Friday 02/12/2011/2011 Issue 14309

 14309 الجمعة 07 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

قد تبدأ المطالبة بالحقوق من مرحلة المهد عندما يقوم الرضيع بالتعبير عن جوعه بالصراخ، وعن ضيقه وألمه بالرفس، وعن غضبه بضرب وجهه بيديه الصغيريتن. وتختلف تلبية حقوقه من بيئة لأخرى، فقد تقابل مطالبه المناسبة لخصائصه العمرية بالإشباع والاحتواء، وتتكون بذلك على مدى مراحله العمرية القادمة شخصية هادئة مسالمة ومشبعة عاطفياً، وتتخذ من الحوار والإقناع وسيلة للحصول على حقوقها باختلاف أهميتها وأولويتها في حياته. ولكن من جانب آخر قد تقابل مطالبه بالتأجيل والإهمال والغضب وتتكون بذلك على مدى سنوات قادمة شخصية عدوانية ناقمة تشعر بالنبذ والرفض ولا تجد إلا الصراخ والعناد وإثارة الفوضى وسيلة للحصول على حقوقها باختلاف أهميتها في حياته! بل الكثير من هذه الشخصيات تبني لسنوات طويلة على مواقف سيئة تعيشها في حياتها حتى تصل إلى درجة من الانفجار الذي يؤذيها ويؤذي من حولها!.

وهنا نناقش أهمية التوعية بكيفية المطالبة بالحقوق من الصغر ولا نهمل ذلك لسنوات طويلة ثم نقع في موقف حرج تعاني منه أجـيال وليس أفراداً! وهذا ما نعاني منه على المستوى العربي العام عندما تتحول مشاعر الظلم والاضطهاد المتراكمة لسنوات طويلة إلى ثورات ساحقة لدول! وعندما تتحول مشاعر القهر والنبذ وهضـم الحقـوق إلى ردود فعل مـؤذية للذات وللآخـرين بهدف التعبير الساخط عن الحقوق المهضومة!.

فالقضية الحساسة التي لابد من حصرها في الجهل بكيفية التعبير عن الحقوق بأنها ليست قضية وليدة اللحظة، بل إنها مرتبطة بأجيال سابقة وتم توارثها من جيل لآخر دون وعي بتراكماتها ونتائجها السلبية على المجتمع بمؤسساته وأفراده! والذي قد يجهله الكثير بأن هذه الثقافة ترتبط أيضاً بأساليب التربية القامعة للتعبير عن الحقوق الفردية منذ الصغر وعدم التشجيع عليها سواء كان ذلك على المستوى الأسري أو المدرسي أو المؤسسي! لذلك فإن هذه الأساليب المتوارثة بداخلنا لا شعورياً ساهمت في وجود جيل بدأ حالياً يعبر عن حقوقه لكن دون إجادة -للأسف- بكيفية التعبير بما يساهم في تقدير مطالبه وإشباعها بما يناسب درجة الاحتياج! والدليل ردود الفعل العنيفة بين الطلاب تجاه بعضهم البعض أو تجاه معلميهم! أيضاً ردود الفعل العنيفة لمجرد الاختلاف في الرأي على المستوى الأسري سواء بين الأزواج، أو بين الآباء وأبنائهم لدرجة تصل للعنف الشديد أو القتل. وما يواجهنا في مجال العنف الأسري لأكبر دليل على أن ثقافة المطالبة بالحقوق معدومة لدى فئات كثيرة!.

وما نتوقعه من الجهات الحقوقية بالتعاون مع الجهات المعنية بتربية جيل مطمئن ومتفهم لكيفية التعبير عن حقوقه أن تكون هناك برامج دورية مكثفة طوال العام تسعى لبث تلك الثقافة لمختلف الأعمار لكن دون الإيذاء الشامل للنفس أو الآخرين أو للمال العام!

moudy_z@hotmail.com
 

روح الكلمة
ثقافة المطالبة بالحقوق؟!
د. موضي الزهراني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة