Sunday  21/08/2011/2011 Issue 14206

الأحد 21 رمضان 1432  العدد  14206

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

خواطر من المملكة.. تحية للأمير نايف
ناصر محمد الأزمع

رجوع

 

هذه هي المرة الثالثة التي يقدر لي فيها أن أزور هذه البلاد المباركة التي دائماً ما أتطلع لزيارتها، فهي كحامل المسك عندنا -نحن اليمنيين- لا يعود منها أحد خالي الوفاض، فإما أن يؤدي حجةً أو عمرة أو ان يتداوى في أحد مستشفياتها العامة أو على الأقل يشتري منها متاعاً بسعر أفضل ثم يعود إلى بلاده.

في كل هذه المرات الثلاث كان لزاماً علي أن يكون ميناء الدخول إلى المملكة هو ميناء الخضراء البري بحكم القرب الجغرافي للمنطقة التي أنتمي إليها وهي مدينة براقش التاريخية التي تتوسط محافظتي مأرب بالجوف اليمنيتين اولاً وثانياً هو أن لي أقارب في نجران يعتبر الدخول إلى السعودية فرصة جيدة لزيارتهم وصلتهم باعتبارهم أرحاما صلتهم واجبة.

ومع أن المسافة التي تفصل قريتي الصغيرة عن ميناء الخضراء البري لا تتجاوز 200 كم مقارنة بالمسافة التي أقطعها بعد دخولي منه إلى المملكة، والتي لا تقل عن 1000كم فيما إذا قررت الذهاب إلى إحدى المدن الرئيسية الثلاث (مكة المكرمة، الرياض، جدة)، إلا أن ال1000 كم تبدو أسهل بكثير لقطعها من ال 200 كم لأسباب كثيرة ومتعددة أهمها الجانب الأمني والخدماتي، وإليكم الفرق.

ال200 كم قصة مختلفة تماماً رغم أنها مسافة قصيرة مقارنة بالطرق العامة في هذه البلاد، إذ إنك بحاجة فيها إلى إعداد العدة للسفر؛ فهناك طريق تنعدم فيه الخدمات وينعدم فيه الأمن أحياناً نتيجة لوجود الثارات بيننا نحن القبائل هناك أو القطاعات -بكسر القاف- التي ينصبها رجال القبائل لبعضهم البعض بغرض رد حق أو دفع مظلمة أو حتى العكس إذا ما وافق هوى هذا أو ذاك، لابد لك وأنت مسافر أن تحمل سلاحك كجزء أساسي من مستلزمات الرحلة، وتأخذ اثنين إلى ثلاثة من أبناء قبيلتك لمرافقتك لمواجهة ما قد يطرا في الطريق- لا سمح الله.

لكن بمجرد وصولي إلى محاذاة المنفذ السعودي بعد تجاوز خشبة البقع أضع كل ما علي من سلاح ليتناوله أحد الذين قدموا لمرافقتي إلى ذلك المكان ليحمله معه في طريق العودة، ومن هنا يبدأ الاهتمام بتجهيز وثائق السفر بدلاً من الاهتمام بالسلاح للولوج إلى هذه البلاد الطيبة في أجواء رائعة من الأمن والأمان والخدمات المنتشرة على طول الطرق الممتدة لمئات الكيلو مترات في صحراء لا تكاد تنقطع لكن سعتها وطمأنينية المسافر فيها تجعل السير فيها متعة عندما يعرف المسافر فيها أن هناك دولة ورجال يواصلون الليل بالنهار حفاظاً على أمنه وعلى سلامته.

لا أرى فرقاً جوهرياً بين رجال القبائل اليمنية ورجال القبائل السعودية فجميعها قبائل شديدة شرسة صعبة المراس، ولا في الطبيعة والتضاريس فهي متقاربة إلى حد كبير، إلا أن الفرق الجوهري يكمن في الدولة ورجالاتها، فهنا في السعودية مثلاً جعلوا من رجل القبيلة عنصر خير ومساهما فاعلا في بناء الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره، أعطته الدولة حقوقه وألزمته بتنفيذ واجباته وأوجدت وسائل الضبط والردع التي تحكم ذلك في تجلٍ واضح لمفهوم المواطنة، فانتشر الأمن وعم الخير.

قطعت ال1000 كم دون أن أشعر بعناء السفر، ولا بالخوف من قاطع طريق يترصدك قد يدفعك إلى قتاله وقتله أو العكس منه وأخذ كل شيء منك، ولا أخفي أنني قطعت جلها نائماً على إحدى مقاعد حافلة النقل الجماعي الآتية من هناك من نجران إلى الرياض.

هنا أدركت أين تكمن قوة المملكة، وأين يكمن سر نهضتها وتنميتها وتقدمها، إنه الأمن، وللأمن في المجتمعات القول الفصل فأين ما وُجد الأمن وُجدت الحياة والتنمية والاستقرار المعيشي والاجتماعي، ولا يمكن للأمن أن يأتي هكذا اعتباطاً لولا وجود رجال يسهرون ويتعبون لتوفيره ليغطي مساحة شاسعة تناهز مليوناً وستمائة ألف كيلو متر مربع.

في هذه اللحظة، تذكرت صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز -حفظه الله- المسؤول المباشر عن أمن هذه المساحة المترامية الأطراف وسكانها وزائريها والوافدين إليها من خلال موقعه على رأس وزارة الداخلية لسنوات طويلة، تذكرت مدى الجهد والتعب الذي يبذله هذا الرجل مع رجالاته الأوفياء لأداء هذه المهمة الكبيرة والمجهدة في نفس الوقت، إنهم رجال يقدرون شرف المسؤولية ويعملون لأداء كل ما يترتب عليها من مهام ومسؤوليات.

- مدير عام الهيئة العامة للكتاب في مأرب بالجمهورية اليمنية

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة