Sunday 04/12/2011/2011 Issue 14311

 14311 الأحد 09 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

كلنا يمرض. كلنا يتناول الدواء. كلنا قد وصف له الطبيب مضاداً حيوياً يتناوله ليحسن من حاله. لكن الشيء الذي لم يخبرني به أي طبيب حتى الآن هو معلومة بالغة الأهمية لم أعرفها إلا لما وقعت ذات مرة على معلومة عن المضادات الحيوية، وهي أنه منه المهم جداً أن تكمل تناول المضاد الحيوي كما وصفه الطبيب، بنفس الأوقات ونفس الكمية، واحذر! احذر أن تتوقف عن تناول الدواء بمجرد تحسنك! واحذر أن تتناول المضاد بدون وصفة طبية! هذه هي الأخطاء الشنيعة التي يقع فيها معظم الناس. قد تتساءل وتقول «وكيف يضر ذلك؟ إذا ذهبت أعراض المرض فلماذا أستمر في تناول الدواء لعدة أيام أخرى؟»، والجواب هو أن مستقبل البشرية يعتمد على هذا! كيف؟

أولاً لنقم بتعريف المضاد الحيوي. هذه كلمة تطلق على أدوية مهمتها أن تقتل البكتيريا التي سببت لك المرض. إن الإنسان عندما يصاب بمرض مثل السل أو التهاب السحايا فإن السبب هو البكتيريا. لدينا خلايا دم بيضاء تكافح البكتيريا، ولكن عندما تكثر البكتيريا وتقوى فإن جهاز المناعة عندنا يعجز عن مقاومتها، حينها ندعمه بالمضادات. ما هي البكتيريا؟ إنها كائنات حية دقيقة، اسم الواحدة منها بكتريوم وجمعها بكتيريا. البكتيريا ليست كلها ضارة فهناك بكتيريا نافعة موجودة في أجسامنا. في قناتك الهضمية أكثر من 400 نوع مختلف من البكتيريا الكثير منها نافع، بعضها مثلاً تكافح البكتيريا الضارة، وبعضها تقوم بتفكيك المواد الغذائية التي عجز الجسم عن هضمها مما يسهل امتصاص المواد النافعة منها، بل إن أحد الفيتامينات - وهو الفيتامين ك - لا ينتج غالباً إلا من البكتيريا النافعة في أجسامنا. ولكن البكتيريا الضارة هي ما نرغب في التخلص منه حين نتناول المضادات الحيوية، فيقوم المضاد بقتل هذه الكائنات ليمنعها من زيادة أضرارها، وتدريجياً يتحسن الشخص.

لكن البكتيريا كائنات حية، ومثل أي كائن حي آخر فهي تستطيع التأقلم، وهنا تأتي الخطورة في عدم تناول المضاد الحيوي بشكل سليم أو تناوله بدون وصفة طبية. عندما يصف لك الطبيب دواءً تتناوله 3 مرات في اليوم، فتتكاسل وتبلع الحبة مرتين في اليوم الأول ثم تتجاوز يوماً آخر ثم في الثالث تبلع حبة واحدة فقط وهكذا، إنك عندما تفعل ذلك فإنك تعطي البكتيريا فرصة لأن تتأقلم مع الدواء وتجد طريقة للصمود أمامه. عندما تضرب البكتيريا بجرعة من الدواء فإنها تُصعق وتبدأ في التهاوي، ولكن عندما تؤخر الجرعة التالية فإن البكتيريا تبدأ في تطوير خطة دفاعية تقوم بها بنسخ نفسها وتكثير خلاياها، بينما لو أخذت الدواء بالضبط كما وصف لك الطبيب لقتلت البكتيريا قبل أن يكون لديها فرصة للتأقلم مع الدواء. ماذا حدث الآن؟ بدأ يظهر نوع جديد من البكتيريا يستطيع مقاومة المضادات الحيوية! تذهب وتسعل هنا أو تعطس هناك فينتقل المرض إلى شخص آخر، ولكنك نقلت له نوعاً من جديداً وقوياً من البكتيريا استطاع أن يتغلب على الدواء وصار المضاد الحيوي لا ينفع معه.

إذا انتشر هذا فقد وقعنا في مأزق بشع، لأن بعض الأمراض التي تسببها البكتيريا قاتلة، وفي كل الحالات أو معظمها لا نستطيع أن نعالج بعض هذه الأمراض إلا بالمضاد الحيوي، فإذا استطاعت البكتيريا أن تصمد أمامه وتتكاثر فلا أمل للمصاب بالشفاء. مررت على عشرات الأطباء والصيدليين ولم يمر علي حتى واحد منهم شرح لي هذا أو حتى حرّصني على الأهمية البالغة لتناول الدواء في موعده وعدم التوقف بمجرد التحسن. لم أعرف هذه المعلومة الخطيرة إلا من مصادر غربية للأسف. لا عجب أن يسبقونا في العالم والتتطور والتقنية إذا كانت أشياء بالغة الأهمية وسهلة الشرح مثل هذه لا يهتم أحد أن يوضحها.

إذاً، تناول دواءك كما وصفه لك الطبيب. لو قال لك أن تأخذه كل ثمان ساعات لمدة ثلاث أسابيع أو حتى كل 8 دقائق لمدة سنة كاملة فاسمع وأطع ونفذ بالحرف الواحد! افعلها من أجلك، من أجل من تحب، من أجل الجنس البشري!

 

الحديقة
الصراع الدائم بين الداء والدواء
إبراهيم عبد الله العمار

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة