Sunday  02/10/2011/2011 Issue 14248

الأحد 04 ذو القعدة 1432  العدد  14248

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وَرّاق الجزيرة

 

اهتمام غير مستغرب
د. فتحية حسين عقاب(*)

رجوع

 

لا غرابة في ظل ما تحظى آثارنا الوطنية من اهتمام ودعم بالغ بكل صوره المادية والمعنوية من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أن يصدر الأمر الملكي بنشر الاكتشاف الأثري العالمي آثار « المقر» الذي يؤكد أسبقية استئناس الخيل في الجزيرة العربية ليطلع عليه العالم، ليضيف صفحة مشرقة إلى ملاحم البناء والنماء التي سجلها التاريخ لعهده الميمون، فقد حقق منجزات تنموية كبرى وتطورا هائلا غير مسبوق في فترة وجيزة في مختلف المحاور الأساسية لكافة القطاعات التعليمية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقضائية والصحية والأمنية والعمرانية والعسكرية والسياسية، لتتبوأ مملكتنا الحبيبة دوراً رائداً وبناء بين مصاف دول العالم.

ويأتي اكتشاف « آثار المقر « ثمرة لجهود الهيئة العامة للسياحة والآثار وتتويجاً لمسيرة النشاط الأثري في المملكة العربية السعودية، وعلى رأسها رئيسها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، ونائبه الدكتور علي الغبان،حيث رصدت الهيئة ووثقت وكشفت عن آلاف المواقع الأثرية ساعدت في بناء خارطة زمنية لثقافات وحضارات في الجزيرة العربية، وتبنت العديد من المشاريع والبرامج والمبادرات بهدف العناية بالبعد الحضاري الوطني وإبرازه وتنميته، فمملكتنا الحبيبة تزخر بالعديد من المواقع الأثرية والسياحية المهمة التي تشكل رافداً ثقافياً واقتصادياً يؤكد على البعد والإرث الحضاري العريق الضارب في القدم الذي يعود لأكثر من مليون سنة. ولتحقيق ذلك تسعى الهيئة لعدد من الوسائل منها التعريف بدور إنسان الجزيرة العربية وتفانيه في ارتقاء السلم الحضاري الإنساني وانفتاحه على الحضارات الأخرى وتواصله معها عبر العصور المختلفة، مما يؤدي إلى غرس المفاهيم والقيم التي تتعلق بأهمية الآثار والتراث والمحافظة عليها كثروة قومية تساهم في تعزيز الانتماء للوطن.

تمثل هذا الاكتشاف العالمي الذي أمر خادم الحرمين الشريفين بنشره عالمياً في موقع أثري مهم يقع بين وادي الدواسر وتثليث في منطقة التقاء هضبة نجد بأطراف المرتفعات الشرقية، ويبعد عن مركز القيره في محافظة تثليث حوالي 40 كم، وعن وادي الدواسر قرابة 120 كم، ويخترقه واد ينحدر باتجاه الغرب ليصب في الأراضي المنخفضة غرب الموقع، عثر الفريق العلمي المكون من مسؤولي الهيئة وباحثين سعوديين وعرب ودوليين مختصين في علم الآثار وفترة ما قبل التاريخ على سطح الموقع مواد أثرية متنوعة من الأدوات الحجرية التي تشمل رؤوس السهام والمكاشط تعود لفترة العصر الحجري الحديث، وتماثيل لحيوانات متعددة استأنسها الإنسان الذي عاش في الموقع واستخدمها في أنشطته اليومية مثل الخيل والكلب السلوقي والماعز والضأن والسمك والصقر والنعام،كما عثر على تمثال كبير الحجم للخيل ثبت بعد تحليلها أن تاريخها يرجع إلى بداية الألف التاسع قبل الميلاد، وقد أطلقت الهيئة على هذا المكان وملتقطات هذه الحقبة الحضارية (حضارة المقر) بدلاً من المقر.

هذا الاكتشاف الأثري يمثل أهمية قصوى على المستوى العالمي وله دلالات متعددة منها أنه:

) يؤكد أن الجزيرة العربية قد سبقت سواها في استئناس الخيل، وينفي حدوثه في كازاخستان بأواسط آسيا الذي يعود إلى 5500 سنة قبل الوقت الحاضر، وبالتالي يدلل على الأصالة للخيول العربية.

) يدعم الشواهد الأثرية والدلائل التاريخية أن منطقة تثليث بما فيها موقع المقر كانت بيئة مواتية لاستقرار بشري كبير خلال العصر الحجري الحديث أقام حضارات إنسانية متعددة منذ عصور ما قبل التاريخ تعود إلى 9000 سنة من الوقت الحاضر على أقل تقدير.

) يدلل اتساع القدرات الذهنية والفنية للإنسان آنذاك بصناعة تمثال للخيل بالحجم المعثور عليه، وظهور تقنيات جديدة في صناعة الأدوات الحجرية واستخدامها.

) يمكننا من تحديد تأريخ استئناس الخيل يمكننا تحديد تأريخ أولي للرسوم الصخرية المنتشرة في أنحاء متفرقة من مناطق المملكة والتي تشتمل على لوحات فنية بديعة للخيل ووصفها الرحالة فيلبي بأنها « صالة عرض حقيقية لرسوم فناني ذلك العصر «، وهو أن فترة تنفيذها تمتد من فترة تزيد على الألف العاشر قبل الميلاد وتمتد إلى الألف الأول قبل الميلاد.

) يدفع إلى المزيد من الاهتمام بالدراسات البحثية في هذا الموقع وتنفيذ حفائر أثرية ومسح جيولوجي ودراسة البيئية والتحولات الجيولوجية للموقع، وتتبع الأحداث التاريخية وتحقيقها من خلال البحث عن المزيد من الرسوم الصخرية والنقوش الني تعد إحدى الوسائل لفهم السلوك العقلي والنفسي والأفكار الدينية والعادات والتقاليد الاجتماعية للمجتمعات التي سكنت في الجزيرة العربية منذ فترة ما قبل الإسلام وحتى ظهور الإسلام.

) يوجه إلى مواصلة جهود هيئة الآثار والسياحة والقيام بدراسات مكثفة عن استئناس الخيل في الجزيرة العربية ومراحل تطورهاعملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة».

(*) أستاذ مشارك جامعة الملك سعود - قسم التاريخ - كلية الآداب

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة