Friday 02/12/2011/2011 Issue 14309

 14309 الجمعة 07 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

 

متوسط السيولة المتداولة يوميا تراجع لـ5 مليارات ريال
خلال خمس سنوات.. الإنفاق الاستهلاكي أفقد السوق فوائض مالية كبيرة

رجوع

 

الجزيرة - د. حسن الشقطي

يوشك عام 2011م على الرحيل، والميزانية توشك أن تصدر، وتأكيدات الأرقام الكبرى للميزانية والناتج يقترب الإعلان عنها، وهى ليست المرة الأولى، فقد حدثت أولى الطفرة للإيرادات الحكومية في العقد الجديد في عام 2008م، ويتوقع أن تتكرر ولكن على نحو أكبر في عام 2011م، والناتج تدور تنبؤاته حول أعلى تقديرات للمملكة، في خضم هذا كله استعاد سوق الأسهم هدوءه منذ كبوته في 2006م، وهو إنجاز جدير بالإشادة، إلا أنه في ذات الوقت خسر سيولته الكبرى، وافتقد الزخم العالي، وخسر قاعدته العريضة، وما يزيد الأمر غموضا أن خسارته تزامنت مع فترة وصلت فيها قيمة السيولة المحلية (مقاسة بعرض النقود) إلى 1.2 تريليون ريال في نهاية سبتمبر 2011م، أي ارتفعت عن مستوى 2006م بنسبة 78%، الأمر المستغرب أنه رغم هذه الزيادة في حجم السيولة المحلية، إلا أن مقدار السيولة الموجهة إلى سوق الأسهم تراجع بشكل تدريجي من 2006م حتى استقر منذ عامين تقريبا عند مستوى الخمسة مليارات ريال، وهي قيمة أصبحت تمثل العائق الملموس والواضح أمام انتعاش حركة التداول عن المستويات الحالية، إنها المعضلة الأساسية في سوق الأسهم الآن بعد استقرار أوضاعه، وبعد تماسكه في وجه الاضطرابات المحلية والعالمية.

عام 2011م .. يمثل عام النجاح لسوق الأسهم

رغم أن البعض يعتبر هذا العام هو الأكثر قلاقل في التاريخ الحديث، إلا أنه يعتبر العام المميز لسوق الأسهم السعودي، وأثبت بلا شك أنه أصبح قويا، وقادرا على ترسيخ نفسه ككيان استثماري متماسك وراسخ بقوى محلية، بصرف النظر عن الظروف الإقليمية أو العالمية، فرغم أن مؤشر السوق استجاب خلال فترات الاضطرابات سلبا، إلا أن استجابته جاءت طبيعية، وها هو المؤشر يسجل مدى يتراوح بين 6788 و5323 نقطة خلال (52) أسبوعا، أي خلال عام الاضطراب، فرغم الربيع العربي وسقوط أنظمة دول عربية قريبة إقليميا، ورغم حدوث اهتزازات اقتصادية شديدة عالمية وإقليمية، إلا أن المؤشر استجاب بشكل مقبول، واستعاد جزءا كبيرا من خسائره، باختصار لقد أصبح المؤشر قويا ويتحرك في مدى طبيعي.

أين سيولة السوق؟

لا نتكلم عن سيولة سوق الأسهم، ولكن الآن نسأل عن السيولة المحلية المتراكمة في أيدي الجمهور أين تذهب؟ وهل تلك السيولة التي كانت تتجه إلى سوق الأسهم في 2005 و2006م وجدت لها توجهات أخرى؟ وهل هذه التوجهات تعتبر هي الأنسب اقتصاديا للمملكة؟

يمكن أن نقيس حجم السيولة المحلية بحجم النقد خارج المصارف، الذي يمثل السيولة الحاضرة في أيدي الأفراد بالسوق المحلي، وقد ارتفع حجم النقد خارج المصارف بالسوق المحلي من 69.3 مليار ريال في 2006م إلى حوالي 120.7 مليار ريال في نهاية سبتمبر 2011م، رغم ذلك الارتفاع الكبير الذي ناهز الـ 74%، إلا أن متوسط السيولة اليومية المتداولة بالسوق شهد انخفاضات تلو الانخفاضات حتى استقر عند مستوى الخمسة مليارات ريال كقيمة يومية متداولة، أي أن السوق كان يتداول فيه يوميا ما يزيد عن 20 مليار ريال عندما كان النقد خارج المصارف يبلغ 69.3 مليار ريال، في حين أصبح يتداول فيه 5 مليار ريال لما أصبح هذا النقد يصل إلى 120.7 مليار ريال، رغم أن قراءة المؤشرات الاقتصادية السريعة تشير إلى حدوث نوع من الإقبال على القطاع العقاري خلال العامين الأخيرين، إلا أن ليست كل السيولة توجهت للقطاع العقاري، لأن العقار يتطلب نوعا من الخبرات والمهارات (في السمسرة وإدارة العقارات والبناء والتشييد وغيرها) لا يمتلكها كثير من الأفراد بالسوق المحلي .. لذلك، فإن جزءا كبيرا من هذه السيولة بدأ يتوجه إلى إنفاق استهلاكي محض، وهذا ما يؤيد مقولة إن الاقتصاد الوطني افتقد فرصا بديلة كبيرة بابتعاد هذا النقد الذي يعد جزءا كبيرا منه فائضا عن احتياج المواطنين، بابتعاده عن توجه استثماري كان يلبي احتياجاتهم وهو سوق الأسهم.

الاستثمار في سوق الأسهم يلبي احتياجات السعوديين أكثر من أي استثمار آخر

بعض الدراسات أشارت إلى أن تضخم مؤشر سوق الأسهم في 2006م يعود إلى وجود نوع من الإقبال الكبير على الأسهم، وأن السعوديين يفضلون المضاربة بالأسهم، وأن كثيرا منهم يمتلك مهاراتها، وأن ممارسة المضاربات تعتبر أمرا محببا إليهم، إلا أن هناك جانبا آخر أكثر أهمية أغفلته هذه الدراسات، وهو أن المضاربات تتم بسيولة الفائض قصيرة المدى، بمعنى أن كل سعودي كان يقوم بالمضاربة براتبه أو بمدخراته التي يستطيع الاستغناء عنها لفترة قصيرة أملا في تحقيق ربح لتسيير أموره الشخصية وتلبية متطلبات الإنفاق اليومي أو الأسبوعي، لذلك، فقد وجدوا في سوق الأسهم أداة مثالية للاستثمار قصير المدى ومربحة ولا تحتاج إلى جهد كبير ولا تتطلب ممارسة نشاط تجاري ولا متابعة ولا تشييد ولا غيرها، أي أنها أداة استثمارية سهلة وقادرون على تحمل مخاطرها، لذلك فعلاج حالة الضعف التي طرأت على السيولة اليومية المتداولة ينبغي أن يهتم بهذه العناصر.

الاستثمارات قصيرة المدى كانت تلعب دورا حيويا في تحريك السوق، وتوجد الزخم الذي يفتقده في عالم اليوم، فمستثمرو اليوم الواحد أو الأسبوع أو الشهر الواحد هم الذي حركوا السوق في 2005-2006م، وهم الذين يفتقدهم السوق حاليا، هؤلاء المستثمرون افتقدوا عدة جوانب صعبت دخولهم، أولا: اكتشفوا صغر عددهم حاليا، ففي البداية كانت أعدادهم كبيرة وكان ذلك واضحا في أعداد المشاركين في منتديات الأسهم التي هُجرت نسبيا الآن، هذا العدد كان يحثهم على الطمأنينة، ثانيا: أن عمليات الدخول والخروج من السوق لم تعد كما كانت منذ أربع أو خمس سنوات، حيث أصبحت الآن أصعب، وذلك نظرا لتمكن هيئة السوق من كسر تحركات المجموعات، تلك المجموعات التي كانت تسهل خروج أو دخول المضاربين مجتمعين بأسعار مستهدفة وتخدم أهداف المجموعة معا، أهم من ذلك، غياب الأسماء المرتبطة بأسهم معينة، وخفوت الشائعات حول أسهم المضاربات الشهيرة، تلك الشائعات التي كانت توجد بيئة خصبة لتحركات غير منطقية لأسعار الأسهم خلال فترات زمنية قصيرة.

بالفعل هذه العناصر التي غابت تمثل إنجازا لهيئة السوق المالية، التي نجحت في تحقيق انضباط حركة التداول، بحيث لا يُسمح بالمضاربات أو الممارسات غير النظامية، إلا أن هذا الانضباط أفضى الآن إلى تداعيات سلبية على السيولة المتداولة، البعض يقول أين هي هذه التداعيات السلبية طالما أن السوق مستقر وطالما أن المؤشر لا يتحرك في مدى كبير يتسبب في خسائر كبيرة للمتداولين؟

التداعيات السلبية تتمثل في الفرص الضائعة التي يفقدها الاقتصاد الوطني نتيجة خسارة فوائض مالية كبيرة تعتبر فائضة عن حد الاستهلاك، باتت تتجه إلى إنفاق استهلاكي غير ضروري، هي سيولة فائضة اعتاد الجمهور على توجيهها إلى سوق الأسهم كاستثمارات قصيرة المدى، الآن هذه السيولة تضيع هباء نتيجة عدم دخولها إلى سوق الأسهم، ونتيجة عدم قدرة أصحابها على اكتشاف التوجهات الاستثمارية الأخرى التي يمكن أن تتجه إليها، لقد نجحت الهيئة في مرحلة الانضباط وعودة الهدوء، وعام 2011م خير دليل، إلا أنه آن الأوان لوضع إستراتيجيات لاستعادة السيولة والزخم.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة