Friday 25/11/2011/2011 Issue 14302

 14302 الجمعة 29 ذو الحجة 1432 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

 

الصوت الغائب (المُغَيَّب) والخاسر الأكبر
عبد العزيز الربدي

رجوع

 

يمر وطننا في الفترة الحالية بحراك اجتماعي وتجربة إعلامية جديدة يتسيدها الاعلام الجديد متيحاً هامشاً من الحرية ومجالاً لم يكن متوفراً في السابق. وميز هذه المرحلة تجاذب طرفين متناقضين في الإتجاه والرؤية ادعاء قيادة المجتمع ككل والعمل على فرض وصاية فكرية وقيادية على المجتمع، «مع أن كليهما يدعي - للغرابة- عكس ذلك في طروحاته»، ومن أهم خصائص هذين الطرفين علو الصوت والصخب والحدة في النقاش وإلغاء الآخر والتشكيكفي الولاء.

كل هذا يحدث في ظل غياب تام - إن يكن بقصد أو غيرذلك - لطرف ثالث يمثل دون مبالغة الغالبية العظمى من المجتمع. يمثل هذا الطرف شريحة تلتزم الصمت وتغيب أو يُغَيَّبُصوتها وهي الأحق بالحديث والأجدر بالاستماع اليها، هذه شريحة يمثلها الموظف الحكومي الملتزم بأداء واجبه المؤدى لعمله غير باحث عن رشوة أو تملق لمرؤوسيه، يمثلها التاجر وصاحب الصناعة المؤدي لإلتزاماته كاملة، والحريص على اتباع الطرق النظامية المعلنة والمنشورة في الحصول على ما يحتاجه لأداء عمله، والذي لا ُيشجع ولا يقبل اختراق الأنظمة وبيع وشراء الضمائر. يمثلها المعلم -رجلا كان أو امرأة- الباذل لجهده وصحته للمساهمة في تنشئة جيل يحافظ وينمي ما بُنيَ في هذا البلد، وليس مضيعا لأمانته مهملا لها. يمثلها الطبيب والطبيبة اللذان يتعبان ويسهران لخدمة المرضى ويعملان على تأدية واجبهما الانساني دون البحث عن مكاسب مادية فاحشة تحول هذه المهنة الشريفة عن مسارها بمباركة الأنظمة المتعاقبة التي لم تراع هؤلاء. يمثلها بشكل مختصر المواطن الصالح - بجنسيه - الذي يدفع فواتير الكهرباء والماء ويسدد مخالفات «ساهر» ويلتزم بشروط بناء منزله «إن أمكنه شراء ارضه»، ويحافظ على الممتلكات العامة، ويحتفل باليوم الوطني بعقلانية وانتماء وشعور داخلي عميق بحب هذه الارض، والرغبة في رؤية بلده في أحسن حال.

هذا المواطن الصالح -رجلا كان أو امرأة- يرغب أن يتم التعامل معه على أنه إنسان مواطن يستحق أن يخدم ممن وضعوا لذلك بكرامة واحترام، وأن يحصل على تعليم مناسب لابنائه، وكذلك على خدمات صحية تليق به، وأن يشعر بالأمان، وأن لا يخشى أن تضيع حقوقه بسبب أنه مواطن صالح. وكذلك يرغب أن يكون بإمكانه وعائلته التمتع بقدر مناسب من الترفيه دون قيود متشددة ودون فلتان بجميع أنواعه.

إن هذه الشريحة هي الأغلبية في هذا المجتمع، وتمثل الروح الخلاقة والمبدعة فيه، وإن عدم وجود آلية مقننة ومناسبة لسماع هذا الصوت دون الحاجة لرفعه والصخب لَيُضيع فرصة كبيرة، لأن هذه الشريحة من المجتمع تمثل أحد صمامات الأمان الرئيسة في هذا البناء الملتحم، وأظن أن الوقت قد حان لأن يكون هذا الصوت المُغَيَّب أو الغائب حاضراً وبقوة، وبالآلية التي توصله بسلاسة ويسر دون المرور بدهاليز قد تميعه وتعيده الى حالة «البحوح»، فقد مللنا الصراخ و»الزعيق»، وجاء وقت الصوت الحكيم المتزن الهادئ، وأن نسمع هذا الصوت ونستمع له الآن - وإن بدا ذلك متأخراً - أفضل من أن لا نسمعه أبداً.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة