Sunday 20/11/2011/2011 Issue 14297

 14297 الأحد 24 ذو الحجة 1432 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

الأعمار ليست سواء. بعض الكائنات أعطيت عمراً طويلاً وبعضها لا يعيش أكثر من أيام تُعد على أصابع اليد الواحدة. الببغاء الرصاصي المعروف يعيش إلى 50 سنة، بينما كائن «غاستروتريش» المجهري لا يعيش أكثر من 3 أيام. بل هناك نوع من الذباب اسمه ذباب مايو، يفقس من بيضته إلى شبابه ثم شيخوخته ووفاته في فترة لا تتعدى 30 دقيقة.

من الكائنات طويلة العمر هي أسماك كوي اليابانية التي اشتهرت بها بيوت الأثرياء الغربيين، فتجد بركة مليئة بأسماك زاهية الألوان، بعضها يصل سعر الواحدة منها إلى أكثر من 10 آلاف ريال، وهي نوع من سمك الشبوط المدجّن. هذا النوع من السمك يمكن أن يعيش إلى 45 سنة، وأشهرها هي «هاناكو»، وهي سمكة كوي قرمزية اللون التي انتقلت من شخص لآخر حتى ماتت عام 1977م عن عمر يقارب 226 سنة.

وليس الحيوان فقط بل النبات له نصيب الأسد من طول العمر. عام 2004م وجد باحثون شجرة أرز في السويد تعود إلى العصر الجليدي، و»العصر الجليدي» كلمة تشير إلى فترات من عمر كوكب الأرض انخفضت فيها الحرارة بشكلٍ مطرد مما كسا الأرض بالجليد، ومرت على كوكبنا عدة فترات كل منها يمكن أن يسمى عصراً جليدياً ولكن آخرها وأشهرها هي حقبة بدأت قبل قرابة 20 ألف سنة، ونَمَت هذه الشجرة في تلك الفترة. طول الشجرة 4 أمتار وعمرها تسعة آلاف وخمسمائة سنة، وعلى هذا فهي أقدم شجرة معروفة على وجه الأرض حالياً، أما سبب صمودها هذه الفترة الطويلة فإن كبير الباحثين الذين وجدوها يعتقد أن السبب هو قدرة الشجرة على استنساخ نفسها، فجذع هذا النوع من الشجر له عمر يقارب 600 سنة، لكن في هذه الحالة فبمجرد موت جزء من جذعها فإن جزءاً آخر ينمو مكانه. في موضوع سابق بعنوان «الصحة في البرية» رأينا كيف أن الأشجار تتخاطب لتحذر بعضها من الحيوانات التي تتغذى عليها، وهذ ما جعلني أفكر: ماذا لو كنا نستطيع التخاطب مع الأشجار؟ ماذا لو أن هذه الشجرة استطاعت أن تخبرنا عما رأته من حضارات البشر وحروبهم وحياتهم؟ شيء يدغدغ المخيلة.

لكن هناك ما هو أعجب من هذا كله. من يسبحون في البحار كثيراً لا شك أنهم يعرفون أن من الكائنات التي يجب أن يحذر منها الشخص هو قنديل البحر، وهو كائن غريب الشكل، يشبه الفطر أو قمعاً مقلوباً، وسبب التحذير منه هو لسعته الأليمة، فيلدغ الشخص بخلايا لاسعة منتشرة في أنحاء جسمه ثم يضخ السم عبر الجرح، وهو ما يسبب ألماً حارقاً ويقتل من لديهم حساسية تجاه السم، حتى أن هذا الكائن يقتل عشرات الناس كل سنة حول العالم. قرأت خبراً مزعجاً عن هذا الكائن: إنه أطول الكائنات عمراً! ليس إطلاقاً فهذا الكائن دائماً يُقتل أو تأكله حيوانات أخرى وحتى البشر يأكلونه، ولكن الكلام من ناحية حيوية أو بيولوجية، ذلك أن هناك نوعاً من قناديل البحر هو الكائن الوحيد الذي يمكنه أن يقوم بعملية التحول من طور زمني إلى آخر. للتوضيح، في بداية حياة قنديل البحر فإنه ينشأ على شكل بويضات صغيرة، ثم تتحول كل بويضة إلى طور يسمى «بوليب» يكون فيه على شكل أنبوب، ثم إلى طور آخر وهكذا إلى أن يتحول إلى قنديل بحر بالغ يستطيع التكاثر. أما قضية طول عمره التي أشرت إليها فهي أن هذا الكائن بعد بلوغه فإنه يستطيع أن يتحول إلى طور آخر هو طور «بوليب» الذي ذكرناه، وبعد هذا الطور يبدأ في النمو من جديد ليتحول إلى قنديل بالغ مرة أخرى. للمقارنة، فإن الإنسان ينشأ جنيناً في بطن أمه ثم رضيعاً ثم طفلاً ثم شاباً وهكذا. لو أن البشري استطاع أن يحاكي ما يفعله هذا النوع من قناديل البحر فإن ما يحصل هو التالي: ينشأ الإنسان نشأة طبيعية، طفل فمراهق فشاب فكهل («كهل» لا تعني المسن كما يعتقد الكثير وإنما تعني ما بين الثلاثين إلى الخمسين في العمر)، ثم شيخ. ثم، بعد أن يصل الإنسان لمرحلة الشيخوخة يبدأ تدريجياً في التحول إلى طفل، ومن ثم إلى مراهق ثم شاب وهكذا. هذا ما يفعله هذا النوع من قناديل البحر، أي أنه نظرياً على الأقل يستطيع أن يعيش مئات الآلاف من السنين.

{قُلْ سِيرُوا فِي الأرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} (العنكبوت، 20). سبحان خالق هذه الأعاجيب.

 

الحديقة
ماذا لو كان الشجر يتكلم؟
إبراهيم عبد الله العمار

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة