Friday  12/08/2011/2011 Issue 14197

الجمعة 12 رمضان 1432  العدد  14197

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

أفاق اسلامية

 

الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ لـ»الجزيرة»:
مصطلح «الفكر الإسلامي» ليس من الشرع.. ولا بد من وضع ضوابط للطرح الفكري

رجوع

 

الرياض - خاص بـ»الجزيرة»

أكد معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ، أن الإصلاح مرهون بالتمسك بالعقيدة الصحيحة والشريعة، وأن الاعتقاد والتشريع أمران متلازمان، لا ينفك أحدهما عن الآخر، كما أن التمكين في الأرض مقرون بإخلاص العبادة لله تعالى. وقال الشيخ صالح آل الشيخ: إن عبادة الله هي الإصلاح والصلاح.. مطالباً بوضع ضوابط للطرح الفكري، وفق كتاب الله - تعالى -، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقال: إن العديد من طلبة العلم، المثقفين، لا يعون حقيقة مصطلح «الفكر الإسلامي». جاء ذلك في حوار مع معالي الشيخ صالح آل الشيخ، حول كيفية الإصلاح والتغيير في المجتمعات الإسلامية، والمرتكزات التي يجب أن يرتكز عليها التغيير، وماذا يعني مصطلح الفكر الإسلامي؟.. وفيما يلي نص الحوار:

هناك من يفرق بين العقيدة والشريعة في التعاملات في الحياة.. فهل هناك فرق بين الأمرين؟ وما مدى التلازم بينهما؟

- شهادة أن لا إله إلا الله، معناها: لا معبود بحق إلا الله - جل وعلا -، وهذا النفي لأحقية العبادة إلا لله - جل وعلا -، يقتضي أن هناك عبادة، والعبادة لا تصح إلا بعقيدة، وتوحيد، وإخلاص، والعبادات مختلفة، فدلتنا كلمة التوحيد على الارتباط العظيم بين العقيدة والدين والتوحيد، والشرائع والعبادات، وكذلك شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، تخبرنا بأن محمداً صلى الله عليه وسلم هو رسول الله، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين، ومقتضاها: تصديقه - عليه الصلاة والسلام - فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع، واتباع أمره صلى الله عليه وسلم، واجتناب نهيه، هذه هي الشريعة، وبهذا دلت شهادة: أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، على أنه لا انفكاك بين الاعتقاد والعمل، لا انفكاك بين الاعتقاد واتباع شريعة الإسلام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جاء بهذا وهذا، جاء بالعقيدة وجاء بالشريعة.

فالتلازم بين العقيدة والشريعة يعنى به الارتباط بين ما يعتقده المسلم وعمله، بين عقيدة الإسلام، وشريعة الإسلام، بين أركان الإسلام الخمسة، وأركان الإيمان وتفصيلات شعب الإيمان، والإيمان نفسه شعب تجمع الشريعة والعقيدة، إذن لابد من اجتماع الاعتقاد الصحيح، واجتماع العمل الصواب، حتى يكون المرء من أهل البر، ومن ثم فالقول بالتفريق بين الشريعة والعقيدة لا يصح، لأنه تفريق بين متلازمين لا ينفك أحدهما عن الآخر.

ما مدى ارتباط الشريعة بالعمل؟

- الشريعة مرتبطة بالعمل ؛ لأن العمل منشؤه العقيدة، والعقيدة تزيد بالعمل وتنقص بالعمل، فالاعتقاد أهله ليسوا في أصله سواء، وإنما يختلفون فيه بقدر ما في قلوبهم من اليقين الذي يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية ؛ ولهذا كان من عقيدة أهل السنة والجماعة، والسلف الصالح، بما دلتهم عليه النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة، ومن ثمرات الاعتقاد الصحيح: أن يجعل العمل ملازماً لصاحب الاعتقاد، وهذا أمر واضح، ويدل على أن العقيدة والشريعة متلازمان، والله أمرنا بتوحيده وعدم الشرك به والبراءة من الشرك وأهله، وأمرنا بترك المحرمات في موضوعات كثيرة في كتابه - جل وعلا -، فإذا صحت العقيدة صح العمل، وإذا أراد المرء أن يقبل عمله، عليه أن يتبع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

هل للتكامل بين معتقد المؤمن الداخلي وسلوكه الخارجي آثار إيجابية على الإنسان والحياة؟

- التكامل بين معتقد المؤمن الداخلي وسلوكه الخارجي من الآثار الإيجابية، وهي آثار حسنة تمس الفرد والمجتمع، والارتباط بين العقيدة والشريعة، والتلازم بينهما له آثاره على المؤمنين في أنفسهم، وفي تعاملهم مع من حولهم، وكذلك له آثاره على مجتمع أهل الإسلام، وأمة أهل الإسلام، ودولة أهل الإسلام، فإن الله - جل وعلا - أمر عباده إذا مكنهم في الأرض أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئاً، وأن يأمروا بالمعروف، وأن ينهوا عن المنكر، وأن يقيموا الصلاة.

هناك من يتساهل في الأعمال الصالحة، وفي أداء الواجبات، على الرغم من أنهم من أصحاب العقيدة الصحيحة.. فما خطورة ذلك؟

- هذا جهل عظيم ؛ لأنه لو صحت العقيدة، وقويت لقوي العمل الصالح، وإذا ضعف العمل الصالح ضعف الإيمان، وإذا قوي العمل قوي الإيمان، فالإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فإذا قويت عقيدة أحد قوي عمله، وإذا قوي وحسن عمله فإن عقيدته تقوى وتصح، إذا كان عمله على الصواب، وليس المراد بقوة العمل كثرة العمل، بل المراد أن يكون العمل على وفق كتاب الله - تعالى -، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

فإذن لا يحسن أن تظن أن للمرء إتيان ما شاء من المعاصي، ويترك ما يشاء من الواجبات، ثم يكون على عقيدة صحيحة، وهناك من يدعون أنهم على عقيدة صحيحة، ويقولون: إنهم يتبعون السلف الصالح، ولكن إذا رأيت أعمالهم لم تجدها توافق عمل السلف، وإذا رأيت خلقهم لم تجده يماثل خلق السلف، ألسنتهم تخوض في الغيبة، والنميمة، وفي القيل والقال، وعملهم ليس بالحسن، فأهل السنة هم الذين يقولون القول الحسن، ويجتنبون الغيبة والنميمة، وأنهم يصلون، ويتقربون إلى الله، وأنهم يعفون عن الناس، ويأتون الناس بما يحبون، وهذا ثمرة الاعتقاد الصحيح.

الفكر والعلم، والخلط بينهما، وما آثار ذلك على الناس؟

- قضية الفكر والعلم أمر مهم جداً، خاصة أن كثيرين من طلبة العلم، ومن المثقفين من الشباب لا يعون أبعاد هذا المصطلح، ولا يعون ما ينبغي أن يؤخذ به ومالا ينبغي، وقد كثر الذين يكتبون عن الإسلام فكرياً، وانتشرت كتاباتهم في الصحف، فترى كثيراً ممن يكتب عنهم «مفكرون إسلاميون»، لهم كتابات تتسم بأنها فكرية، فما حجم هذه الكتابات؟ وكيف توزن؟ وهل يعتمد عليها أم لا؟ وما حدود هؤلاء المفكرين؟ وما موقعهم الصحيح في الأمة؟

لقد رأينا طائفة من المثقفين علت درجتهم في الثقافة أو توسطت، خلطوا بين الفكر والعلم، حتى صار الفكر دليلاً، وصار ما يكتبه المفكرون أعظم في القناعة، وأعظم في الاتباع مما يكتبه العلماء، وزاد الأمر حتى وصف العلماء بأنهم متأخرون، وأن المفكرين هم المتقدمون.

وما أسباب ظهور مصطلح الفكر الإسلامي؟

- أهم أسباب ظهور مصطلح الفكر الإسلامي: الدفاع عن الإسلام، والرد على المستشرقين، وهجمات أعداء الإسلام، وأعقب هذا ظهور مشكلات متعددة في المسلمين، ومشكلات ثقافية وإعلامية، ومشكلات من جهة الالتزام بالدين، والقناعة به، ومشكلات اقتصادية، وشبهات تتعلق بالسياسة، والاقتصاد، والتاريخ، وبمواقف علماء المسلمين، وشبهات تتعلق بالنصوص، وما مدى العمل بالنص، ومدى العمل بالقواعد، وأصول الفقه، فظهر أولئك المفكرون ليدلوا بدلوهم في بيان حقيقة ما عليه الأمة في هذه العلوم، وذلك المضمار، فظهرت كتابات متنوعة امتزج فيها الصواب بالخطأ، وسبب ذلك الفكر انعدام العلم الشرعي، ثم ظهرت مدارس فكرية مختلفة لها وجهات نظر مختلفة في علاج مشكلات المسلمين، وفي الرد على الأعداء، وحدث نوع من التحزب بين المفكرين، فكل من أعجب بفكرة عالم أو مثقف فإن التبعية ستكون له، فظهر بعد ذلك مفكرون اتبعوا المفكرين الأصليين، أو ظهر فكر يتبع أساسيات تلك الأفكار، حتى توسعت الشقة، ومن ثم فإن نشأة الفكر لم تكن نشأة على علم، وإنما كانت نشأة عاطفية اندفاعية ليست مؤصلة، وإنما كانت بحسب الحال دفاعاً عن تاريخ، دفاعاً عن الإسلام، ولكن بطريقة غير مقننة، وغير منظمة، وغير مؤصلة أو منضبطة، وبالتالي ظهرت كثير من الكتابات التي تراها اليوم لمن يسمون بمفكرين إسلاميين، وفي الحقيقة إنما هم مفكرون ليسوا بإسلاميين ؛ لأنهم تارة يفكرون بالنظرة الاشتراكية، وتارة بالنظرة الاعتزالية، وتارة بنظرات مختلفة، فنشأ ما يسمى بالتنوير، والاجتهاد، والتطور، والتقدم.

وما الفرق بين الفكر الإسلامي والمفكر الإسلامي؟

- الفكر الإسلامي هو عمل المسلمين العقلي، ونتاجهم الفكري، في سبيل خدمة الإسلام بياناً ودفاعاً، وقد سُئِل الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - عن مصطلح «فكر إسلامي»، وهل يجوز أن يقال؟ فقال الشيخ ابن عثيمين: «إن كلمة (فكر إسلامي) من الألفاظ التي يحذر منها، إذ مقتضاها أننا جعلنا الإسلام عبارة عن أفكار قابلة للأخذ والرد، لأن الفكر رأي، فإذا قلنا (فكر إسلامي) فمعناها أن الإسلام صار مجموعة أفكار قابلة للأخذ والرد، قابلة للنقاش، وهذا خطر عظيم أدخله أعداء الإسلام من حيث لا نشعر.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة