Wednesday  11/10/2011/2011 Issue 14257

الثلاثاء 13 ذو القعدة 1432  العدد  14257

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

قال أحد المسؤولين في القياس والقدرات: حالما تتحسن مخرجات التعليم سنوقف برنامج القياس لخريجي الثانوية العامة، في إشارة واضحة وصريحة لعدم تحقيق المدارس الجودة المنشودة في مخرجاتها التعليمية. وإن كانت قد أخفقت في ذلك فإنها بلا شك قد نجحت في نشر ثقافة شراهة الاستهلاك وإحلال الفكر الاقتصادي محل التعليمي. ولعل في ذلك نجاحا يخفف من وطأة الفشل!

فالمقصف المدرسي يشكل أسَّ اليوم الدراسي وعموده الفقري، حيث يتوسط موقع المقصف الساحة الخارجية مكان لقاء الطلبة صباحا وأثناء الفسحة وبعد نهاية اليوم. وهناك يتم خروجهم عن الانضباط الدراسي. ويقع المقصف قريبا من مكان اصطفاف الطوابير الصباحية إن وجدت. والطابور يعني للطلبة طابور المقصف وليس طابور الاصطفاف الصباحي الذي يفترض أن يعوَّدهم النظام والعدالة والرقي الحضاري كما يتوقع أن يستمع الطلبة لتوجيهات الإدارة والمعلمين، وتلقى أثناؤه برامج الإذاعة الصباحية التي لا يسمعها - عادة - إلا ملقوها!

ويكتسب بائع المقصف أهميته من وقوفه بكل شموخ أمام الشباك الذي يكاد يُدخل بعض الأصابع لتناول الوجبة، وقد تتفوق أهمية تواجد البائع على مكانة مدير المدرسة الذي يجهل معظم الطلبة موقع مكتبه! ويـُكِـنُّ الطلبة للبائع مشاعر الامتنان لا سيما حين يوفر لهم متطلباتهم بسرعة وكفاءة قد لا تتوفران لدى المراقب أو المرشد الطلابي البيروقراطيين، وهنا يظهر التفوق جليا. كما تظهر حالة من الانسجام بين البائع والطلبة حين يتمكن البائع من معرفة طلبات الطالب حال وقوفه أمام الشباك ومن نظرة خاطفة إلى عينيه أو يديه وما يحمله من نقود. ومن خلال نافذة المقصف يتعلم الطلبة أصناف العراك والتدافع لنيل الوجبة بوقت قياسي، كما يعتاد بعضهم على تقاذف الألفاظ البذيئة.

أما عن الوجبات التي نظن أنها صحية وذات فائدة؛ فإن البائع الحنون يقتنص فرصة غياب المشرف وحضور الطمع ليبيع وجبات أخرى تنال استحسان الطلبة بشرط ألا يشوا به عند الإدارة التي قد تعلم متأخرا فيختفي الدليل كما اختفى الوعي!

يعمل البائع لوحده طيلة يوم دراسي براتب ضئيل وعمل مجهد دونما شكوى - بخلاف المعلمين كثيري الشكوى والتذمر - بل قد يعمل بمتعة وجذل، ربما لأن النقود الفارَّة من جيوب الطلبة والمفقودة بعد طابور التدافع تشكـِّل له رافدا يفوق راتبه، إضافة إلى ما يرميه الطلبة دون حساب تحت مسميات الكرم، ناهيك عن ترديد اسطوانة (ما فيه صرف وتعال بعدين!) وقد ينسى الطالب أو يأتي فلا يجد الصرف جاهزا كالعادة!!

عالم المقصف عالم عجيب تتشكل من خلاله شخصيات أبناءنا وتتضح معالمها وتتكون رؤيتهم وتتحدد أهدافهم، ومن خلال دراسته والتعمق به نعرف مستقبل أبناءنا ومستوى فكرهم، حينما تحول من وسيلة ضمن وسائل عدة، وخدمة ترفيهية مساندة للتعليم والتربية إلى هدف يومي، يحضر الطلبة لكي يمارسوا عملية الشراء والاستهلاك اللذيذ الذي يحقق متعتهم الوقتية فيصبحون مستهلكين.. وحسب!!

rogaia143@hotmail.com
www.rogaia.net
 

المنشود
الطلاب بين المقاصف والتربية !!
رقية سليمان الهويريني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة