لا شك أن العمل الخير والإغاثي، قد تعرض لامتحان كبير، وإعادة فحص وبحث، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ثم مرحلة الإرهاب الأعمى لنشاطات ما عرف بتنظيم القاعدة في البلاد.

و ما أظهره الكشف عن خلايا محلية لتنظيم القاعدة وبحوزتهم مبالغ نقدية ضخمة، فيما قاد البحث عن أبرز مجالات تمويل العمليات الإرهابية، إلى جمعيات خيرية وصناديق للتبرعات.

رصد تداخل بعض فروع العمل الخيري مع تمويل الإرهاب ظل عملية دقيقة، وتتبع مسارات حركة المال التقليدية النقدية، والتى ظلت مجال اختراق نحو تحصيل الأموال لتجنيد وتمويل عملياتها الهدامة - هي عملية معقدة.

ولأن القضاء على تلك العمليات يتطلب: أولاً - تجفيف مصادر تمويلها، فقد أصبحت عمليات جمع التبرعات وصناديقها خاضعة للرقابة المشددة، أو تحت المجهر.

والحقيقة أن كل متبرع ومقدم للخير هو من أنصار هذه الرقابة، لأن من أبسط حقوق المتبرع أن يعرف إلى أين تتجه أمواله؟ وهل هي تذهب للهدف والنية التى خرجت لأجلها؟.

وحتى لا تذهب الأموال التى قدمت بنوايا خيرة إلى فعال الشر، أو يتم خلط الأموال الطيبة مع أموال القتل وزعزعة الأمن.

والحقيقة أنه، لا شيء يمكن له أن يحمي العمل الخيري، ونشاطات الإغاثة الإنسانية، سوى الوضوح والشفافية التى يفترض أن تكون في قمة معاييرها. وتحقق شفافية لحساباتها بشكل واضح لا يرقى إليه الشك.

هذا الشهر، أقامت مجلة فوربز الشرق الاوسط، حفلاً للجمعيات الخيرية الأكثر شفافية في العالم العربي، القائمة ضمت 54 جمعية، بينها فقط خمس(5) جمعيات سعودية خيرية، فقد حل في المركز الـ10 الجمعية الخيرية لمتلازمة داون- دسكا- ثم في الترتيب الـ12 الجمعية الخيرية الصحية لرعاية المرضى -عناية- ثم في المركز الـ15 جمعية زهرة لسرطان الثدي، وفي الـ22 الجمعية السعودية الخيرية لمرضى الإيدز، وفي المرتبة الـ30 جاءت جمعية المكفوفين الخيرية بمنطقة الرياض.

وهذه الجمعيات السعودية الخيرية والإغاثية التي دخلت قائمة الشفافية فقط، ونلاحظ أنها جميعاً جمعيات ذات أهداف صحية، وتعنى بجوانب طبية، وليست بالضرورة تعكس المؤسسات الخيرية المحلية الضخمة، والسبب -حسب القائمين على الملف- هو غياب الشفافية من قبل جمعيات رفضت الكشف عن حساباتها.

الأمر الذي يجعلنا نتساءل: هل بالفعل مازال العمل الخيري والإغاثي يواجه أزمة ثقة وشفافية؟، ولماذا لا تنشر الجمعيات قوائمها المالية؟.

الشفافية هي طريقها لممارسة دورها الإنساني الخير، عليها ألا تخاف من أي رقابة أو مطالبات بالشفافية، لأن ما تقوم به يسمو ليكون تحت ضوء الشمس بتفاصيله ونواياه الطيبة.

إلى لقاء..