Saturday  24/09/2011/2011 Issue 14240

السبت 26 شوال 1432  العدد  14240

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

تروي إحدى قريباتي قصتها حينما كانت في التاسعة عشرة من عمرها, كانت شابة صغيرة تمارس حياتها بشكل عادي لم تكن تشتكي من علة ما أو من مشكلة عدا نوبات الصداع التي تنتابها بين الحين والآخر, وحالما خضعت لفحص طبي لهذا الصداع مجهول السبب, كان لا بد لها أن تخضع لعدة كشوفات قد يكون من المحتمل أحدها مصدر الألم.

وعندما حان فحص النظر حدث ما لم يكن في الحسبان ولم يكن متوقعاً على الإطلاق حين كان الطبيب يبدل لها العدسة تلو الأخرى, تفجأت الشابة الصغيرة برؤية شديدة الوضوح بشكل مذهل. أدركت حينها وحينها فقط أنها كانت تعاني طوال التسعة عشر عاماً من نقص حاد جداً وضعف شديد في درجة النظر لديها.

كانت تعتقد جاهلة وما الجاهل إلا عدو نفسه بأنها لا تختلف عن الآخرين، وأن ما تراه بغشاوة وضبابية هو الطبيعي وهكذا خُلقنا!

يقول آرثر شوبنهاور: (كل منا يعتبر أن حدود مجال رؤيته هي حدود العالم). هذا ما يحدث للكثير منّا على مختلف الأصعدة وشؤون الحياة والعمل.

فالوعي هو إدراك للفرد وفهم للظواهر والأحداث والمشكلات من حوله. ومن الخطير جداً قلة أو انعدام هذا الوعي والاعتياد والتعايش مع الأمور والتسليم بها على أنها مسلَّمات وحقائق ثابتة. والحقيقة لا يوجد ما هو ثابت من حولنا أو في أنفسنا ولو كانت كذلك لما كانت الأمور متوازنة.. فالمياه الراكدة مياه غير صالحة.

وكما يتفق عليه الجميع إدراك المشكلة أول خطوات حلها..

فلنطرح سؤالاً كاشفاً ومن الغريب أن لا أحد يتساءل به مع نفسه: هل هناك مشكلة؟!.. سواء في زواجي في تربيتي في إدارتي في وزارتي أو حتى في نفسي وقراري.

لقد أنقذت بعض الظواهر بصر الشابة الصغير التي أثارت انتباهها وحثّت اهتمامها فكانت ظاهرة (الصداع) بمثابة جرس الإنذار..

إذن.. كيف لنا أن ندرك ونفسر المشكلة, ما هي أخطاؤنا في إدراك المشاكل, وكيف نحث إدراكنا للمشكلة.

على سبيل المثال ما نراه الآن وسابقاً ونرجو أن لا نراه مستقبلاً أن بعض المسؤولين لا يقر ولا يعترف بوجود خلل ما أو ما يلزم إصلاحه وعلى الضفة الأخرى نرى النقيض من بحّ صوته منادياً بالحلول والإصلاح, وقد يكون مبحوح الصوت هذا صاحب المشكلة أو من كُتّاب الرأي فما عليهما سوى أن يجعلا (من الحبة قبة) فالحجم الكبير يدرك أكثر من الحجم الصغير.. ولا ييأسون بل يكررون الطرح والضغط على موضع الألم فالتكرار يعلم الشطَّار كما يُقال!.

وأيضاً لا نغفل عن الدور الكبير للإعلام والتلفاز، فالشيء المتحرك أكثر إدراكاً من الساكن.. ولنجعل المألوف غريباً والغريب مألوفاً فمن بداخل الصورة لا يراها جيداً.

ونصيحتي لجميع أصحاب القرار ومن منا لا يملك قراراً..

- لنجعل إحدى أعيننا عين نحلة تنظر من أعلى ومن بعيد نظرة كلية والعين الأخرى عين نملة رؤيتها فاحصة ودقيقة.

- ولا بأس أن تكون متشككاً بعض الشيء وبشكل صحي.

- لا تسلم إلى أن الأوضاع دائماً هي الأمثل.

- ولا تأخذ الواقع وكأنه مسلَّمات.

قال الله تبارك وتعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ}.. صدق الله العظيم.

 

عين نحلة.. وعين نملة
إيمان عبدالعزيز الخميس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة