Thursday  18/08/2011/2011 Issue 14203

الخميس 18 رمضان 1432  العدد  14203

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

      

أوردت مجلة الإيكونومست مقارنة بين أفراد اليمين الغربي المتطرف (skinheads) وأعضاء الجماعات الجهادية، وخلصت إلى أن عوامل الكراهية الموجودة عند كل من الطرفين ربما تكون مختلفة؛ لكن الجذور متشابهة إلى حد بعيد. وعندما حدثت تفجيرات أوسلو قبل أسابيع تأكد ما ذهبت إليه المجلة في مقارنتها، إذ أعلنت المجموعة التي تبنت التفجيرات (وهي مجموعة يمينية متطرفة) أنها منظمة لمساعدي الجهاد العالمي.

وتلك – في الواقع – إرهاصات تذكرنا بما كانت عليه الحال أيام منظمات الإرهاب اليسارية القوية في سبعينات القرن الماضي، التي كانت تتحالف مع بعض الاتجاهات الدينية التي لا تتفق معها في المبادئ على الإطلاق، بسبب كون الطرفين يضمران العداوة للاستبداد الرأسمالي المتمثل في القوى الغربية. فهل تكرر هذا التحالف بأطراف مختلفة هذه المرة؟ حقيقة لا نستطيع أن نقول بأنه تكرار لتحالف السبعينات، لكون تلك الأطراف لم تكن تقوم أساساً على الكراهية، كما هي الحال في حليفي القرن الحادي والعشرين. بل إن تلك المنظمات اليسارية كانت تحب الطبقات الفقيرة، وتحمل الضغينة على الأقوياء ومستغلي الشعوب – حسب رؤيتهم. أما حلفاء هذا العصر، فقاسمهم المشترك هو كره تلك الجماعات اليمينية لبعض الأعراق، وكره الجماعات الإسلامية للغربيين بشكل عام ونمط حياتهم على وجه الخصوص.

فالقضية تدخل فعلاً في المفارقات المنطقية أن يجلس أحد النازيين الجدد السابقين – على سبيل المثال – مع مجموعة من المتطرفين الإسلاميين السابقين، أو مع أحد من كان عضواً في عصابات الشوارع الإجرامية. لكن ما لم يكن متوقعاً حدث في السابع والعشرين من يونيو الفائت، عندما اشتركوا في منصة مؤتمر، ليناقشوا التطرف والعنف بحضور ستين عضواً سابقاً من تسعة عشر بلداً. وكان اللقاء قد نظمته شركة جوجل، تحت ما يسمى “Google Ideas”، وهو أحد مراكز جوجل الفكرية على الإنترنت. وتقول شركة البحث العملاقة على لسان رئيسها إريك شميت، بأنها تحاول أن تصل إلى الأفكار التي تجعل العالم أكثر أمناً. ولهذا سعت إلى عقد تلك القمة الغريبة المسماة: Summit Against Violent Extremism (SAVE) في دبلن.

وخلافاً لما سعت إليه بعض الحكومات الغربية، خاصة الإدارة الأمريكية السابقة، بواسطة الوسائل العسكرية وشن الحروب على مفارخ الإرهاب ودعاة العنف، بتبريرات روج لها مفكرو تلك الإدارة من المحافظين الجدد، تحت عنوان: “إنهم يكرهون حريتنا”، دعا مفكرو جوجل إلى اتباع طريق آخر من خلال تبين أن دوافع الناس للانتماء إلى الإرهاب أو للانضمام إلى الجماعات المتطرفة ليست بهذه السهولة، بل هي عملية شديدة التعقيد.

فعندما يحكي بعض الأعضاء السابقين عن تجاربهم وأجزاء من حياتهم السابقة لانضمامهم إلى تلك الجماعات المتطرفة يبدو الأسى واضحاً في تلك الحكايات، والنبرة الأليمة لعدم قدرة المجتمعات الحديثة – حتى المتقدمة منها – على احتواء تلك الحالات الإنسانية البائسة، قبل أن يستفحل بها حال الإحباط، وتتحول إلى بؤرة كراهية لأطر النفاق والأشكال المنمقة في وصف أحوال الطبقات الدنيا من المجتمعات. ولم يغب عن بال المنظمين أن المنتمين إلى الجماعات الإسلامية كانت تدفعهم الأيديولوجيا في كثير من الأحيان أكثر من المظلمة الشخصية، وأن دوافعهم تكون – عادة – جمعية؛ تنبع من عدم وجود العدالة في العالم.

لكن حل مشكلات التطرف والعنف ليست من خلال الحوار والإقناع فحسب؛ بل لا بد من إيجاد مراحل متدرجة من العمل البناء نحو أنسنة السياسة. فأغلب المجرمين في عصرنا الحديث بدأوا ضعفاء، لكن دهاقنة الصفقات الاقتصادية والصراعات السياسية جعلوهم أسياداً في عالم الجريمة ومتمكنين من وسائل العنف. فهل يعود أولئك المضاربون إلى رشدهم؟

 

رؤية
دعاة العنف والكراهية
أ.د. فالح العجمي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة