قبل بدء التحرُّك الفعلي لضيوف الرحمن لأداء شعائر الحج، تواترت المعلومات وتناثرت التحليلات وكثُرت التعليقات من محاولات أثيمة، لاستغلال هذه المناسبة المقدّسة، لإحداث الفوضى ونقل التخريب إلى البقاع المقدّسة، لتخفيف الضغط عما يجري في مناطق الاضطراب التي تحيط بها.
ليس فقط المعلومات وحدها التي أثارت القلق والتوجُّس، بل الأقوال والتصريحات غير المسؤولة التي صدرت عن بشار الأسد وعلي خامنئي وكل المرتبطين بهم، التي شكّلت تحريضاً مباشراً لاستغلال موسم الحج لعمل تظاهرات واضطرابات، مما جعل كثيراً من المحللين يتوقّعون موسماً ساخناً يوجِّه تحدياً للمملكة العربية السعودية وقادتها وشعبها، إلاّ أنّ كل ذلك كان مجرّد توقُّعات خاب ظنُّ من بنى أوهامه عليها، فقد مرّ موسم حج هذا العام بسلامة، وتم على أحس حال، بل تجاوزت نسب النجاح ما كان متوقّعاً وأكثر، من حيث سلامة ضيوف الرحمن الأمنية والصحية، وتوفُّر الخدمات الإيوائية والبلدية، مما جعل هذا الموسم يُعَدُّ من أفضل مواسم الحج، تنظيماً وسلاسة وراحة للحجاج، لتؤكِّد المملكة العربية السعودية جدارتها على مواجهة التحديات مهما كانت مصادرها، وليثبت رجال المملكة قدرتهم على تنفيذ أصعب المهام، وإذا كان هناك من يتوجَّب شكرهم، فالشكر مقدَّم لضيوف الرحمن أولاً، لأنهم أثبتوا أنهم مسلمون يحترمون هذه الفريضة وكانوا متعاونين وأنهم قدِموا للديار المقدّسة لعبادة الواحد الأحد، وليس لتنفيذ طموحات وأطماع الأنظمة التي لا تسعى إلى الحفاظ على سلطاتها، كما تؤكده الأحداث والوقائع التي نشاهدها في أكثر من بلد.
والشكر الآخر مقدَّم لرجال وأبناء المملكة الذين تفانوا في خدمة ضيوف الرحمن.. لرجال الأمن بكافة القطاعات، والذين شكّلوا منظومة أمنية انصهر في بوتقتها منسوبو الأمن العام والدفاع المدني والحرس الوطني وأبناء القوات المسلحة وحتى أشبال المملكة من الكشافة.
رجال الصحة العامة، من أطباء وممارسين وممرضين وصيادلة، ومنقذين من منسوبي وزارة الصحة والهلال الأحمر، والخدمات الطبية في المؤسسات العسكرية.. رجال الخدمات من منسوبي البلديات ووزارات التجارة والطرق، وكل مواطن سعودي جنّد نفسه لخدمة ضيوف الرحمن، ليتحقّق بهذا التضافر أفضل موسم حج سيُبنى عليه لتحقيق مواسم أفضل بعون الله، فالسعودي ينافس نفسه حتى يكون الأفضل دائماً يواجه التحديات بتحديات أقوى، لتظل راية الإسلام هي الأعلى، ويبقى الوطن آمناً مستقراً مضيافاً لكلِّ من يقصده.
