Wednesday 16/11/2011/2011 Issue 14293

 14293 الاربعاء 20 ذو الحجة 1432 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

حينما سأل المعلم تلاميذه، ماذا تودون أن تكونوا في المستقبل؟

كل التلاميذ أجابوا إجابات متوقعة ما بين طبيب أو مهندس أو طيار أو معلم .عدا تلميذ واحد قال بكل ثقة:

أريد أن أكون رئيس الجمهورية!

هذا التلميذ هو بيل كلينتون الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية، نشأ يتيم الأب حيث مات والده في حادث سير قبل ولادته بثلاثة أشهر، ولكن هذا اليتم والحرمان لم يقف حائلاً دون تحقيق طموحه حيث واصل دراسته الجامعية وكان يعمل وهو طالب جامعي مساعداً في لجنة العلاقات الخارجية لدى السناتور فلبرايت، ثم تدرج في عدة مواقع سياسية حتى تم انتخابه في العام 1992 رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية وأعيد انتخابه في العام 1996، لقد ظلت سيرة هذا الشاب اليتيم ناصعة البياض في التاريخ الأمريكي الحديث، وظلت صفحته في عيون محبيه وأنصاره نظيفة حتى وإن اتسخت قمصان بعض متدرباته.

والحديث عن الأيتام الذين غيروا مجرى التاريخ يقودني للحديث عن كتاب بذات العنوان للشاب لأستاذ عبدالله بن صالح الجمعة من منشورات العبيكان استعرض فيه مثل هذه القصص لأيتام ساهموا في تغيير مجرى التاريخ بإرادتهم الصلبة التي ربما نمت عندهم نتيجة مشاعر الحرمان والوحدة التي يشعرون بها، في ظل وجود الأم التي غالباً ما تأخذ دور الأب وتدفع ابنها اليتيم إلى الرقي نحو ذرى السحاب، ثم إلى العلياء حيث القمة والمجد.

تحدّث الكاتب في كتابه عن 25 شخصيّة مشهورة عالميًا تنطبق عليهم المعايير التي ذكرها في المقدّمة؛ حيث تناول كتابه سيرة كلٍّ من (الإمام الغزالي، الإمام ابن الجَوزي، الإمام أحمد بن حنبل، الإمام البخاري، الشيخ عبدالرحمن السّعدي، عبدالرزاق السنهوري، غيرهارد شرودر، بيتر لينش، الإمام الشافعي، فريدرك سميث، الإمام عبدالعزيز بن باز، المتنبّي، الإمام سفيان الثوري، ليوناردو دافنشي، حافظ إبراهيم، عبدالرحمن الداخل، نلسون مانديلا، الشيخ أحمد ياسين، الإمام أبو الحسن النّدوي، ياسر عرفات، بيل كلينتون، سيمون بوليفار، كونفوشيوس، جوزيف ستالين، جنكيز خان..).

وفي أدبياتنا اللغوية فاليتيم هو من فقد والده حصراً، وثمة تسميات أخرى تتدرج في الفقد لا داعي لذكرها، وحقيقة ثمة أيتام في هذا الكون صنعوا المعجزات في ظل ضيق ذات اليد حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه دون أن يرثوا مالاً أو جاهاً، خذوا مثلاً سماحة الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله الذي حفظ القرآن الكريم قبل سن البلوغ، ثم ارتحل إلى طلب العلم على أيدي علماء الرياض وبرز في اللغة والعلوم الشرعية وعين في القضاء رغم أنه فقد بصره مبكراً، يا لها من نماذج حقيقية تحتاجها دائماً لتكون قدوة للأجيال في زمن تحولت فيه القدوات إلى الملاعب الخضراء والقاعات الحمراء والصحف الصفراء والسماء مليئة بالألوان ولِكُلِّ امرِئٍ مِن دَهرِهِ ما تَعَوَّدا.

والحقيقة أنني كلما أشاهد جهود وزارة الشؤون الاجتماعية عبر لجان رعاية الأيتام المنتشرة في المملكة أقول إن هذه الوزارة المباركة بذرت في أرض خصبة، فهؤلاء الأيتام تنتظرهم العبقرية وينتظرهم الإبداع الذي قد يحول الفقر والحرمان دونهما، وقد يكون الفقر والحرمان دافعين كما رأينا عند هؤلاء المكافحين الذين رصدهم الشاب المبدع الأستاذ الجمعة، وكنت أتمنى من وزارة الشؤون الاجتماعية أو من المؤلف أن يهدي نسخة من هذا الكتاب لكل يتيم في المملكة ليعرفوا أن الضارة ربما تكون نافعة متى ما وجدت عقلاً سليماً.

بقي أن أقول إنني لم أذكر سيد البشر نبينا الأمي اليتيم، الذي فقد أبويه وهو في سن صغيرة ومع ذلك قاد البشرية جمعاء إلى حيث النور والسرور، لا أقول إلا كما قال المؤلف عن ذلك في كتابه أن محمد صلى الله عليه وسلم هو فوق البشر أجمعين، ومن باب التأدب فقط نشير إليه أما مكانته، فمن الصعوبة أن تحويها دفتي كتاب غير كتاب الله.

Mk4004@hotmail.com
 

أيتام غيروا مجرى التاريخ
منيف خضير

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة