Monday  10/10/2011/2011 Issue 14256

الأثنين 12 ذو القعدة 1432  العدد  14256

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

من يتابع ردود الأفعال حيال ما يجري في عالمنا العربي يرى عجبا، فالكل يزعم وصلا بالثورات، ويدعي بطولة، حتى انك لتخال أنك الوحيد الذي كان خارج اللعبة. بعض الإعلاميين في أرض الكنانة وقفوا مع مبارك، وحاولوا تشويه شباب الثورة، وفي الليلة التالية لتنحيه، أصبحوا بقدرة قادر مع الثورة ومبادئها، هكذا بلا حياء ولا خجل. ومثل هذا حدث في تونس وليبيا، ولم يقتصر الأمر على أبناء تلك البلدان، فقد كانت هناك عدوى غريبة، إذ تذكر كثيرون - بشكل مفاجئ - كل القيم والمبادئ الرائعة مثل الحرية وحقوق الإنسان، مع أنهم لم يسبق أن استخدموا تلك المصطلحات طوال حياتهم.

قبل بدء ثورة ليبيا بوقت وجيز، كانت مجموعة من الدعاة السعوديين يتقلبون بالدمقس وبالحرير هناك بدعوة من أنجال العقيد بشحمه ولحمه!. بعضهم تحدث عن تلك الزيارة، وبعضهم نقل الناس عنه، وفي كل الأحوال سمعنا كيف أن زيارتهم كانت تاريخية، مليئة بالقصص المؤثرة عن أحوال الناس هناك، وعن تمسكهم بدينهم، ولم يخل الحديث من ثناء على العقيد وأبنائه، والذين يقال إنهم كانوا كرماء جداً مع أؤلئك الدعاة بشكل لا يمكن وصفه. خلال تلك الفترة، تناقل الناس صوراً تشبه عرض الأزياء لأحد الدعاة، تفنن من خلالها بارتداء كل أصناف الملابس الليبية المحلية، وحرص على إضفاء «الأكشن» عليها من خلال الابتسامة وملحقاتها من محسنات لم تكن ضرورية، ولا ندري إن كان قد اشترى تلك الملابس، أم أنها أهديت له ضمن «الباكيج» الخاص بالزيارة.

لا يهمنا ما فعلوا، فهو حق من حقوقهم، ولكن المثير هو أنهم ما ان بدأت ثورة ليبيا حتى انقلبوا على أعقابهم، في سلوك أقل ما يقال عنه إنه انتهازي، حتى لا نقول «لا أخلاقي»، حيث إنهم قلبوا ظهر المجن لمن استضافهم وأكرمهم، فلا هم الذين رفضوا الدعوة منذ البداية، خصوصاً وأنهم يعلمون الكثير عن النظام الليبي وجرائمه بحق شعبه، وموقفه من الدين والمتدينيـن، ولا نظن أن مجزرة سجن أبو سليم كانت تخفاهم بتفــاصيلهــا المرعبة، ولا هم الذين صمتـوا حتى يكتب الله أمراً كان مفعولاً، خصوصاً وأن «الوفاء» من شيم العرب الأصيلة.

في وقت لاحق تطور أمر ادعاء البطولات بشكل لافت، فقد قال أحد الدعاة إنه تلقى تهديداً من أحد الأنظمة المجاورة!، لأنه وقف وقفة حازمة ضد ذلك النظام القمعي، ونحن بدورنا نتمنى أن يتم توفير حماية دولية له، طالما أن الأمر وصل إلى هذا الحد!!. وما يعزز أمر التهديد هو أن هذا الداعية كاد في وقت سابق أن يفتح القدس على فرس شهباء، لولا بعض التدخلات التي ساهمت بتأجيل ذلك المشروع الجهادي الجبار.

مؤلم هو حال العرب على اختلاف توجهاتهم الفكرية، فهم لم يتورعوا حتى عن المتاجرة بدماء الأبرياء وتضحياتهم في سبيل بطولات وهمية تتناقلها فلاشات الإعلام، وهذا في تقديري انحطاط يحكي الواقع المزري للإنسان العربي.

وختاماً، نقول لكل الباحثين عن الأضواء والمال: «افعلوا ما شئتم، وتاجروا بالكلمة، وواصلوا الضحك على عقول المغيبين، ولكن إياكم أن تتاجروا بعذابات الناس وآلامهم، فهذا أمر غير مقبول على الإطلاق، وسيرتد أثره عليكم ولو بعد حين».

فاصلة: «ترى لو عاد القذافي للحكم.. ماذا سيكون موقف هؤلاء الدعاة منه؟».

Ahmad.alfarraj@hotmail.com
 

بعد آخر
ثورة "الانتهازيين"!
د. أحمد الفراج

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة