوة معنوية ورضوخاً مطلقاً لما كتبه الله لي، ولكن المشكلة يا عم أنني حصلت ولله الحمد على معدل ممتاز ونسبة عالية تؤهلني إلى حلم المستقبل لأصبح طبيباً أو مهندساً، إلا أن ما نغّص علي فرحتي وجعلني أسرح وأفكر كما لاحظت هو زميل سابق لي حيث كان أفضل وأميز مني العام الماضي، ولكن هناك شيئا حطم أحلامه ودمر مستقبله وهو اختبار القياس (قدرات + تحصيلي) حيث هوى معدله وتدنت نسبته إلى أقل من ثمانين بالمائة بعد أن كانت خمسة وتسعين بالمائة، وذلك بسبب الدرجة الموزونة التي تمخضت عن استلاب درجات الثانوية العامة ونهبها من قبل ذلك البعبع الثنائي القدرات والتحصيلي!! مما حدا بذلك الزميل أن يهاجر إلى أرض الله الواسعة، للالتحاق بما أحبه ووقر في نفسه ومالت إليه عاطفته وأحاسيسه طوال دراسته في التعليم العام، وهو الطب أو الهندسة في احدى الجامعات الأجنبية خارج الوطن، ذلك الزميل استطاع أن يتغلب على مشكلته ويمضي إلى تحقيق هدفه، لأنه ما شاء الله من أسرة مقتدرة على نفقات البعثة حتى ألحق مؤخراً إلى برنامج البعثات لخادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - أما أنا يا عمي ففي حال سرقة جهدي وتعبي ودرجاتي ومعدلي من قبل القياس، لن أستطيع أن أفعل مثلما فعل زميلي لضيق ذات الحال، وعندها ليس أمامي إلا الاستسلام والخنوع لذلك السارق، والقبول بالظلم والتنازل عن أحامي لتحل محلها حسرات وآهات وقلق وتوتر وضياع وانضمام إلى طوابير البطالة!! أتراني أزعجتك يا عمي بسرد همومي وأفكاري وسرحاني؟ فرد عليه الرجل.. لا يا بني، المشكلة ليست مشكلتك وحدك، المشكلة لها شقان وكلاهما مثل فكي كماشة، إن نجوت من الأول فلن تسلم من الثاني، أحد الفكين موجّه لعموم الطلبة والطالبات في المراحل الثانوية، ولخريجي الجامعات، وللمعلمين والمعلمات، ولموظفي الادعاء العام قبل الالتحاق بالوظيفة، وما ندري فربما غدا سيشمل فئات أوشرائح أخرى من المجتمع، وهذا الفك الحديدي هو (القياس)، أما الفك المناظر الآخر فهو موجّه لعموم ذكور المجتمع السائقين مواطنين ومقيمين، وهذا الفك الحديدي هو (ساهر)، المؤلم يا بني، إن هذين الفكين ألصقا زوراً وبهتاناً باسم الوطن، وسميا مشروعان وطنيان، والوطن بريء منهما ومن ظلمهما، فالوطن يحنّ على أبنائه ويوفر لهم سبل العيش والحياة الكريمة وليس العكس، وقيادة هذا الوطن لا تألو جهداً في تحقيق ذلك الهدف العظيم الذي يخدم المواطن والمقيم ولا يجبي أموالهم ويسرق أحلامهم، ولو نلاحظ العامل المشترك بين الفكين المفترسين لوجدناه متمثلاً في حرف (السين) فالسين في القياس جاء في آخر الكلمة والسين في ساهر ورد في أول الكلمة، وهذا السين المشترك هو ذاته حرف السين الذي تنتهي به كلمة (فلوس)!! إذن المسألة فيها تخطيط وتناغم في المسمى وتوحيد في الهدف، الأمر واضح يا بني، فلا تقلق فأنت عود من عرض حزمة، ورد شأنك إلى الله فهو القادر جل وعلا على تحقيق ما تصبو إليه من الأحلام الوردية التي ستخدم بها وطنك إن شاء الله، بقي أن أسأل سؤالاً أخيراً أوجهه لأصحاب الشأن في كلا القطبين أقصد الفكين وهو.. ألا يمكنكم تقديم خدماتكم المزعومة مجاناً؟! أجيبوا يرحمكم الله.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة