Thursday 24/11/2011/2011 Issue 14301

 14301 الخميس 28 ذو الحجة 1432 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

تلتقط مسامعنا أحيانا عبارات شتم يرميها إنسان نحو آخر نتيجة غضب وانفعال أفرزه موقف سلبي بينهما بأن يصف أحدهم الآخر بالكلب، وغالباً يكون هذا بين المراهقين والصبيان ممن يلهون ويرتعون في الشارع، لماذا الكلب دون غيره من الحيوانات؟ فلعلها كلمة سوقية متوارثة منذ القدم وليست حكراً على مجتمع بعينه، تسمعها في كل البلاد وتنقلها وتصورها الأفلام والمسلسلات المتلفزة، وإن أعدنا النظر في موقف الكلب من البشر نجده رفيقاً وفياً أميناً مخلصاً، والقصص والروايات تؤكد هذا، إلا إن كان التشبيه يعود لطبيعة خلقة الكلب وخصوصية جعلها الله فيه جعلت الإنسان يخشى من نقله لفيروس ونحوه مما وصمه بالنجاسة، غير أن هذا قد لا يكون مبرراً كافياً فكثير من الحيوانات والحشرات بل ربما بعض البشر ينقل الفيروس المعدي وبأخطر مما يسببه الكلب، وهذا الحيوان اللطيف الوديع لا يخدع صاحبه ولا يخونه، وإن حدث فهي حالات قليلة يتندر بها الناس في حكاياتهم، كأن يكون صاحب الكلب ممن يقتّر عليه في رزقه وإطعامه، وقد يزيد على ذلك بضربه وتركه يبيت في العراء في زمهرير الشتاء دون شيء من حليب أو ما يسد رمقه ومع ذلك يطالبه بحسن الحراسة ودقة المتابعة للقطيع، إذا جاع الكلب سيفعل ما يناقض طبيعته التي جبل عليها، حتى قيل في الأمثال (لا يساوي كلب سرق أهله) ذهبت مثلاً لندرة إقدامه على هذا الفعل المشين فهو لم يخلق إلا للأمانة والوفاء، لكن كما يقال (الجوع يكفر الكلب)، ومن أبشع ما تسمعه الأذن من بعض الآباء رجالاً ونساء عند الغضب حين يصفون الأبناء بالكلاب فيقول أحدهم لابنه وهو ينهره عن أمر ما: لم فعلت كذا يا كلب !! والابن لا بد أن يبتسم لأنه (ابنه)، والصورة تنقلب للأحسن والأفضل بعد أن يذهب الغضب وتتمدد الأعصاب فيخاطب ابنه بقوله: تعال هنا يا شاطر وافعل كذا يا حبيبي وغيرها من لطيف الكلمات، وهذا ما يجعل بعض الفتيان يعيش بين والديه متقلب المزاج متعكّر الذهن حتى يألف هذه الجمل والكلمات ويأخذ بترديدها مع أقرانه وكأنها من المسلمات المقبولة، والمؤذي بدرجة أكبر أن يعمد بعض المعلمين لاستخدام مثل هذه الكلمات وتوجيهها للتلاميذ في المدارس فهنا ترسخ بشكل أعمق في أذهانهم وتلتقي مع ألفاظ يسمعونها في المنزل والشارع فلا يجدون غضاضة في استخدامها طالما أن الأب والمعلم والرفيق يستخدمونها فتكون من متلازمات لغتهم التخاطبية الشائعة وتتحول إلى مفردات مبتكرة يشملها التجدي(نحو الأسوأ) في اللهجات الدارجة كما هو ملاحظ الآن من إطلاق كلمات وجمل لم يكن المجتمع يستسيغها ويقبلها بل كان ورودها على لسان أحدهم يعد من ممجوج الخطاب الاجتماعي وسوء المنطق، وإن أردت أمثلة من تلك تتبع النكات والطرائف والتعليقات التي تتناقلها أجهزة التواصل والهواتف المحمولة حتى لكأنك تشعر أنها باتت من صميم لغتنا المتداولة وإنها من فيض أخلاقنا وعاداتنا التي لا نستنكف الحديث عنها وبها.

 

علي الخزيم
الكلاب تحتج
علي الخزيم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة