Wednesday  27/07/2011/2011 Issue 14181

الاربعاء 26 شعبان 1432  العدد  14181

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

يتزايد هذه الأيام التوجه لإنتاج مسلسلات دينية (جريئة) بما يعني أنها تتخذ الرسل والأنبياء والصحابة مادة لها، فهناك محاولات سابقة حيث كان يوسف وهبي الممثل المصري المعروف أول من حاول تجسيد شخصية النبي محمد عليه الصلاة والسلام عندما وقع عقداً عام 1926 مع شركة «ماركوس» الألمانية للقيام ببطولة فيلم بتمويل مشترك مع الحكومة التركية. لكن يوسف وهبي اعتذر عن الدور بعد ضغوط من الأزهر، المحاولة الثانية كانت من إنتاج فرنسي وتم الإعداد له ليصور في مصر وذلك في عام 1929م يظهر فيه النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقيل وقتها أنهم أسندوا دور السيدة خديجة للممثلة (تينا ستيوارت)! الفيلم واجه احتجاجات دينية انتهت بمنعه. (صحيفة اليوم السابع الخميس 30 ديسمبر 2010م).

لكن المحاولات ستظل مستمرة لأهداف مختلفة خاصة أن بعضها يبرر أن إنتاجه لفيلم سينمائي يجسد فيه الرسول صلى الله عليه وسلم هو من نصرته وللرد على حملات التشويه التي يتعرض لها من قبل الغرب! وفي سياق إنتاج مسلسلات عن الأنبياء والصحابة أنتجت إيران مسلسلاً عن النبي يوسف عليه السلام وعرضته قنوات (تنطق) بالعربية وتتوارد الأخبار لإنتاج عدد آخر من الأفلام والمسلسلات لأنبياء وصحابة عظام!

من وجهة نظر خاصة، كان تأثير مسلسل يوسف (الإيراني) سلبيًا من ناحية تشويش تلك الصورة الجميلة للنبي يوسف والتي أوردها القرآن الكريم وخدشًا لسيرته العطرة، فالصورة في المسلسل الإيراني ليوسف عليه السلام نافست الصورة التي رسمها القرآن في عين وعقل المشاهد! فاشتبكت الصورة القرآنية (المتخيلة) مع صورة أخرى بشرية فحصل تشويش كبير، كان ذلك في الصورة البشرية للنبي يوسف فما بالك بالأحداث والمعاني الأخرى؟! أنا شخصيًا عندما أفتح ديوان المتنبي أو أسمع له شعراً أستحضر صورة الممثل عبد المجيد مجذوب والذي أجاد في تجسيد شخصية المتنبي عند عرضها كمسلسل! تجسيد صورة يوسف بشريًا أزال عنها الصورة المتخيلة ليوسف وأحلت مكانها صورة الممثل الذي جسدها وبذلك انتهكت عظمة الأنبياء وما يجب أن يحظون به من تكريم وإجلال، الصورة التلفزيونية كما هو معروف ليست مثل القصة المكتوبة فالقصة تطلق العنان للخيال بينما التلفزيون يحجر عليه لأنه ليس بعد الصورة المشاهدة من حاجة للخيال!

ولقد قدم الإيرانيون مسلسلاً هيأت له كل أسباب النجاح التقنية والفنية لكن يوسف عندما كان طفلاً أقوى تأثيرًا وحضورًا على المشاهد من يوسف النبي في كبره! وإذا كنا نعرف أن يوسف قد أعطاه الله جمالاً عظيمًا فان (نور) الممثل التركي قد تفوق على (يوسف) الإيراني بوسامته!

الأزهر الشريف يمنع تجسيد الأنبياء والصحابة المبشرين بالجنة ومجمع الفقه الإسلامي يؤكد على تحريم تجسيد الأنبياء والصحابة ولكن هذا التحريم أرى أنه لا يكفي فيجب أن يبلغ لكل دولة إسلامية ولكل وزارة إعلام فيها ولكل القنوات العربية الحكومية والخاصة وحتى القنوات الإيرانية التي تنطق بالعربية! فيوسف مثلاً سوف يتلوه الكثير من الأنبياء والصالحين الذين سوف تستغل شخصياتهم ومكانتهم في قلوب المسلمين للتقول عليهم وربما قيل على لسان من يجسد شخصياتهم بما لم يعاصروه من خلافات المسلمين المذهبية! وبعد عدة تجسيدات للأنبياء والصالحين فإن الخوف أن أولئك الرموز لن يعودوا رموزًا للأمة لأن صورهم و(افياشات) أفلامهم وتذكاراتهم ستملأ التلفزيونات وجدران السينما وأكشاك بيع الهدايا على السياح! والخشية أنه بعد أن ينطلق قطار أفلام ومسلسلات الأنبياء والصحابة فلا أحد يعرف أين سيتوقف! لذلك فإن المجمع الفقهي يتحمل مسؤولية عظيمة، أعرف أنه ليس جهة ملزمة لكنه يستطيع أن يوصل قراراته إلى كل الدول الإسلامية للذود عن الأنبياء والصحابة ورموز الأمة من التشويه والاستغلال المذهبي والطائفي والاستثمار التجاري الفني أيضًا!

alhoshanei@hotmail.com
 

تجسيد الأنبياء والصالحين بين الأهداف التجارية والمذهبية
فهد الحوشاني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة