Friday  12/08/2011/2011 Issue 14197

الجمعة 12 رمضان 1432  العدد  14197

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

واحد من فضلاء قريش، والده من شيوخ قريش وسادتها: إنه الصحابي الجليل: جبير بن مُطعم، ويسميه بعضهم جبير بن المُطعم - بالتعريف.. معرفة الصحابة، فقال: هو جبير بن مُطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي، القرشي النوفلي، يكنَّى أبا محمد وقيل أبا عدي، أمه أم حبيب،

ذكر اسمه ونسبه ابن الأثير في أسد الغابة في وقيل: أم جميل بنت سعيد، من بني عامر بن لؤي، وقيل أم جميل بنت شعبة بن عبد الله بن أبي قيس من بني عامر بن لؤي.

وأمها أم حبيب بنت العاص، بن أمية، قاله الزبير بن بكّار. وكان من حلماء قريش وساداتهم، ويعتبر من النسَّابين في قريش، فكان يُؤخذ عنه النسب لقريش خاصة، وللعرب قاطبة، وكان يقول: أخذت النسب من أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وعندما أسر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر الكبرى رجالاً من قريش، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكلمه في أسارى بدر فقال له: «لو كان الشيخ أبوك فأتانا لشفّعناه».

وكان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يد، وهو أنه كان أجار رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما قدم من الطائف، حين دعا ثقيفاً للإسلام، وكان أحد الذين قاموا في نقض الصحيفة، التي كتبتها قريش على بني هاشم، وبني عبد المطلب، إياه عَنَى أبو طالب بقوله:

أمُطعِم إنّ القوم ساموك خُطّةً

وإني متى أوكلْ فلستُ بوائل

ووالد مُطعم كانت وفاته قبل بدر بنحو سبعة أشهر، وكان إسلام ابنه جُبير بعد الحديبية، وقبل الفتح، وقيل أسلم في الفتح (أسد الغابة: 323-324).

وقال الزركلي في الأعلام: جبير بن مطعم بن عدي، بن نوفل بن عبد مناف القرشي، أبو عدي صحابي كان من علماء قريش وسادتهم، توفي بالمدينة عام 59هـ، وعدّه الجاحظ من كبار النسّابين، وفي الإصابة: كان أنسب قرشي لقريش، والعرب قاطبة، روى له البخاري ومسلم 60 حديثاً، فأخذ ترجمته من ستة كتب، منها الإصابة الذي قال فيه بأنه مات سبع أو ثمان أو تسع وخمسين (الأعلام: 103). وقال عنه الذهبي هو جبير بن مُطعم بن عدي بن نوفل بن قصي، شيخ قريش في زمانه، أبو محمد ويقال: أبو عدي القرشي النوفلي، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم.

من الطلقاء الذين حسن إسلامهم، وقد قدم المدينة في فداء الأسارى من قومه، وكان موصوفاً بالحلم ونبل الرأي كأبيه، وكان أبوه هو الذي قام في نقض صحيفة القطيعة كما جاء خبر ذلك عند ابن هشام في السيرة (1 : 374 - 381)، وكان أبوه أيضاً يحنو على أهل الشعب، ويصلهم في السرّ، وهو الذي أجار النبي صلى الله عليه وسلم، حين رجع من الطائف، حتى طاف بعمرة. أما ابنه جُبير فقد كان شريفاً مطاعاً، وله رواية في الحديث، فقد روى عنه ولداه الفقيهان: محمد ونافع، وسليمان بن صرّة، وسعيد بن المسيب، وخلق غيرهم.

وكان جُبير يقول: كنت أكره أذى قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما ظننا أنهم سيقتلونه، لحقت بدير من الديارات، فذهب أهل الدير إلى رأسهم فأخبره، فاجتمعت به، فقصصت عليه أمري فقال: تخاف أن يقتلوه؟ قلت: نعم. قال: وتعرف شبهه لو رأيته مصوّراً؟ قلت: نعم. قال: فأراه صورة مغطاة، كأنها هو وقال: والله لا يقتلوه، ولنقتلنّ من يراد قتله، وإنه لنبي.

قال: فلبثت عندهم حيناً، وعُدتُ إلى مكة، وقد ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فتنكّر لي أهل مكة، وقالوا: هلم أموال الصبية التي عندك، استودعها أبوك. فقلت: ما كنت لأفعل حتى تفرّقوا بين رأسي وجسدي، ولكن دعوني أذهب، فأدفعها إليهم، فقالوا: إن عليك عهد الله وميثاقه أن لا تأكل من طعامه. فقدمت المدينة وقد بلغ رسول الله الخبر، فدخلت عليه، فقال لي: «فيما يقول: إني لأراك جائعاً هلمّوا طعاماً»، فقلت: إني لا آكل خبزك، فإن رأيت أن آكل أكلت وحدثته، قال: فأوف بعهدك.

وقيل لما قُدِمَ على عمر بسيف النعمان بن المنذر، دعا جُبير بن مُطعم بن عدي، فسلمه له، (سير أعلام النبلاء 3 : 96). فكانت محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ورقة قلبه لداعى الهدى تسيران معه، حتى هداه الله للإسلام، فدخل دين الله بطواعية، وحسن استجابة. فقد قال محمد بن عمرو بن أبي سلمه: إن جبير بن مُطعم تزوّج امرأة، فسمى لها صداقها، ثم طلقها قبل الدخول بها فتلا هذه الآية: {إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} (237) سورة البقرة فقال: أنا أحق بالعفو منها، فسلّم إليها الصداق كاملاً» رواه البيهقي.

قال ابن سعد: أما أمّ جُبير: فهي جدّته أم حبيب بنت العاصي بن أمية بن عبد شمس، ومات أبوه المُطعِم بمكة قبل بدر، وله نيف وتسعين سنة فرثاه حسان بن ثابت فيما قيل، وقال:

فلو كان مجدٌ يخلدُ اليوم واحداً

من الناس أنجى مجدُهُ اليوم مُطعما

أجَرتَ رسول الله منهم فأصبحوا

عبيدك ما لبّى مُلبٍّ وأحْرَما

ورُوي عن ابن عباس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليلة قُربه من مكة، في غزوة الفتح: «إن بمكة أربعة نَفَرٍ من قريش، أربأ بهم عن الشرك، وأرغب لهم في الإسلام: عتّاب بن أُسيد وجبير بن مُطِعم، وحكيم بن حزام، وسهيل بن عمرو.

وروى ابن الأثير بسنده المتصل عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه عن محمد بن جبير بن مُطِعم عن أبيه قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة، فكلمته في شيء، فأمرها أن ترجع إليه، فقالت: يا رسول الله أرأيت إن رجعتُ فلم أجدك؟ كأنها تعني الموت، قال: إن لم تجديني فآتي أبا بكر».

وقد رُوي عنه أنه وفد على معاوية بن أبي سفيان، في أيامه الأخيرة، ومن محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل الإسلام، فقد رقّ قلبه لداعي الهدى، فكانتا تسيران معه، حتى هداه الله للإسلام، فدخل دين الله بطواعية، منشرحاً بذلك صدره، وبحسن استجابة. وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مجموعة من الأحاديث فروى عنه بعض التابعين، ومنهم: سليمان بن مِرْد وعبد الرحمن بن أزهر وابناه نافع ومحمد، وهما من الفقهاء، وسعيد بن المسيب وأبو سلمه بن عبد الرحمن، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وغيرهم.

وقد اختلف في تاريخ وفاته: فابن الأثير في أسد الغابة قال: سنة 57، أو 58، أو 59 أخرجه الثلاثة.

وقد احتكم عثمان وطلحة في مسألة من مسائل البيوع إلى جبير بن مطعم، فحكم بأن الخيار لأحدهما، ذلك أن عثمان باع من طلحة أرضاً بالكوفة، فقال لعثمان: إنك قد غبنت. فقال عثمان، بل لي الخيار، لأني اشتريت ما لم أرَ. فحكّما بينهما جُبير بن مُطِعم، فقضى أن الخيار لطلحة لا لعثمان، فرضيا بحكمه (معجم فقه السلف 6 : 77).

ويرى كثيرٌ من علماء السلف منهم الشعبي، والحسن بأن من اشترى شيئاً لم ينظر إليه كان في الخيار إن شاء أخذ، وإن شاء ترك (السابق ص78). فرضي الله عن جُبير بن مُطعم فقد كان فقيهاً حليماً، حباه الله عقلاً راجحاً، وعلماً نافعاً.

 

رجال صدقوا: جُبير بن مُطعِم
د.محمد بن سعد الشويعر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة