Sunday  09/10/2011/2011 Issue 14255

الأحد 11 ذو القعدة 1432  العدد  14255

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

الوظيفة العامة في نظري هي أمنية العمر التي قد يصعب تصور تكرارها في حياة المرء الذي يتولى شؤونها، كما أن الوظيفة العامة والموظف العام هما في رأيي وجهان لعملة واحدة فلا غنى لأي منهما عن الآخر،

فالوظيفة العامة بالنسبة لمن يتولى شؤون عملها من الموظفين والموظفات فرصة العمر الذهبية؛ لكي يثبت أي منهما من خلالها معنى وجوده في محيطه الصغير أي محيط إدارته وما يمكن أن يحققه من قيمة عملية أو معنوية في محيطه الكبير أي مجتمعه مع مضي الزمن وتدرجه في ارتقاء سلم الوظائف العامة.

ويعود ذلك لكون الوظيفة العامة أشبه ما تكون بالخلية الحية في جسم الإنسان التي يتمثل دورها في المحافظة على حيوية وطبيعة العضو في الكائن البشري وبالتالي فإن دور الوظيفة العامة في محيطها الإداري والاجتماعي يماثل دور هذه الخلية.

فبالنسبة لمن يشغل الوظيفة العامة، أن مدى توفر الجدية التامة والحزم والسعي الصادق في أداء الواجب الوظيفي ستؤدي محصلتها إلى تحقيق الهدف من الحاجة إلى وجود هذه الوظيفة أو تلك في تشكيلة الدائرة الحكومية، فالأعمال والواجبات المناط بها تحتم التعامل القويم مع من تلجئهم أعمالهم أو ظروفهم إلى مراجعة شاغلها، فعليه إعطاء كل ذي حق حقه مساويًا في ذلك بين الفقير والغني، الصغير والكبير أو البعيد والقريب.

إن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن طريق هذه الفئة من الموظفين سيكون مفروشاً كلّه بالورود، فلا بد من العقبات والحساسيات الشخصية والمنغصات التي لا حصر لها مما سيجد نفسه عرضة لها بين حين وآخر وخصوصاً في طبيعة العلاقة بينه وبين زملائه وسواهم من داخل وخارج دائرة العمل.

إذ لا بد أن تتشابك المصالح والأهواء الشخصية بحكم طبيعة الأمور وخصوصاً في مثل مجتمعنا ومعظم المجتمعات النامية مع متطلبات العمل العام وواجباته التي تتطلب الحيادية والالتزام التام بما توجبه الخدمة العامة من حرص ودقة وتفانٍ، وتجدر الإشارة هنا إلى ما للإشراف الإداري من أهمية قصوى بالنسبة لمستوى تميز وكفاءة الأداء ضمن نطاق الوظيفة العامة وما يقدمه شاغلها من خدمة مخلصة لمواطنيه عندما يردون له لقضاء حاجاتهم.

فإذا كان هؤلاء الإداريون حريصين على تميز العاملين تحت إشرافهم بالكفاءة الإنتاجية العالية للمتعاملين معهم من المواطنين فعليهم أن يكونوا المثل الأعلى والقدوة الحسنة لهم في كل صغيرة وكبيرة مما يدخل في شؤون وشجون هذا الجهاز من أعمال.

ويجب ألا يغيب عن الذهن أن العاملين والعاملات في الخدمة المدنية أو الخدمة العامة باصطلاح آخر ليسوا سوى بشر عاديين قبل كل شيء، وبالتالي فإنهم عرضة لكافة المؤثرات الإنسانية والاجتماعية على اختلافها، فهم يؤثرون بقدر ما يتاثرون بمن حولهم وخصوصاً القياديين بينهم سلباً أم إيجاباً بحكم حرصهم على الانصهار التام مع بيئتهم ومحيطهم الإداري إلى درجة سعيهم أو سعي معظمهم لتقمص الشخصيات المؤثرة فيهم وتبني الأساليب والوسائل ذاتها في تعاملهم مع الآخرين وخصوصاً المراجعين بوجه عام.

أخيراً علينا أن نتذكر أن ما يكتسبه المرء في صغره، ثم في مراحل نشأته من مفاهيم وعادات وتربية بشكل عام ابتداء من محيطه المنزلي ثم محيطه المدرسي تمثل الرواسب الأهم في تكوين شخصيته ومدى استعداده لتحقيق النجاحات المؤملة منه في حياته الوظيفية فإن كان ما تلقنه في سني عمره الأولى إيجابياً كانت مواقفه فيما تليها من سنوات وهو يخوض خلالها معترك الحياة، تتميز بالإيجابية والوطنية والفعالية والسعي لنفع الآخرين دون انتظار مقابل وإن كانت تجاربه الأولى محدودة أو سلبية فلا بد أن استعداداته الوظيفية ستكون على نسقها إذا كانت بيئة العمل التي يعمل بها ضمن محيطها ليست البيئة الجيدة والصالحة كما أسلفنا، أما إذا كانت البيئة جيدة وتحت إشراف إداري سليم وحازم فإنها ستؤثر إلى حد كبير فيما لديه من قصور في هذا المضمار خلال المراحل الأولى من مجريات تكوين شخصيته ضمن دائرة الوظيفة المكلف بشؤونها.

 

وجهة نظر حيال الوظيفة العامة
تركي الخالد السديري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة