Thursday  28/07/2011/2011 Issue 14182

الخميس 27 شعبان 1432  العدد  14182

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

خرج محمد بن همام، الإداري الرياضي القطري، من المجال الرياضي بعد أن أوقفته لجنة الأخلاق في الاتحاد الدولي مدى الحياة، متهمة إياه بدفع رشاوى خلال حملته لانتخابات الفيفا. إخراج ابن همام له في تقديري أكثر من بعد، ويُوجه إلى المعنيين بالشأن الرياضي وكذلك السياسي أكثر من رسالة. أن يكون لديك المال، لا يعني أنك ملكت كل عناصر القوة لتنافس على النفوذ والريادة الدولية. صحيح أن المال عنصر مهم من عناصر القوة، لكن ليس في جميع الظروف؛ قد يكون أحياناً شرط (ضرورة) لا بد من توفره، لكنه ليس دائماً شرط (كفاية) لتحقيق الطموحات. ابن همام تعامل مع طموحاته على أن المال هو الشرط الوحيد والكافي لأن يُحقق غاياته، فأخرجه (الحكم) من الملعب بالكرت الأحمر، ثم تطور الكرت الأحمر إلى الإيقاف مدى الحياة عن إدارة الأنشطة الرياضية.

هذه الرسالة ليست رسالة رياضية فحسب في تقديري، وإنما تحملُ مضامين سياسية، وإن كانت في ظاهرها تعالج شأناً رياضياً. السياسة والرياضة صنوانٌ دائماً، فجماهيرية كرة القدم، وشعبيتها الجارفة، وجنون مئات الملايين من سكان العالم بها، تجعل منها في المحصلة شأناً سياسياً بامتياز، وكذلك شأناً اقتصادياً تعتمد عليه صناعة الإعلان في العالم، ويسيل لمداخيلها واقتصادياتها لُعاب الساسة؛ الأمر الذي لا يمكن أن يُغفله السياسي، ويترك عنان توجيهها في يد الآخرين. هذه حقيقة لا يمكن إلا أن تتعامل معها بواقعية وموضوعية.

ويبدو أن ابن همام ما زال مُصرّاً على خوض الحرب حتى النهاية كما جاء في تصريحه الذي قال فيه: إنه خسر معركة ولم يخسر الحرب. غير أن الواقع يقول إنه خاض حرباً لا يملك عوامل الانتصار فيها فخسر، وكان لا بد له أن يخسر في النتيجة؛ فالمعارك لا يكفي فيها المال دائماً، فشأن كهذا لن يُترك لعربي مسلم أن يتربع على قمة قيادته، ويتحكم في توجيهه، مهما حاول أن يظهر كل متطلبات الحيادية، فالقضية قضية سياسة وقوة ونفوذ ومداخيل مالية ضخمة، وهذا بالنسبة للغرب خط أحمر، ومنطقة نفوذ لن يسمحوا لأمثال ابن همام بالاقتراب منها. مرة واحدة أعطي عربي منصباً مشابهاً، عندما تولى المصري بطرس غالي أمانة هيئة الأمم المتحدة (1992 - 1996)، غير أن (مسيحيته) كان لها الفضل على ما يبدو في تأهله وحصوله على هذا المنصب؛ وبمجرد أن أظهر تعاطفاً مع قضايا العالم الثالث، واتخذ مواقف مُناكفة لأمريكا، لم يُجدد له؛ وكان بالمناسبة الوحيد الذي أمضى في هذا المنصب دورة واحدة، في حين أنَّ من سبقوه أمضوا فيها أكثر من دورة.

هذه الرسالة إذا أخذتها من زاوية أخرى - أيضاً - تؤكد أن طموح الإنسان، أو دعني أقول هنا: طموحات الدول، إذا تجاوزت إمكانياتها وقدراتها، وحاولت أن تلعب أدواراً غير مؤهلة لها، أو هي أكبر منها، قد تنعكس عليها ممارساتها تلك انعكاساً سلبياً، وتُكلفها في نهاية المطاف الكثير، فربما تخرج من الملعب بكرت أحمر - أيضاً - كما حصل لابن همام؛ وهذا أهم ما يجب أن يتعلمه كل من أغرتهم قوتهم المالية لأن يلعبوا أدواراً سياسية لا يملكون من مؤهلات لعبها الموضوعية إلا القوة المالية؛ فليس بالمال وحده (يتفرعن) الإنسان وكذلك الدول.

إلى اللقاء.

 

شيء من
سقوط ابن همام ماذا يعني؟
محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة