Thursday  04/08/2011/2011 Issue 14189

الخميس 04 رمضان 1432  العدد  14189

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

الشعراء أكثر إحاطة بالسير الذاتية للجبال من الجيولوجيين والجغرافيين والرحَّالة وهواة تسلّق الجبال. وذلك لأن الجبل في مفهوم هؤلاء هو كتلة مرتفعة من الأرض لا أكثر، بينما الجبل في مفهوم الشعراء يعني الارتفاع والسمو والشموخ والصلابة واختزان المعادن الغالية والحمم المتأججة وسكون البراكين وتحدي الزلازل في الثبات ومقاومة الأعاصير دون أي انحناء ومعانقة الغيوم التي تكلّل هامته الموغلة في الزرقة اللا متناهية. واستقبال المزن الرهوة التي تغسل وجهه ثم تمر ساحبة أذيالها بكل هدوء أنيق نحو آماد أبعد نحو السهول.

بالطبع كل الاستهلال السابق عن سلوك الجبال يصعد بنا تدريجياً إلى (جبل الفضائل العظمى) - سلمان بن عبد العزيز - أطال الله لنا عمره وبدّد عن قلبه الأحزان، التي توالت عليه في السنوات الأخيرة بشكل مباغت، فكلما أزاح حزناً استقبل حزناً آخر ولكن بطريقة سلوك الجبال في التسامي والارتقاء الأصعب والصعود فوق تلك الأحزان، بل تجاوزها ببسالة الرجال الصلاب. فقبل أعوام فقد سلمان بن عبد العزيز ابنه الأكبر فهد الذي يعتبر - رحمه الله - أمثولة في الكرم والعطاء لذلك كان يسميه (أبو يد مخرومة) لأن المال لا يستقر بتلك اليد الكريمة البيضاء، وقبل أن يحزن القلب وتدمع العين، أقول وما إن حبس الحزن حتى فوجئ بوفاة ابنه الآخر أحمد الذي كان - رحمه الله - في قمة العطاء والتوهج والإنتاج فحبس دمع العين مرة أخرى ولكن إلى حين، إذ باغته الحزن مرة ثالثة لوفاة سكرتيره وابنه المخلص الشاعر عبد الله السلوم - رحمه الله - الذي يعتبر حقاً من أخلص وأصدق وأنبل من عرفت، بل لكل من عرفوه من خلال العمل والإبداع ونصاعة القلب وكرم الروح.

وبالأمس القريب القريب - لك الله يا سلمان الكبير - انتقل إلى رحمة الله أحد رجالك الخلصاء المخلصين ألا وهو الشيخ بدر الفغم - رحمه الله - الذي يعتبر من أندر الرجال الذين يحملون الصفات الحميدة بهذا الزمان العجيب، فلك منا العزاء.

حدث هذا وسلمان - الجبل العظيم - خارج الوطن لكنني أعرف وطأة النبأ على قلب سلمان المُحب لمن يحبه والمخلص لمن يخلص له، واليوم تُطل فاجعة أكبر من كل ما أسلفت وذلك برحيل رفيقة عمره والشاهدة القريبة لكل ألوان حياته بكل ما فيها من حلو ومرّ وفرح وترح واحتمال لأعباء دوره الهائل في بناء هذه العاصمة الحبيبة - الرياض - بل لقد شهدت لياليه التي قلّما يغمض فيها جفن له وهو يتابع أحوال الناس، المجتمع، السياسة، الثقافة، بل أحوال كل ما يجري في العالم العربي، بل وفي العالم أجمع. لذا لا يمكننا هنا إلا أن نقول لك الله يا سلمان ما أصبرك وما أقوى عزمك وما أشد إيمانك - إذ هكذا يكون الرجال. وإلا فلا. لهذا لا يمكن لنا إلا أن نعزيك وأبناءك الكرام ونقول: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.

 

هذرلوجيا
وكيف نعزّي الجبل؟
سليمان الفليح

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة