يعتصر الألم قلب كل محب لفراق رجل، وإنسان، وشاعر، ورياضي، ومسؤول ناجح، ومواطن ورجل أعمال مخلص في كل المجالات المتنوعة التي ارتبطت بتاريخ وسيرة الأمير محمد العبدالله الفيصل الذي انتقل إلى الدار الآخرة تغمده الله بواسع رحمته ومغفرته.

فمنذ تخرجه من جامعة فريبور في سويسرا عام 1967م حيث تدرّج من محاسب في مؤسسة النقد العربي السعودي ثم شغل مدير وحدة التنظيم والإدارة في وزارة المعارف عام 1972م، بعد ذلك مديراً عاماً للبعثات الخارجية والعلاقات الثقافية بوزارة المعارف، ثم مديراً عاماً للشؤون الإدارية والمالية وبعدها وكيلاً مساعداً للشؤون الإدارية والمالية، وكما سجّل نجاحات متتالية على الصعيد الرسمي العام فقد سجّل حضوره في الوطن الغالي نجاحات مماثلة على الصعيد الخاص والتجاري كرئيس لشركة أسمنت القصيم، ورئيس مجلس إدارة شركة الفيصلية القابضة ورئيس لمجلس إدارة مجموعة التكامل الدولية للاستثمار، أما على صعيد (الشعر) فيكفي تاريخ (أبو تركي) وسجله الأدبي الخالد أنه من أسماء رموز الشعر الغنائي السعودي التي تُحسب على أصابع اليد الواحدة قبل ما يربو على أربعين عاماً حيث كان لهم فضل تجاوز الزمان حيث سبقوه في شعرهم الرائع وقدموا بإمضاء بصمتهم في جبين أجمل مراحل الأغنية السعودية الشفافية المتناهية، والمفردة المنتقاة بعناية، والوصف الآسر العذب المُبْهِر، والتفرّد في الصور، والإتقان في تضمين تداعيات البوح، وكل هذا هو ما أوصل الأغنية السعودية لمكانتها المتقدمة جداً في طليعة الأغنية العربية آنذاك وهو إنجاز كبير يُحسب لمن صنعوه أمام التاريخ وكل مؤرخ وناقد منصف يشهد بأن المستمع العربي لم يكن يعرف من شعراء الأغنية العربية إلا شعراء الفنانة فيروز (الرحابنة) في لبنان، وشعراء الفنانة أم كلثوم (أحمد رامي وبيرم التونسي ومرسي جميل عزيز) وشعراء الفنان عبدالحليم حافظ (محمد حمزة ونزار قباني) وقلة آخرين كالشاعر أحمد شوقي أحد أشهر من غنى لهم الفنان محمد عبدالوهاب.

ومما قاله الأمير الشاعر محمد العبدالله الفيصل -رحمه الله- قبل ما يربو على أربعين سنة بصوت الفنان طلال مداح رحمه الله:

(لا وعد.. لا أمل كاذب أبد.. لا سراب.. لا أماني فرح يطويها العذاب).

وكذلك يقول -في قصيدته - (أنادي):

(غابت.. شمس الأمل عن ناظري غابت.. وذابت.. كل المنى في دمعتي ذابت). وفي قصيدته الشهيرة -مقادير - يقول: (مقادير.. وتمضي حياتي.. مشاوير وأتمنى الهنا.. مقادير) إلى أن قال رحمه الله:

(كان الفرح غايب.. وأثر الأمل كاذب).

ومن روائعه التي غناها الفنان محمد عبده:

(شوفي ياعيني الحنان.. اللي عمري ما عرفته... صار لي بستناه زمان.. كان أمل غالي ونلته).

وقد أصدر -رحمه الله- أربعة دواوين شعرية هي: (دروب الليالي، رسائل محبة، همس القلوب، الأخير) ثم أصدر المجموعة الكاملة باسم (آخر المشوار).

وقفة للأمير الشاعر محمد العبدالله الفيصل -رحمه الله-

راعيت شعورك ودفنت في قلبي الأنين.

قدرت ظروفك وطفّيت في عيني الحنين..

رحلت لا تشقى بعذابي..

ولا تمزّق من غيابي..

كان بودي إني أبدي لك ظنوني..

حتى تعرف قد إيه تبكي عيوني..

وحتى ما تدرك مرادي..

وإنشغال فكري وسهادي..