Tuesday  18/10/2011/2011 Issue 14264

الثلاثاء 20 ذو القعدة 1432  العدد  14264

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

 

د. الجبر ود.المحيش قُطْبا نجاح.. و مَوَدّة

 

 

 

 

 

 

 

 

رجوع

 

مَدْخَل

- يَحْسُنُ القول في الأعم الأغلب عن الأفعال المُنْجزة أو الموعود بإنجازها، كما يحسن الإشادة بها وبذكرها وتُفرَدُ لها الصفحات لعرضها، وفي المقابل قد لا يكون الحديث عن فاعليها والمنجزين لها من الأمور المحببة لدى الكثير وبخاصة الصحف ووسائل الإعلام الأخرى، كما لا يفضل أصحابها (أنفسهم) الإشادة بهم أسماء وأشخاصاً..متكئين على مبدأ (أن العمل هو الذي يتحدث.. لا مَنْ قام بالعمل..)

- حسنا ً.. هنا سألج الجانب الآخر الذي قد لا يفضله القائمون على العمل وهو الحديث عن الأشخاص أنفسهم..

فالعمل - أي عمل - لم يقم هو بذاته ولم يكن له أن يرى الوجود دون وجود فاعله له، وبالتالي فالحديث عمن قام بالعمل هو استكمال واجب وهام للإشادة بالعمل نفسه، إذ دون ذكر مَن قام بالعمل يكون الإنجاز ناقصاً.. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فأنت لن تقوم بمدح أو إشادة شخص ما من الشارع، أو أنك ستذكر شخصية مجهولة أو إطراءً مجانياً لشخص ما في غير محله، دون أن يكون هناك ما يبرر هذا الإطراء.. هذا إلى جانب أن الكتب تضج بتناول الأسماء والأشخاص والفاعلين في كل مجال، وأبرز دليل على ذلك يحضرني الآن هو وجود مئات المعاجم التي تزخر بالحديث عن (الأشخاص) في ميادين عملية وعلمية مختلفة على مر العصور..

وأصل إلى الجزء الأخير في هذا المدخل وهو أن ديننا الإسلامي الحنيف رحّبَ وأثاب الحديث عن الأشخاص الذين يقومون بأفعال جليلة تقديرا ً لهم ولأعمالهم، وتشجيعا ً للآخرين بأن يحذو حذوهم.. ولعل الحديث النبوي الشريف «من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق « هو أنصَع دليل على ذلك.

إذن لا ضير أبداً من الحديث عن الأشخاص الذين أحسنوا صنعا ً في عملهم وإنجازاتهم وأحسنوا صنعا ً في تعاملهم مع الآخرين خُلُقاً وسلوكاً ومودة ونفعاً..

ورجالٌ قد تسامى مجدُهُم..

ولهم في ذروةِ العزّ: سبب

وإذا ما انتسبوا بين الورى

نافسوا الشمس بعلياء النسب

كل ميدان لهم في قلبه

بصمة، كالدّر في قلب الذّهب

وهنا أدخل في الحديث عن شخصيتين كريمتين سعدت كثيرا ً بالعمل والتعامل معهما مدة أربع سنوات وتزيد أثناء العمل في نادي الأحساء الأدبي.. أعضاء لمجلس الإدارة.. هما:

- الأديب الدكتور يوسف بن عبد اللطيف الجبر:

الذي ترجل - بشموخ وقناعة وإباء وكرامة - عن قيادة مجلس إدارة نادي الأحساء الأدبي في عدم إعادة ترشيح نفسه في انتخابات الجمعية العمومية من الأساس ليسّلم دفّة المجلس إلى الأعضاء الجدد بعد أن زرع في أرض النادي العديد من الزهور العابقة عبر أفكاره وأفعاله وخُلُقه.

ولقد تعمدّت أن أبدأ بكلمة (الأديب) عند تسمية (أبي عبد اللطيف) لأنه غالبا ما يطرز حديثه العام والعابر بذكر بيت من الشعر المأثور أو من الحِكَم المعروفة، أو من الأمثال التي سارت بين الناس صورة واقعية.... الخ.. بما يناسب المقام، الموقف.

وفي رأيي أن هذا هو أحد وجوه الأدب.. أنك تتمثل به في كل موقف وحديث.

هذا إلى جانب ما يتحفنا به عندما يقدم كلمة (رئيس النادي) في أنشطة وبرامج النادي المختلفة إذ تكون كلمته قطعة أدبية رائعة مُدَبّجة بالشعر الجميل الذي تشَبَّع بحفظه منذ الصغر، ومطرزة بالعبارات الرصينة الراقية التي تنبئ عن أديب واسع القراءة والاطلاع.

لقد عشت مع د. يوسف الجبر أربع سنوات وبضعة أشهر، لم أجده إلا إنساناً وأديبا، وكَيِّسا، ومفكراً، وغيوراً على مجتمعه، ومنطقته وأهله وأصدقائه، وحسبنا أن نذكر له - بكل خير وثناء وتقدير ومودة- ما قدمه لنادي الأحساء الأدبي من أفكار جميلة عديدة تمت ترجمتها إلى أعمال جليلة.. منها أنه صاحب فكرة (ملتقى جواثي الثقافي) الذي كان محطة مضيئة وبارزة في تاريخ النادي الأدبي بكل المقاييس، والمعاني، والوجوه، وكنا نعمل معه لتجسيد وإنجاح هذه الفكرة، وهذا العمل بكل إخلاص وجنون (إن صح التعبير) ليلا ً ونهاراً، حتى بات الملتقى مرتبطا ً بالنادي، والنادي مرتبطا ً بالملتقى.

وهو صاحب فكرة (معجم شعراء الأحساء المعاصرين) الذي كان بمثابة هدية رائعة إلى كل شعراء ومثقفي الأحساء، والمملكة، والخليج، والذي استطاع أي المعجم أن يبرز نحو مائة شاعر وشاعرة معاصرين من الأحساء بين دفتي كتاب واحد، ومجلد فاخر، وصار يُطْلب من جهات مختلفة داخل وخارج المملكة.

إن هذا المعجم هو من أبرز ثمار أفكار د. يوسف الجبر الكثيرة، وقد لا أبالغ إن قلت إنه لو لم يطبع النادي سوى هذا المعجم لكفاه..

وهذا القول لا يقلل أبداً من شأن وقيمة مطبوعات النادي الأخرى التي بلغت حتى كتابة هذه المقالة ستة وعشرين كتابا ً في مختلف فنون الأدب والنقد والتاريخ وغيرها، أي بمعدل كتابين لكل شهر منذ تأسيس النادي وهذا - لدى المنصفين - إنجاز هائل بالنسبة لنادٍ جديد لم يتجاوز خمس سنوات.

و د. يوسف الجبر هو الإداري الناجح الذي استطاع أن يستوعب ويحضن كل الاتجاهات (التي قد تتباين) بين أعضاء المجلس بروح عالية وفكر نيّر ونية صافية وحلم رحْب، وصبر جميل وحكمة عميقة، وكلمة طيبة.

ولعل من نافلة القول إن إيجاد بيئة صحية سليمة في محيط العمل أو في المجموعة التي تعمل فيها تكون سبباً رئيساً في أداء العمل ونجاحه بشكل ممتاز، وهذا ما شعرنا به أثناء الدورة السابقة لمجلس إدارة أدبي الأحساء برئاسة د. يوسف الجبر الذي حرص منذ أول لحظة من اصطفائه رئيسا ً لمجلس الإدارة أن يخلق هذه البيئة الصحية في العمل داخل وخارج النادي.. بحيث جعلنا جميعا نحب العمل في النادي ونتنافس بحماس على تنفيذ قراراته، وبرامجه أولا ً بأول، وبسرعة وإتقان وكمال..

وفي معرض الحديث عن هذا الرجل إنه إلى جانب علمه وجوده وسخائه وعطفه ووفائه فهو صاحب فكرة سلسلة (التكريمات) التي دأب النادي على تنفيذها لرجال العلم والأدب والعمل الاجتماعي والأكاديمي.. إذ لم يتوقف النادي عن تكريم أهل الأحساء وسواهم.

وأتذكر أنه - حفظه الله - قد قدم لنا في أحد اجتماعات المجلس قائمة بأسماء أشخاص أحياء كادوا أن يكونوا منسيين، ليصار إلى تكريمهم، وقد قام النادي بتكريم أغلبهم.

أما أخلاق الدكتور يوسف الجبر فهي أنموذج جميل للرجل الحليم والمتأن والعميق والخلوق، فلم يصدر منه ما يغضب كل من حوله في النادي وخارجه قط، مع ما يلاقيه من متاعب ومصاعب وإحباطات وسخط (زعل) من القريب قبل البعيد، حتى أنه ذكر لي مرة أنه تمر عليه ليال كثيرة لا ينام فيها حتى الصباح، ومع ذلك كله فهو يرد على جميع الاتصالات ولم يقفل جواله أبدا.

ولا أنسى أن أذكر للدكتور يوسف الجبر أنه من أبرز المواطنين السعوديين الذين يطبقون فكرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الخاصة (بالحوار الوطني)..

فهو يسير على مبدأ الوسطية وتطبيق التعايش والتواؤم والبناء المشترك بين أبناء المجتمع الواحد، ذي التوجهات المختلفة..

وأكتفي بهذا القدر من سجابا د. يوسف الجبر الكثيرة، حتى لا يقال إنني بالغت في إطرائه، ووالله أنني لم أذكر شيئا مخالفاً للحقيقة، إذ لم يتعود قلمي على ذكر غير الحقيقة..

وبالطبع فإنني لم أذكر طرافته وظرافته وخفة روحه وحبه للنكتة، مع قلقه الشديد على إنجاز العمل سريعاً والوقوف على إكماله بدقة، إلى جانب تمتعه بالوجاهة الاجتماعية والأسرية والاقتصادية.

ولهذا عنونت هذه المقالة بأنه أحد قطبي النجاح، وأحد منابع المودة والألفة والأخوة وقد لا تفيه هذه الكلمة القليلة حقه ولا يكفيه الشكر والامتنان لكل ما قدمه للأحساء والنادي الأدبي.

د. يوسف بن عبد اللطيف الجبر: شكرا ًجزيلا ً لك.. من قاع الروح..

- أما الشخص الآخر.. فهو:

الأديب الدكتور - نبيل بن عبد الرحمن المحيش

الصديق العريق وصاحب الصالون الثقافي البارز، الذي طالما استضاف أسماء لها ثقلها في الوسط الثقافي والفكري والأدبي على مدى أكثر من 10 سنوات، والمبتسم دائماً.. دائماً..

لا أتذكر بالضبط متى تعرّفت على أخي الحبيب الدكتور نبيل المحيش، لكن الزمن يمتد قطعاً إلى أكثر من عشرين عاماً، وربما رأيته حين كنت أعمل في جمعية الثقافة والفنون بالأحساء في نهاية الثمانينيات الميلادية الماضية، وتوطّدت علاقتي معه تدريجياً أثناء الحضور الأسبوعي لأحدية الشيخ أحمد المبارك يرحمه الله منذ افتتاحها في عام 1411 ه، 1990م

والأديب د. نبيل المحيش رجل فاضل وصديق ودود بكل ما تعني الكلمة.. أديب يسرد لك - إذا تحدث - عن ظهر قلب تاريخاً طويلاً حافلاً من الأنشطة الثقافية والمؤلفات والكتب والمهرجانات والتواريخ والندوات والمؤتمرات والأسماء والمواقف والصور ومقاطع من الروايات التي يقرؤها وبعض القصائد وغيرها دون أن يتوقف أو يتلكّأ حتى يظن السامع أنه يقرأ كل ذلك من كتاب مسطور.

أما ذاكرته فتحفظ من النكات -جمع نكتة (على غرار طرائف جمع طرفة) الشيء الكثير فلا تكاد تنتهي من ضحك نكتة مروية حتى يكون هو قد بدأ النكتة الأخرى.

وهو خير رفيق في الطريق حينما نسافر إلى الدمام أو الرياض أو خارج المملكة فلا نشعر بعناء السفر وهو معنا.

الأديب د. نبيل المحيش الذي كسب ثقة الأعضاء المُعَيَّنِين للمجلس التأسيسي لنادي الأحساء الأدبي ليكون نائبا لرئيس مجلس إدارة النادي، لا يمكن أن تعرفه دون أن تشعر بمودته ويشعرك هو بمودته ولطفه وكرمه..

ولقد كان قطب نجاح بارز ومؤثر جداً في متابعة، وتنفيذ كل قرارات المجلس، وكان بمثابة البلسم الذي نضعه على كل المعوقات والمضادات التي تواجه البرامج والأنشطة فتنمحي كلها وتتحول إلى واقع وعمل ملموس..

وكان د. نبيل الصدر الرحب والملجأ الآمن والحل الأخير لكل أمر عويص وغير عويص يواجهنا في النادي يحلّه - بموهبته ولطفه وظرافته وحزمه وحِدّتِهِ أيضاً - بكل سهولة ويسر وسرعة.

فقد حباه الله بمزايا نادرة في اتخاذ القرار وتنفيذه، إلى جانب قلبه الطيب الأبيض، وروحه السامية بل إن بعض الأمور التي يقوم بحلّها كانت تبدو لنا في أول الأمر كأنها - قراراً متسرعاً أو تصرفاً غير مجد أو حكيم - لكننا نجدها - بعد أقل من يوم واحد - عكس ذلك تماماً.. - ويتمتع أبو عبد الرحمن بعلاقات واسعة جدا ً في الكثير من البلاد العربية والإسلامية وبمختلف الطبقات والمستويات والاتجاهات من الجنسين، وقد وظّف كل ذلك في خدمة النادي الأدبي فباتت منصة النادي تستقبل العديد من الأسماء والشخصيات المختلفة في العديد من الفنون الأدبية والثقافية والعلمية من السعوديين وغير السعوديين ولهذا كله وغيره فقد تألمت كثيرا ً لعدم فوزه في انتخابات الجمعية العمومية التي جرت في النادي مؤخرا ً، بل إن ذلك قد نَغَّصَ عليَّ فرحتي بفوزي في تلك الانتخابات، أقول ذلك بكل صراحة وتجرد، وحقيقة، وصدق، وقد مكثت أياما ً أشعر بهذا الألم متسائلاً: كيف يمكنني أن أتصور أن تمضي الفترة الإدارية المقبلة للنادي معي.. دون وجود د. نبيل المحيش؟، مع كامل تقديري واحترامي ومودتي لكل إخواني وزملائي الذين حالفهم الفوز..

وبالنسبة له فقد اكتشفتُ أنه لم يبدُ عليه أبدا ً أثر الحزن أو الغضب أو السخط (الزعل) لعدم فوزه، بل اتخذ الأمر طبيعيا ً، وهذه إحدى سماته الكريمة وأخلاقه العالية، ونفسه الأبية وروحه الجميلة.

وقبل أن أصل إلى الجزء الأخير في الحديث عن هذا الصديق الرائع (أبي عبد الرحمن) فلا بد أن أشير إلى جانب سلوكي آخر مضيء فيه وهو أنه بدماثة خلقه وأخلاقه، يعرف تماما ً كيف يبني المزيد من العلاقات الإنسانية، وكيف يحافظ على علاقاته السابقة، بصرف النظر عن التوجهات والقناعات والأيديولوجيات التي يحملها كل صديق.

وبصراحة فإنك إن تأمَّلْتَ في ذلك فستجد صعوبة في الحفاظ عليها إلا لمن له القدرة والموهبة التي تساعد على بقائها..

والدكتور نبيل له من اسمه نصيب كبير فلقد عرفت بنبله ووفاءه في الكثير الكثير من المواقف التي عكست هذا النبل بأنصع صوره، سواء ما كان منها على المستوى الشخصي، أو ما كان متعلقاً بالعمل في النادي.

وإنني حين أكتب ذلك عن الدكتور نبيل فلا أكتب حروفاً مجانية أو دعائية أو مجاملة لكنها حروف حق في رجل مخلص ولطيف وودود وصديق وجميل، يجب أن نقول له أنت تستحق ذلك وأكثر..

أخي النبيل الدكتور نبيل المحيش: شكراً جزيلاً لك من قاع الروح.

(*) عضو مجلس إدارة نادي الأحساء الأدبي، والمسؤول الإداري الأحساء - القارَة

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة