Wednesday 16/11/2011/2011 Issue 14293

 14293 الاربعاء 20 ذو الحجة 1432 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في أفياءِ الرحلة في وجدان الوطن تستقطبُنا أحداث، وأعمال، وأصداءٌ غير مرتبطة بزمنٍ أو مناسبة؛ لذلك ننطلق في أجواء المحبة، وفضاء الشوق محلقين.

نعم.. نسافر في هوى الوطن وتجلياته من أعماق الوجد والوجدان:

أسافرُ فيك، ومنكَ إليكْ

ويحضنني الشوقُ في مُقلتيكْ

أسافر عنك، وفي غربتي

أحنُّ حنين الحزينِ إليكْ

حضوركَ في هاجسي لهفةٌ

تُقرّب نجوى الحبيب لديك

سلامٌ عليكَ متى نلتقي

وفي كلِّ حينٍ سلامٌ عليكْ

وفي لقاء الأحبة تتجلى الهواجس بأشعة الإبداع وتموجاته الرقيقة، وفي وداع الأحبة والتشوق إليهم تتفصدُ تراكمات الوجد واللوعة والاشتياق عن تهويماتٍ وجدانيةٍ تستدعي الذاكرة وتسكب رحيقَ الحب نثيراً كالورود يبقى عبيرها ويظلُّ ألقها يمازج النفوس ويُحرِّك المشاعر:

يا منى قلبي، وقيثار شجوني

وانتحار الشوق في ليل ظنوني

وانسكاب الشهد في كأس اشتياقي

وانصهار الوجد في قلبي الحزينِ

فيك أحيا ذكرياتي وعذابي

وانكسار عذابي وأنيني

فيك أنسى كل ما حولي، وفكري

يتلظى برؤى الطيف الضنينِ

يا حروفاً صاغها نبضُ فؤادي

في حياتي، في خيالي، في يقيني

في جراحي قبل أن تبكي جراحي

في أنيني عندما احتدَّ أنيني

غير مبقٍ في قراراتٍ ظنوني

أملاً فيكِ.. سأبقى في شجوني

وعلى الرغم من الشجون والأمل الجريح تحتفي الذاكرة بتلك اللوحات الوجدانية الرائعة لصور وداع الحبيب ممعنة في غرس شتائل الشوق إلى اللقاء، ولا تنسى الذاكرة الوجدانية تلك اللوحة الوداعية للشاعرة ولادة بنت المستكفي التي تعبر عن شفافيتها ورقتها إذ تقول:

ودّع الصبر محبٌّ ودعكْ

ذائعٌ من سرِّه ما استودعكْ

يقرعُ السنَّ على أن لم يكنْ

زاد في تلك الخُطى إذ شيَّعكْ

يا أخا البدر سناء وسنى

حفظ الله زماناً أطلعكْ

إن يطل بعدك ليلي، فلكم

بتُّ أشكو قصر الليل معكْ

وعندما يكون التغني بالحبيبة الوطن تتواشج الهواجس معبرة عن الحب والوفاء بشفافية وابتهاج تهتف من أعماق الوجدان.. نقرؤها ونصغي إليها بصوت الشاعرة الدكتورة ثريا العريض في قصيدتها (أغنية للوطن) التي تقول فيها:

تتكسر كلُّ السلاسلِ، كل السلاسلْ،

أكادُ أمسُّ السَّنا بيدي

بريق خزامى، وهمس نخيلْ

فأرجع من شرفات الرحيلْ

بشوقِ حُداء القوافلْ

أما زلتَ تسمعُ لون الخزامى؟

ينادي، يُعاند موتَ اليبابْ

يعيدُ الربيع انتثارا

وشوكُ الصخور مساراً لرقص الأيائلْ

أترسم وجهي؟

ملامُحه تترامى!

على الأفقِ باحثة عن وطن

يبوحُ الخزامى بأسراره، والرمالُ اضطرابْ

ووجهُكَ ينسى تقاسيمه في وجيب الغيابْ

زمانُ المنافي يعودُ انهمارا

لتزهر في مقلتيَّ،

ينفردُ الشوق حتى تصير الزوايا فضاء

وتقرؤنا في السماء التماعَ ضياءْ

وأغنية للوطنْ

وفي ارتحالاتنا الوجدانية عبر هواجس الوطن ننتقل من إنشادٍ في هوى الوطن إلى إنشادٍ آخر في حضرة الوطن ينسجهُ الشاعر المبدع الأستاذ عبدالله بن عبدالرحمن الزيد في قصيدته (معزوفة الوطن على ياءِ المتكلم)، التي يعبِّرُ فيها عن هواجسه الوفائية لوطنه العزيز.. فيقول:

رسمتُ على الأحوال تنويع أشعاري

وغنَّتْ مع الأشعار أحوال أوتاري

وجئتُ إلى ذات الفداءِ بنبرتي

أحرِّض جنات الربيع بأمطاري

وأوقدتُ ناري في شتاءِ صبابتي

فذابتْ على دفءِ التباريح أنواري

وسطرتُ من روح القناديل ما جرى

فهامت على بوح القناديل أسراري

فلي وطنٌ ترضيه بالوجد عَبْرتي

وأرضي بما توليه أطراف أسفاري

ويلتفت الشاعر عبدالله الزيد إلى ما توحي به تجليات الوطن فيعبِّرُ عن صدى التجاوب مع أفضال الوطن، وانعكاسات خيراته الفضلى:

إذا أورقت أرضي فللروح روحُها

وريحانها يسري بظلي وأشجاري

وإن أجهشتْ روحي فللأرض وَجْدها

يسطّره ذِكري، ويسري بأذكاري

وإن لاح للأحوال تنويع سيرتي

فسوف تعيدُ الروح تنويع أشعاري

أعدِّدُ في ذاك الوفاءِ مشاهدي

وأروي لنسغ الذاتِ ترتيل أشعاري

وعندما نكاد ننسى أنفسنا في ابتهاجات السفر نرتد إلى ظلال الراحة وعشق الاستقرار والإيلاف للراحة والتأمل ومباشرة العمل، لكن شاعرنا المبدع د. غازي القصيبي يأخذنا إلى مرفأ آخر من مرافئ السفر على ضفاف الخليج العربي حين يقف منشداً على بوابة (جسر الملك فهد) الرابط بين المملكة والبحرين بين الخُبَر والمنامة إذ يقول:

ضربٌ من العشق.. لا دربٌ من الحجر

هذا الذي طار بالواحات للجزُر

ساق الخيام إلى الشطآن.. فانزلقت

عبر المياه شراعاً أبيض الخفر

ماذا أرى؟ زورقاً في اليم مندفعاً

أم أنه جملٌ ما ملَّ من سفر؟

وهذه أغنيات الغوص في أذني

أم الحداة شدوا بالشعر في السحر؟

واستيقظت نخلة وسنى.. توشوشني

من طوَّقَ النخلَ بالأصدافِ والدُّررِ

نسيت أين أنا.. إن الرياض هنا

مع المنامة مشغولان بالسمر

وهذه جدة جاءت بأنجمها

أم المحرّق جاءتنا مع القمر

أم أنها مسقط السمراء زائرتي

أم أنها الدوحة الخضراء في قطر؟

وتتجدد هواجس الوطن في موسم من مواسم تجلياته وأفراحه، موسم العيد الذي نعيشه واقعاً، ووفود الحج تقف في عرفات في وحدة إسلامية، توزع على توحيد الدين والمشاعر والملابس، والتوجه، والأداء، والتعامل في الزمان والمكان، والمناسك، توحد في القضايا والهواجس، الأفراح والأحزان، اللقاء والوداع، وذكرى التاريخ، وذاكرة تحضر لتجمع المسلمين على صعيد واحد يؤكد أهمية حضورهم وتأثيرهم، ووجودهم الذي ينبغي أن تبرز مكانته وتقديره واحترامه.

حضورٌ في الزمان، وفي المكان

وعنوانٌ لإيلاف الأمانِ

وذاكرةٌ لفلسفة التحدي

ومفرزةٌ لتاريخ الرهان

رحابُك قمة الطُّهرِ، التجلي

وضوؤكِ في الحياة الفرقدانِ

ضممتِ الأنبياء، فكنتِ أمناً

ومقبرةً لبطشِ العنفوانِ

مثابةُ خائفٍ، وظلالُ حقٍّ

وميزانُ العدالةِ كلَّ آنِ

a.s.alhumied@hotmail.com
http://www.alhumied.com
 

هواجس من الصحراء
رحلة في ذاكرة الوطن ووجدانه (1-2)
عبد الله بن سالم الحميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة