Tuesday  20/09/2011/2011 Issue 14236

الثلاثاء 22 شوال 1432  العدد  14236

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أحتار كغيري عندما أسمع أرقام الموازنة العامة الرسمية ثم التفت يمينا تجاه الخدمات ولا أجد تغييراً يذكر، ثم التفت يسارا نحو جانبي الطريق فأرى أبراجاً وأسواقاً عالمية، ثم تختلط الصورتان في عقلي فأجد أني غير قادر على استيعاب ما يجري!

هل هؤلاء التجار يملكون عقولا أو أموالا لا تملكها الحكومة؟ بل هل يجوز لي طرح مثل هذا السؤال وإجابته من البديهيات وطرحه ليس إلا تخريفاً، لعل هناك سر أو لغز لا تبلغه العقول، وإلا ما الذي يجعل رجل الأعمال يبني مشفى راقيا متكاملاً مع كافة الخدمات الطبية والتمريضية على أعلى مستوى وأفضل وجه وأرقى تعامل واستقبال ولا تقدر وزارة حكومية تخصص لها موازنة سنوية تنمو عاما بعد عام على إنشاء مشفى صغير في كل حي بدلا من استئجار فيلا سكنية، وكذلك الحال مع رجل الأعمال الذي ينشئ مدارس وليس مدرسة وبتجهيزات متكاملة ولا تقدر وزارة التربية والتعليم على الاستغناء عن المباني المؤجرة حتى هذا التاريخ رغم توجيهات خادم الحرمين الشريفين، وقس على ذلك مخافر الشرط ومراكز المرور ونقاط الدفاع المدني وحتى مكاتب الجوازات التي حنّت مؤخراً على المواطنين وفتحت لها (أكشاك) في الأسواق المركزية ويبدو أن حنينها تراجع إلى فوضى الصفوف والزحام فقلّصت هذه (الأكشاك) وأعادت المواطنين إلى التزاحم ورص الصفوف من جديد، والأمر لا يخص جهة حكومية دون أخرى بل يكاد يشملها جميعا بما في ذلك وزارة الخارجية التي سدت الطرق المحيطة بها من كل اتجاه ليبحث المواطن والمقيم عن موقف لسيارته في أحد الأحياء القريبة ويركن سيارته أمام بوابة منزل أو مسجد إن ساعده الحظ ثم يمشي أو يجر عربته إن كان من ذوي الاحتياجات الخاصة لمسافة طويلة مع تقاطعات طرق خطره تحت هجير الشمس، ومثلها كمثل كثير من الأجهزة الحكومية التي يشعر المواطن حين يضطر لمراجعتها بأنه في غمّة يسأل الله أن يجليها بأقل الخسائر.

ولو أن زيادة عدد السكان والوافدين كان طارئا ومفاجئا لعذرنا ولكن وزارة التخطيط والاقتصاد تثرينا باستمرار بأرقام النمو حتى في أعداد الدواجن وحبات القمح وبالتالي فلا طارئ ولا مفاجأة، لكنه أمر يعرفه رجال الأعمال والاستثمار ويحرصون عليه مدركين أن رضا الزبون هو أهم عوامل النجاح وتنمية العوائد المالية والربحية، ووالله إنه ليحزّ في النفس ويكسر الروح عندما نتجول في دول قريبة أو بعيدة منّا وبعضها أكثر سكانا وأقل موارد ومع هذا نشاهد ونرى عظيم الإنجازات وإتقان العمل، ولو غبنا سنوات قليلة ثم عدنا لرأينا تغيرا هائلا من التطور والتقدم المتكامل في كافة المجالات وأهمها وعلى رأسها مستوى الوعي وأخلاقيات التعامل، في حين لا نجد مثل ذلك في بلادنا فيما عدا المؤسسات التجارية والاستثمارية التي تبني الأبراج والأسواق في كل ريع، وبقيت أجهزتنا الخدماتية على حالها إن لم أقل أسوأ، ورغم أن كل شيء قابل للتطور والنمو بما في ذلك حاجات الناس ومتطلباتها، إلا أننا لا زلنا نتجاهل هذه الحقيقة في أداء الخدمات العامة نظم وتجهيزات وتعامل، وكأن حق المواطن في تلقي الخدمة اللائقة بقيمة بلاده الاقتصادية عسيرا وصعب التحقيق أو أنه من المستحيلات، رغم أن ملك هذه البلاد قدم ويقدم كافة الإمكانات المالية للأجهزة الحكومية وشدد عليهم بتوجيهاته الكريمة بالحرص أولا وقبل أي شيء بأمن وسلامة المواطن وتوفير كافة الخدمات له على أرقى المستويات.

إن الاهتمام بالمواطن وتسهيل معاملاته وإنجازها بأحسن وجه وأسرع ما يمكن وتوفير كافة الخدمات لكل أبناء الوطن بما في ذلك المعوزين والمحتاجين وبما فيهم أصحاب الهندام المهترئ بصعوبات الحياة والمعيشة حق أصيل لكل مواطن لا يدركه إلا من يمتلك حس وطني صادق، وإن الوطنية ليست زخرفا ولا مظهرا وهي أيضا ليست منصبا أو موردا للثراء ولكنها حسّ وروح تنساب شفّافة مثل الهواء إلى القلوب والعقول، تحيي كريات الدم وترفع الهمّة وتشد العزيمة.

Has0sanAlyemni@hotmail.com
 

أحتار كغيري في فك طلاسم هذا اللغز
حسن اليمني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة