Monday  12/09/2011/2011 Issue 14228

الأثنين 14 شوال 1432  العدد  14228

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

للأنبوب في حياتنا أهمية غير عادية، فمن خلاله يخرج النفط من الأرض، ثم يتوزع الزيت عبره إلى أنحاء المملكة، ومنه يتم نقل البترول الخام في الباخرات العابرة للقارات لبيعه في الأسواق العالمية، ويعد أنبوب التابلاين أشهرها، وكثير من المدن السعودية تدين لها بالفضل، وفي الأنبوب أيضاً يتعلق مصير حياة الملايين، إذ لا يمكن العيش بدونه في المدن والقرى الصحراوية، فعبره تجري المياه الصالحة للشرب من تحلية البحر لتغذي مختلف المدن في المملكة، ولوعرف الناس قدر ذلك الأنبوب لربما حددوا له يوماً يحتفلون به كل عام، يلقون له الأشعار، ويتغنون بأهميته الإستراتيجية في الحفاظ على حياتهم في الصحراء.في الأسبوع الماضي انقطع أحد الأنابيب الموصلة لمياه الشرب للرياض، وربما عرف الناس قبل ذلك ما يعني خطر انقطاع المياه عنهم في صحراء الجفاف، وما تعنيه عواقب استمرار انقطاعه، والذي حسب وجهة نظري لويستمر فترة أطول لحدثت الكارثة غير المنتظرة بإذن الله، وكنت ولا زلت أعتقد أن الخطر الدائم على المدينة لن يكون بسبب الحروب أوالوباء، ولكن من مشكلة الجفاف والموت عطشاً...، انتظرنا الزمن الطويل لعل وعسى لتأتي شركة المياه الوطنية بالوعود بالشفاء الأبدي من مخاوف الموت عطشاً، وأنها ستقدم الحلول وستجلب المياه من كل صوب واتجاه، وأنها الآلية التي ستتجاوز البيروقراطية الإدارية المركبة، وستجد الميزانية المفتوحة لإنشاء المشاريع المائية في أنحاء المملكة، لكن يبدوأن النتيجة لم تكن على قدر التفاؤل، فالمشكلة ليست في الخصخصة، ولكن في أشياء لازلت أبحث عنها في أيامي الضائعة بسبب إصراري العجيب على وجودها في مكان ما، ويبدو أنها ضاعت بين أوراق الدروج المهملة في المكتب البيروقراطي، بعد أن قرأت أكثر من مرة لمسؤول يطالب بالإسراع بحل مشاكل المياه، لكن الحل لا يصل، ولا أسمع مجيب، وهاتف الشركة توقف عن تقديم الوعود..أزمتنا الحقيقية أننا دائما ما نبدأ متأخرين، فالحل الطويل الأجل عليه أن يسبق المشكلة بمراحل زمنية طويلة، لكن حلول الإسعاف المؤقتة لا تبني مستقبلاً، ولكن حاضراً يعيش على حافة الخطر، وإذا لم نسارع في إيجاد حلول إستراتيجية لأزمة المياه، سنظل نعاني من ندرتها في حياتنا اليومية إلى أن يشاء الله، وكنت قد طالبت منذ سنوات أن تكون هناك ضريبة ماء على برميل البترول، من أجل تغيير العلاقة غير الحميمة مع الأرض ، فعلاقة الترحال مع الأرض كانت قائمةولم يحدث الاستقرار إلا بعد الوحدة الوطنية واكتشاف النفط، وحسب وجهة نظري يجب أن يكون حل مشكلة المياه مقدما على كل الحلول الاخرى ومنها توسعة المسجد الحرام، فحياة الإنسان أهم من المقدس، ولابد من تحقيق المعجزة في جزيرة العرب وهي تأصيل العلاقة بين الإنسان والأرض، فالعلاقة الحالية عدائية وتميل إلى النفور بسبب أزمة المياه المزمنة.يجب أن نتذكر جيداً أن المنشآت العملاقة التي أصبحت تعانق السماء في مدينة الرياض وغيرها من المدن لن يكون لها معنى بدون حل نهائي لأزمة الجفاف، وإذا وصلنا إلى حالة العجز، وأننا لا نستطيع مقاومة مستقبل العطش في الممملكة، فلابد من اتخاذ قرارات جريئة من أهمها على سبيل المقال إيقاف التمدد العمراني والسكاني، وتحديد النسل، فالجزيرة العربية لم تحتمل أرقاما أقل بكثير في الماضي، وكان الحل الهجرة للشمال، لكن ربما مع التحسن الكبير في تقنيات الحياة تستطيع الجزيرة العربية استيعاب ملايين البشر، لكن بالتأكيد يجب أن يكون لذلك حدود، فالأرض لن تستوعب على سبيل المثال أربعين أوخمسين مليونا من البشر، لذلك يجب التحرك سريعاً إما بإيجاد الحلول الاستراتيجية أوالرضوخ لقانون الطبيعة القاسي، وإعلان دخول مرحلة الخطر في المستقبل.

 

بين الكلمات
حياة عبر الأنابيب
عبدالعزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة