Friday  12/08/2011/2011 Issue 14197

الجمعة 12 رمضان 1432  العدد  14197

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

الواقع أن هناك أزمات اقتصادية حقيقية في أكثر من دولة من دول العالم، والواقع أن هناك دولاً تتجاوز أزمتها الاقتصادية نطاق حدودها، وأخرى لا تتجاوز الحدود، والواقع أن الأزمات كانت معلومة لدى الساسة، لكن العلاج ثمنه خسارة الانتخابات، ولهذا ظلت الفقاعة المائية (الزرد) تكبر حتى أوشكت الوصول إلى مرحلة الانفجار، لكن لا أحد يريد الانفجار، ولا أحد يعرف بالتحديد ما سيؤدي إليه الانفجار، غير أن الجميع متأكد أن نتائج ذلك الانفجار ستكون مدمرة، تدمير قنبلة هيروشيما أو أشد من ذلك.

كانت الأزمة المالية في عام 2008 بسبب ديون العقار في الولايات المتحدة الأمريكية وعبرت آثارها المحيط الأطلسي لتغطي معظم دول العالم، أما اليوم فالأزمة أزمة ثقة عالمية في أكبر اقتصادين في العالم، اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية، واقتصاد عدد من دول مجموعة اليورو، والسبب في ذلك ليس ديون عقار، بل ديون دول، فإذا أصبح العالم لا يثق في أكبر اقتصاد فيه، والذي يمثل نحو 25% من إجمالي الإنتاج العالمي وهو الاقتصاد الأمريكي، فهذا يعني معضلة سيصعب حلها في المستقبل، وقد أعلنت إحدى وكالات التصنيسف الائتماني العالمية (ستاندرز أند بورز) تخفيذ تقييمها للسندات الأمريكية إلى درجة أدنى من العلامة الكاملة، التي تبلغ عشرين درجة، وهي التي كانت تتمتع بها أمريكا على مدى سنوات عمرها.

والسنوات الكومية أوراق مالية تصدرها الدولة المستدينة، ويشتريها الدائن كورقة إثبات بحثة على تلك الدولة، محددة الأجل، والدائن يمكن أن يكون مؤسسة أو فرداً، ولكن عندما يشك الدائن في عدم قدرة المدين على السداد، فإنه سيهرع إلى بيع ما لديه من سندات بأقل من أسعار شرائها، كما أن الدولة عند إصدارها لسندات جديدة، قد يصعب عليها تسويقها إلا إذا أغرت المشتري بزيادة سعر الفائدة، وزيادة سعر الفائدة يعني مزيداً من التكلفة على الدولة وعلى سكان تلك البلاد، مما يعني زيادة خدمة الدين على الدولة ومواطنيها، وهناك من يقول إن تخفيض التقييم للسندات الحكومية للولايات المتحدة الأمريكية، سيزيد من ديونها بمقدار مائة مليار دولار، وهذا يعني مزيداً من الديون على دولة كان سبب تخفيض تقييم سنداتها عائد إلى حجم ديونها، كما أن زيادة سعر الفائدة سيؤثر على قدرة بضائعها على المنافسة في الأسواق العالمية، والحقيقة أن هذا الحجم الهائل من الدين الأمريكي الذي يزيد عن أربعة عشر ترليوناً وهو يقرب من مقدار الإنتاج الوطني، يعني مشكلة يصعب حلها إلا من خلال تخفيض الانفاق أو زيادة الدخل أو بهما معاً، لكن هناك مشكلة في تخفيض الإنفاق إذا ما علمنا أن مقدار الإنفاق على الصحة يبلغ نحو سبعمائة مليار دولار، وهو ما يمثل أكثر من سبعة عشر في المائة من الميزانية، والانفاق على وزارة الدفاع يقرب من ذلك.

وأوروبا تماثل أمريكا في مشكلة الديون لكنها تختلف عنها في التركيبة السياسية، فمنطقة اليورو هي مجموعة دول تمثلها عملة واحدة، لكن لكن دولة ميزانيتها وسياستها المالية، مع ضوابط مشتركة، لم يمتثل لها إلا عدد قليل من الدول، وكانت الدولة الأم ألمانيا ومساعدتها فرنسا، تغض الطرف عن تلك المخالفات، حتى بلغ السيل الزبى، وأصبحت الحلول أكثر إيلاماً للشعب وللدولة الأم.

إن أمريكاً وبعض دول اليورو ظلت تعيش في مستوى أعلى من واقعها، وتنفق أكثر مما تجني، وتدفع دولاً مثل الصين وكوريا الجنوبية ودول الخليج وغيرها من الدول جزء من ذلك الفرق بين الإيرادات والمصروفات، حتى بدأت هذه الدول تشك في قدرة المدينة على سداد دينه، ولكن ليس هناك حل، سوى حل واحد فقط، هو الاعتراف بالواقع وتحمل الشعوب معاناة التقشف حتى يتم تقليص الدين أو قضائه، ومن ثم يعود الشعب إلى ما كان عليه من رفاه على حساب الآخرين.

 

نوازع
أزمات اقتصادية
د.محمد بن عبد الرحمن البشر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة