Wednesday 16/11/2011/2011 Issue 14293

 14293 الاربعاء 20 ذو الحجة 1432 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

ساهر.. القضية
د. محمد أحمد الجوير

رجوع

 

أُقرُّ وأعترف بأني أحد الكُتّاب الذين تناولوا نظام (ساهر) بالنقد الموضوعي غير المتشنج - كذا أظن - فقد كتبت في هذه الجريدة واسعة الانتشار مقالين، أحدهما بعنوان (المتردية.. وما أكل السبع)، على أن المتردية هي «الخطوط السعودية»، التي لم تزل معاناة الراكب معها قائمة، وأن السبع هو ساهر والقياس اللذان باتا مشاركين أساسيين في دخل المواطن، ويساهم الأخير (القياس) في تكريس البطالة، ولاسيما عند من هو في دائرة الدخل المقرود! والمقال الآخر بعنوان (ساهر.. والعسة!) عوداً على ابن السبع (ساهر) الساحر، الذي هو مدار هذا المقال.

لا يظن ظان أني في مقالاتي السالفة، وحتى هذا المقال، ضد ساهر بوصفه نظاماً، بقدر ما أنا ضده بوصفه مصدر جباية؛ كونه أخذ الناس على حين غرة، لم يسبقه توعية وإرشاد ولا هم يحزنون. نعم هو ساهم بشكل فاعل في تقليل الحوادث الكارثية، لكن ذلك لا يسوغ أبداً عدم الاستماع لوجهات النظر المطروحة، والاستماع للرأي الآخر داخل المجتمع، ونتيجة لهذا التجاهل من قبل المسؤولين عن هذا النظام، سواء كان المرور، أو الشركة المنفذة، وقع الفأس على الرأس، وحدثت كارثة لم تتصور، ولم يتقبلها المجتمع مهما كانت الأسباب، حادثة إحراق سيارة ساهر (طريق الرياض - الطائف) بمن فيها، أمر لا يقره الشرع ولا القانون ولا الأخلاق البتة؛ فهو في حد ذاته اعتداء إجرامي على ممتلكات الدولة، وإزهاق لنفس بريئة، وترويع للناس، لكن ثمة سؤالاً يطرح نفسه: لماذا أقدم هذا المتهور على فعلته القبيحة؟! وما الدوافع لذلك؟ والأهم من ذلك من يتحمل تبعة ذلك؟ أنا شخصياً أتمنى أن يوفق الله السلطات الأمنية للقبض على الجاني وتقديمه للعدالة؛ لأن فعلته تنذر بخطر عظيم، أقله الاستخفاف بالأمن، وفتح أبواب الشر على مصراعيها. يا رعاكم الله سأترككم مع التساؤلين الأولين تتصارعون، وسأكفيكم الإجابة عن الأخير، من وجهة نظري، ورزقي على الله: ألا ترون يا عباد الله أن المسؤول الأول دون منازع هو المرور باعتباره الجهة المشرفة، ثم تأتي شركة الجباية عفواً (المنفذة)؟ كيف يتسنى لهما الصمت وسط هذا الاحتقان في المجتمع من المتضررين من هذا النظام الساحر؟! والذي أخشاه أن الجاني اعتمد في جريمته النكراء - بلا شك - على أن الساحر يقتل، فالتبس عليه أمر ساهر المرور مع ساحر العقيدة! هذه واحده. والثانية أننا في القرن الواحد والعشرين، قرن التقنية، لا قرن الثعالب! هل يعقل أن تستخدم سيارة صغيرة بحجم ميتسوبيشي لقنص عباد الله، ويضحى بداخلها بشاب صغير، غفر الله له وألهم أهله الصبر والسلوان؟ نعم، وتريليون نعم، يتحتم على المرور والشركة المنفذة تحمُّل تبعات هلاك شاب القويعية، وضرورة سرعة إعادة النظر في هذا النظام قبل فوات الأوان. ولعل من أسباب هذه الكارثة - في ظني، وما أكثر ظنوني - أن إدارة المرور سلمت الجَمَل بما حمل (ساهر) لشركة خاصة، وإلا ماذا يعني الترصد لسائقي المركبات بقصد الحصول على أكبر قدر ممكن من الغرامات بأسلوب الرصد من خلال السرعات المختلفة على الطريق الواحد وبصورة مفاجئة، ثم مارسة مضاعفة الغرامة؟! إدارة المرور والخطوط السعودية، وخذ معهما على الطريق القياس، القاسم المشترك بين الثلاثي هو (التطنيش). والله لو جمعتُ المقالات التي تناولت بالنقد هذا الثلاثي المُرّ في وسائل الإعلام المقروء فقط لألَّفت منها مجلدات، لكن - للأسف - أذن من طين والأخرى من عجين! والغريب أن مجلس الشورى الموقر أكد بعض أعضائه أن هذا النظام (ساهر) بكل تفاصيله لم يطرح للنقاش في المجلس، وهو لا يخلو من الملحوظات الكبيرة، إذن - في رأيي - ماذا سيكون موقف الشوريين والسيل بلغ الزبى؟! هل ينتظر هؤلاء مصيبة أخرى؟ أم نحن بحاجة لتدخل سريع ينهي المشكلة برمتها مع هذه القضية التي باتت تؤرق المجتمع؟ نحن لا نطالب بإلغاء ساهر؛ فهو نظام جيد ومطلوب، لكننا نطالب بإعادة دراسة آليته الحالية، وبأن تسبقها توعية مكثفة للمجتمع عبر وسائل الإعلام المتنوعة، ويكفي التعنت والإصرار على الخطأ.. ودمتم سالمين.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة