Friday  12/08/2011/2011 Issue 14197

الجمعة 12 رمضان 1432  العدد  14197

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

 

نص
رسالة
وليد المحيميد

رجوع

 

امْرأةٌ غَطتْ مَشِيب شَعْرِها، انحنَى ظهرُها لكثْرةِ ضَأنِها، تقدمتْ بوهَنِ حَالِها لأرْضٍ مُتسِعة.

ثَنتْ رُكبتيْهَا، لامسَتْ رمادَ الخَرابِ منْ حوْلهَا، حَبَتْ لوُريقاتٍ بَارزةٍ، سَحبَتْها بِخَوْفٍ، ارتَجفَتْ اليَدانِ وَلامسَتْ الأنَاملُ أطْرافَها!

آيات اللهِ فِيهَا خُطَّتْ، وَبِالظُّلْمِ امْتُهِنتَ.

رفعتْ كفَّيْها : يَا ربّ ؛ يَا ربّ أنتَ أعلمُ منِّي بِالحَالِ فَالطُفْ بنَا معَ الأيَّامِ.

برقيّة ؛ كَطائِرةٍ وَرقيّةٍ، سَكنتْ بجَانبِها، تلقّفتْهَا علَى اسْتحْياء:

رسَالة إليكِ يَا خَالَة..

سَلامٌ عليكِ ورحْمةٌ منَ اللهِ القويِّ المَتِين ,

العَزيزِ الجبَّارِ الرَّحمَن الرَّحِيم.

صَبْراً آلَ غزَّة.. فإنَّ موعدَكُم الجنّة.

خَالتِي ؛ بأيِّ لِسانٍ أُحاكيكِ ؟ وبأيِّ هديةٍ أُسليكِ ؟ وبأيِّ وردةٍ أُعزّيكِ ؟

قُلِبتْ عليكم الآياتُ، فصارَ الأمانُ حُلماً، والضياعُ هيَ الأيَّام.

لله درُّكُم مَا أصبرَكُم!

بعلُكِ بشرفٍ مات، بِقبْرهِ بِلاَ كفنٍ ، فَبِالطُّهْر كُفِن.

والحُورياتُ منْ حولِهِ، تمنَّعَ وقَال: أمّ أبنائي تُؤدّي الأمانةَ وأنَا لهَا مُنتظِر.

قدَّمْتِ أبْناءكِ قُرباناً لربِّ الأربابِ، وكسَبْتِ بِرَّ الأبْناء.

وَابنتُكِ وحيدةٌ، شَابَّة يَافِعةٌ، صَالحةٌ تقيَّة، أنا لهَا خاطبٌ ولِمثلِهَا راغبٌ، وكفَى أنّكِ أمُّها.

مع تحيَّات: ابنك

تبسَّمتْ، ومدَّتْ يدهَا.. غمستْ إصبعهَا بالرَّمَاد، وكتبتْ علَى ظهْرِ الرسَالةِ:

إليكَ يا ابنَ الإسْلام.

سَلامٌ بتحيَّةِ أهلِ الجِنَان.

الظلْمُ دأْب الأيَّام، كَالتَّرف لكُم وِجَاء!

صبرٌ يُخفّفُ وطأةَ الآلامِ، عهْدٌ منَ اللهِ لنْ يضيعَ عدلُ المِيزَان.

بُنيّ ؛ ارفعْ أكُفَّ الضَّراعةِ وَاسْتنصِر النّصِير، وعُدْ إلى ربِّك الرّحيم، وافْعل مَا بوُسْعك وَإليهِ السَّبيل.

أما بُنيتي فقدْ خُطبت، ملكتُها يومَ الحِساب، وزفافُها في جنَّاتِ النَّعِيم.

سَالتْ دمعتي، وخيَّم عليَّ الحُزن.

أمسكْتُ بريشَتِي، رسمْتُ غُصناً أخضرَ رطباً مُمتداً، وَورقةً ذبُلتْ وأخْرَى علَى حَالِها، وردةً حمْرَاءَ تقشّفتْ أطرافُهَا.

تأملتُ لوْحتِي، رغمَ أنهَا باهتةٌ إلاَّ أنهُ تغشَّانِي الفَرَح لجَمالِها..!

فجْأةً..

خُرقَتْ الوردةُ، خُرْقٌ اسْودَّ جَوانبُه!

أخَذتْني الحَيْرةُ وَالدهْشةُ، اغُتِيلتْ ورْدتِي؟!!

قلّبتُ قنواتِ التلْفَاز لعلَّ خبراً عنْها مذكُور!

عاجل..

الصُّورةُ تتحدَّث

« عجوزٌ في فُسْحة أرْض بينَ رُكام الحرْب، رُصَاصَةٌ فِي صدرِهَا لهَا مُمِيتة»

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة