Saturday  27/08/2011/2011 Issue 14212

السبت 27 رمضان 1432  العدد  14212

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

تحقيقات

 

(الجزيرة) رافقت الجوالة في رحلتهم التي استغرقت أسبوعاً
فصول ممتعة لرحلة صيد في إفريقيا

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Previous

Next

الجزيرة - خليفة الخليفة

في رحلة استغرقت من الزمن أسبوعا واحدا وضمت عددا من هواة الصيد ومحبي الرحلات، وبعد التخطيط والتنسيق والإعداد الجيد لها، كان هناك مضيفنا على أتم الاستعداد لاستقبالنا وكان في انتظار وصولنا الذي تأخر عن موعده ليلة بسبب طول السفر والحجوزات حيث أعد لنا صيدا دسما كان ينوي أن يضيفنا به فور وصولنا كعادة أهل بلدته الصغيرة بحجمها الكبيرة بكرمها عند قدوم الضيف، وعندما تأخرنا ترك جزءا من اللحم واحتفظ بالجلد والرأس ليؤكد لنا ويبرهن على أنه أعد لضيافتنا صيدا ثمينا يليق بمقامنا كما يقول وكيف لا ونحن القادمون من أطهر بقاع الأرض.

وقت وصولنا كان بعد صلاة الجمعة، وبعد استراحة قصيرة في استراحة أعدت من أكواخ الخشب والمزينة من الداخل بقطع من القماش المرقع ترقيعا من هنا وهناك حتى بدت وكأنها قطعة فنية مزخرفة توجهنا برفقة مضيفنا إلي موقع الصيد بالجبل عبر طريق وعر حيث اختير مكان قريب لمعسكرنا تحت الأشجار المظلة، وبعد مشوار استغرق أقل من ساعة من قرية مضيفنا وصلنا المكان المراد وبعد أن استقرينا بدأنا نتساءل ونتشاور عن ماذا سيكون العشاء هل نطبخ ما تبقى من لحمة مضيفنا أم نبحث عن ذبيحة نشتريها من الرعاة أم نصطاد بعض الطيور فكل الخيارات والحمد لله متاحة قررنا أن نجهز القهوة ونرتاح قليلا فكان ذلك هو الأجدى والرأي الموفق وبعد استراحة أتى الرزق من الله تحمله الناقة بوسقها تنوء عن حمله، إنه العشاء وأي عشاء، إنه صيد (البدن) تيس من وعول الجبل أمسكوا به أمس جماعة مضيفنا وجعله مفاجأة لنا من أهل القرية والذين علموا بمجيئنا فأحضروه لنا ليتم ذبحه للعشاء ضيافة أخرى وإن دفعنا مقابل أتعابهم ما تيسر من المال فلن نوفيهم حقهم إنهم حقا كرماء ولطفاء رغم الفاقة وقلة ما باليد، وتبدأ تباشير السعد والفال الحسن بوجود صيد وافر في هذه الجبال الشاهقة والعسرة إلا على أهلها فهم أدرى بسوالك طرقها، يخبرنا مضيفنا أن رجال الجبل يرغبون بمرافقتنا والعمل معنا كحواش للصيد فما علينا إلا اتخاذ أماكن معينه بالجبل ويذهب (الحواشة) بخبرتهم يبحثون ويحوشون الصيد باتجاهنا ليتم صيده نعلم أنه سيذهب جزء كبير من المتعة وعناء البحث عن الصيد لكن كان لا بد من الاستعانة بهم فيتم الاتفاق معهم بتوفير عدد 20 حواشا كانوا موجودين شكوا لنا حالهم وقلة حيلتهم فهم معدمون ويحتاجون للسكر والقهوة (الجبنة) والعجوة (التمر) وطحين الذرة ليضعوا لهم العصيدة إضافة إلى الدقيق، فيتبرع بذلك أحد الزملاء بدفع المال لهم لكن عليهم إحضارها من أقرب الأسواق إليهم فتذهب الناقة (الرحول) الوحيدة لديهم وخلال سبع ساعات تحضر لهم المطلوب ويبدؤون معها ليلة السعد فالقهوة التي أدمنوها وافتقدوها قد توفرت والذرة المطلوبة للعصيدة قد أتت والسكر الذي لا يستغنون عنه مع القهوة قد توفر أيضا فتبدأ رحلة إعداد القهوة من الحمس وطحنها بالدق يدويا للقهوة والتي عانينا منها نحن ليلا فهم يحتفلون ونحن نريد النوم والخلود إليه، وفي الصباح يتوجه الحواشة للجبل يعد أن عدلوا أمزجتهم بالقهوة وأكلوا من عصيد الذرة حتى الشبواستمتعوا بليلتهم كانوا سعداء جدا وهم يتجهون ويستقبلون بالأهازيج والغناء بدؤوا يوما مختلفا حتى لج وصج الجبل ففقدنا مع هذه الأصوات الأمل بالعثور على الصيد ودب اليأس بنفوسنا أن الصيد قد جفل ورحل فمن خبرتنا أن الصيد بالجبل ينفر ويبتعد من رائحة وصوت الإنسان وصياد الجبل لا بد أن يتمتع بقدر كبير من الصمت والخفة في الحركة ومعرفة الاتجاهات حتى لا يشعر به الصيد فينفر وكذا اتجاه الرياح لا بد من مراعاتها لإتيان الصيد من الجهة المقابلة لهبوبها حيث يقال: إن الصيد يصدق أنفه ويكذب عينه.

صيد الجبل

صعدنا الجبل وانتظرنا وبعد انتظار طويل إلى ساعات الظهر تقريبا عاد من عاد للسيارات والمعسكر وبقي من بقي وانتظر بالجبل منا من كان أكثر صبرا وأكثر شوقا للصيد وأكثر تحملا فما هي إلا لحظات قصيرة بعد عودتنا إلا ونسمع صوت البندقية يدوي بالجبل على الصيد ساعة واحده بعدها يعود الصيادة والحواشة يحملون الخير وثلاثة من (البدُن) وعول الجبل ذات القرون الطويلة المنحنية للظهر وتبدأ معها الاحتفالات في معسكرنا ومعسكر الحواشه بعد أن طلبنا منهم الابتعاد قليلا واختيار معسكر لهم في مكان آخر بالجبل ليتوفر لنا قليلا من الهدوء قد عدمناه البارحة منهم، بعد الصيد والظفر به في يومنا الأول تظهر إبداعات أعضاء الرحلة في الطبخ والشوي بعد السلخ وتقطيع اللحم ووضع ما زاد عن الحاجة في الثلاجة المعدة لذلك التي تعمل على محول يتغذى من بطارية السيارة، وبعد ليلة أخرى في الجبل كانت هادئة جدا بالنسبة لنا لكنها لمضيفنا والحواشة لم تكن كذلك فقد تخابر أهل الجبل عن وجودنا وعلموا بالقهوة والسكر والعصيدة المجانية المقدمة لأهل الجبل وتوافدوا من كل حدب وصوب يطمعون بالمشاركة بالعمل كحواشه وبعضهم يحمل السلاح الخاص به ويرغب في الاستفادة منه بالصيد كانوا لطيفين جدا في معاملتهم راغبين بالعمل وكل يقدم نفسه على أنه خبير وعليم بصيد الجبل مؤكدين أنه يحتوي على أنواع كثيرة من الصيد إضافة إلى البدون فهناك ما يسمونه أبو شوك (النيص) والوبر والأرنب والغزال لكن وعورة الأرض لا تساعد على التنقل بها بالسيارة والأفضل الصيد بها ليلا إلى جانب الصيد نهارا بطلوع الجبل، عند الصباح أكدوا لنا أنهم سيذهبون بنا إلى مركز الصيد الرئيسي في منطقتهم وأخبرونا بأننا سنشاهد قطعانا من الصيد وانتشر الحواشة بعد تغيير المكان والجبل لكننا كنا نشك بالعثور على الصيد بعد كثرة الأصوات والضجيج بالأمس الذي حدث رغم تغيير المكان من قمة جبل إلى قمة أخرى بعض الشباب يصعدون الجبل والبعض الآخر يفضل البقاء والبحث عن الصيد بالسيارة والتجول لمشاهدة وصيد الظباء وجلب الماء من إحدى الآبار العذبة لكن وعورة الأرض حالت دون ذلك وبلوغ مرادهم رغم مشاهدة أعداد منها كما تم البحث عن القمري لكن لم يكون له وجود مع الظهيرة عدنا لمقر المعسكر وبعد الظهيرة عادوا من صعدوا الجبل دون أن يصطادوا شيئا فقد كنا صائبين بظننا بعدم العثور على الصيد الذي قد جفل بالأمس وبعد تناول الغداء لاحظنا كثير من طابي الرزق حتى أحصينا 70 فردا جاؤوا لمكان تواجدنا فقررنا الرحيل وتغيير المكان بعد اختيار ثلاثة منهم لمرافقتنا ومندوبا من مضيفنا.

في شعاب الضباع

حملنا أمتعتنا وتوجهنا لأحد الشعاب بالجهة الأخرى من الجبل تبعد ما يقارب الخمسة عشر كم من مقر معسكرنا الأول فدخلنا أحد الشعاب باتجاه إحدى القمم العالية فكانت الأرض توحي بأنها أفضل بكثير من الأولى فهي خالية من البشر نهائيا وشعابها بطحاء نظيفة لم تدُس أرضها إلا الصيد والضباع فأزلنا بعض العوائق من الأحجار الكبيرة المتساقطة في مجرى الوادي وتعوق المرور ففتحنا بعض الممرات لسياراتنا للوصول إلى أقرب نقطة من هذه القمة وكان مجيئنا عصرا تم تجهيز العشاء والسمر في أجواء عليلة فظل البعض منا التجول ليلا فكان لهم ذلك لمشاهدة الصيد وتصويره وما تحتويه هذه الجبال فشاهدو الغزال والأرانب والضباع والذئاب واصطادوا أرنبا ومع الصباح وبعد تناول القهوة والإفطار فضل البعض منا صعود الجبل الذي عانق السحاب والبعض الآخر فضل البحث عن القمري عله يجد له أثرا فإذا بأثر الضباع تدوس على أثر سياراتنا بالأمس عند دخولنا لم تكون الضباع وحدها بل هناك أثر لآدميين يتبعان أثرنا فأين ذهبت؟ ولماذا أتيا؟ وما هي إلا ساعات قليلة لتأتي تباشير الصيد وعبر أجهزة الاتصال نتباشر بالعثور على الصيد وصيد اثنين من البدون حرصنا على أن تنقل كاملة دون تقطيع من قمة الجبل فإذا بالاثنين اللذين يتبعان أثرنا هما من حواش الأمس وصلا إلى المعسكر بعد تقفي أثرنا والرغبة بمرافقتنا فطلبنا منهما فورا الالتحاق بالعمل لمساعدة الثلاثة الآخرين بتنزيل الصيد يتم تجهيز الغداء والعشاء ولحم الصيد بوفرة والحمد لله وكان يوم الاثنين فقررنا أن نغادر صباح الثلاثاء بعد أن مكثنا أربعة أيام في الصيد لتكون المتعة في اليومين الأخيرين أكثر وانسجمنا مع من اخترنا من الحواشة وكانوا مثالا للأخلاق والأنس حتى أن أحدهم بكى بكاء شديدا عند مغادرتنا وبعد أن استعرضوا مهاراتهم بالفنون والرقص الشعبي لديهم ودعناهم وكانوا يلحون علينا بالبقاء لو يوما واحدا إضافيا، لكننا غادرنا بعد أن أوصلناهم منازلهم، ثم غادرنا إلى مملكتنا الحبيبة كانت هذه الرحلة في الجبال الشمالية لم تخلُ رحلتنا من عمل الخير والصدقات ورسم الصورة الحسنة عن المواطن السعودي وتمثيل بلدنا أفضل تمثيل لدى هذه القبائل وحفر بعض الآبار كصدقة جارية ليستفيدوا من مائها كما قمنا بزيارة بعض المدارس القرآنية والتبرع لها بما جادت به نفوس أعضاء الفريق والذي ضم كل من فهد بن محمد البزيع، سلطان بن منصور المالك، صخر الضلعان، صالحلغفيلي، ناصر بن صالح الجربوع، خليفة بن محمد الخليفة حيث يؤكد الجميع أن مثل هذه الرحلات تعود بالنفع ويمكن الاستفادة منها في عمل الخير وتقديم المساعدة للفقراء ورسم صورة جميلة وإعطاء انطباع حسن عن شهامة أبناء هذا الوطن المعطاء وهذا ما حرص عليه أعضاء الرحلة في رحلتهم إلى إفريقيا القارة السمراء.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة