Monday  05/09/2011/2011 Issue 14221

الأثنين 07 شوال 1432  العدد  14221

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

تطاردني أسئلة منذ أعوام، ومهما حاولت أن أهرب منها في اتجاه معاكس تظهر لي علامات استفهام لا حصر لها في ذلك الاتجاه. ويأتي في مقدمة تلك الأسئله سؤال لا يتجاوز بضع كلمات، إلا أنني أجد فيه هيبة جيش جرار يلحق بي كلما حاولت أن أستريح قليلاً من معاناته..، مضمونه: بعد عقود منذ بدأت الخطط الخمسية: لماذا لم تصل بعد مدننا وأريافنا إلى أجواء صالحة للعيش والاستقرار، ولماذا لم ننجح في إكمال مشاريع تصريف سيول لمدينة واحدة، أو نصل إلى حل إشكالية العطش فيها، ولماذا نظل نعيد ونكرر فشلنا في كل مشروع يتم إقراره، وهل ننسى مشاريع تصريف السيول في جدة؟ فقد تجاوزت الفشل في إتمام كل المعدلات العالمية، ولم تعد الكلمات وما بينها قادرة أن تصف ما يحدث، وعسى أن تكون هذه سنة الختمة بعد سنوات فشل إتمام المشروع الحيوي في ثاني أكبر مدينة في المملكة.ينطبق ذلك على كثير من المشاريع التي تُدار من خلال ثقافة العقل المركزي، الذي لم ولن يجد الوقت والجهد المناسبين لمراقبة مختلف المشاريع التي أصبح نقصانها عائقاً في أن نصل إلى مرحلة يكون العيش في الوطن رفاهية وأمنية للآخرين، بدلاً من واقع يستغله بعض لجمع المال ثم الهرب بعيداً عن الوطن...، تتضاعف أسئلتي وتصبح مثل الضجيج المستمر، إذا سمعت أحدهم يعلق على ارتفاع أسعار العقار في المدن الأوروبية، وأن السعوديين السبب الذي أدى إلى ارتفاع أسعار العقار فيها، بعد أن تسابقوا على دفع الأموال الطائلة لشراء القصور والفلل السكنية.

يا ترى، لماذا يهرب بعض السعوديين إلى الخارج؟ ولماذا لا يجدون وطنهم مكاناً جذاباً لاستثماراتهم ومستقبلهم، وهل قدرنا أن تكون بلادنا مثل ورشة عمل للأجانب وبعض رجال الأعمال للتحصيل المادي ثم الهرب للخارج؟ وهل السبب هو فقط عدم اكتمال مشاريع البنية التحتية في مختلف المناطق، أم أن الأمر يتجاوز ذلك، ولا يخلو من عوامل أخرى منها طابع المدن السعودية القاسي وجفافه الذي يجعل من ساكنيها في حالة من الضجر الدائم؟ وأجدني متفقاً مع هذا الرأي، فنحن لسنا فقط في حاجة لإكمال مشاريع البنية التحتية، ولكن أيضاً إلى توطين الطمأنينة قبل أن تهدم الشدة والقسوة المجتمع، وتجعل منها بلاداً غير صالحة للسكنى. فما يحدث من مطاردة للناس في أوقاتهم الخاصة ليس من سمات الحضارة. وهل يصح أن يطاردك أحدهم في الشارع العام ليمطرك بالأسئلة التي تشعر بعدها بالوهن والإهانة والشعور بالدونية كمواطن، والذي من المفترض أن يكون على قدر كبير من الكرامة في بلاده؟

هي دعوة لوضع حد لثقافة المطاردة التي يعمل من خلالها جهاز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقضية الحقوق الفردية لم تعد من الكماليات، بل ضرورة للاستقرار الاجتماعي في إي وطن في عصر القرن الواحد والعشرين، ولا بديل عن البحث عن سبيل لبناء مجتمع يحمل صفات ومقومات الجذب وليس الطرد. وقد يعلل أحدهم ذلك الجمود في ثقافة الناس ووعيهم الآحادي، لكني -حسب وجهة نظري الخاصة- لا أستثني الإدارة وأجهزتها من الإخفاق في دفع عجلة التطور وعدم الاستكانة إلى قلة ضد التغيير. فالإدارة لم تعرف التطور منذ عقود، ولا زالت تتحرك في مكانك سر في زمن سخرت فيه الدول الأخرى مراكز لأبحاث سبل التطور الإداري. في نهاية المطاف لابد من رفع تلك الأسئلة وعلامات استفهاماتها ضد سلطة المكاتب المركزية وممانعة توزيع المهام على مختلف المناطق. وأعني بتوزيع المهام التنافس في تطوير المناطق والعمل على بناء اقتصادي محلي داخل المحافظات، وذلك من أجل أن يسود الأمن الاجتماعي، الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى الرفاهية والإبداع والكرامة، وأيضاً لتبدأ رحلة التنافس بين المحافظات والمناطق في رفع مستويات المعيشة والرفاهية، بدلاً من حالة الركود التي تعيشها أغلب المناطق. ولكن كيف نستطيع تجاوز هذا الحال؟ سؤال آخر لا يتوقف عن الطرق بصوت عالٍ في مسمعي، لكن مع ذلك سأصبر على أذاه، وأنتظر.. لعل وعسى أن نصل إلى مجتمع تسوده الطمأنينة ويجد فيه أبناؤه المستقبل..

 

بين الكلمات
في مواجهة الأسئلة
عبدالعزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة