Sunday 04/12/2011/2011 Issue 14311

 14311 الأحد 09 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

      

نعم، هناك سؤال يراودني ويراود الكثير من الجمهور: هل الفضائيات العربية نعمة أم نقمة؟ وماذا قدمت وتقدم للمواطن العربي من برامج ثقافية أو تعليمية أو توجيهية أو ترفيهية ذات مغزى أخلاقي أو إنساني أو حوار مع مسؤول يدور حول مصلحة الوطن والمواطن العربي.

حتى الآن لم نشهد البرامج التي ينتظرها المواطن العربي ويرغب في رؤيتها ومشاهدتها وسماعها، أمنية المواطن العربي أن يستيقظ ويشاهد برنامجاً يعزز مفهوم الصدق أو الوفاء أو المحبة، يتوق المواطن العربي لأن يشاهد برنامجاً يرشده إلى محبة الوطن والولاء والانتماء قبل النوم، يطمح هذا المواطن أن يشاهد أفرادُ أسرته برنامجاً يخبرهم عن حضارتهم العربية والإسلامية وعن منجزات علمائهم وفلاسفتهم وإبداعات أسلافهم، ولا أتجنى على أحد إن قلت إن قلة قليلة مثلاً تعرف مَنْ هو حسن بن الهيثم الذي وضع أسس علم الرياضيات الحديثة وأسس جهاز الكمبيوتر والذي احتفلت روسيا قبل مدة بمضي ألف سنة على وفاته.. هذه باقة مما يريد المواطن العربي بدلاً من تلك البرامج المستوردة المخططة لغزونا فكرياً.

هل نرى ونشاهد على قنواتنا الفضائية برامج تهتم بالمواطن العربي التي تركز على تنمية المواهب لدى أطفالنا وتقوي الثقافة الموحّدة لديهم - أين هم المخرجون والكتّاب العرب الذين يبدعون في تقديم العلوم الحديثة وتقنيات العصر؟

بعض القنوات الفضائية تترجم البرامج الأجنبية دون تمحيصها وتبثها تلقائياً, تلك البرامج التي لا همّ لها إلا الحديث عن ظواهر غريبة في المجتمع السعودي وتسعى جاهدة في إثارتها، الأمر الذي يسبب مع الأسف تشويه صورة المواطن السعودي أو المواطنة السعودية، إذ إنها تبث على إحدى الفضائيات التي يراها كل مواطن عربي ويستطيع أي غربي أن يترجمها ويستغلها ضدنا، وإني لا أرغب في الدخول في اسم البرامج أو هذه المنزلقات وعلى سبيل المثال كيف تقضي المرأة السعودية إجازتها في الخارج!! أو في لبنان على وجه التحديد.

هناك برامج تناقش أموراً ما أنزل الله بها من سلطان فإننا نجد أن أغلب القنوات تجري مسابقات للمطربين والمطربات الجدد في كل قناة عربية مع احترامي الشديد للفن وأعتقد أنه لن يبقى جمهور وإنما الجميع سيصبحون فنانين أو فنانات ومطربا أو مطربة ويتبع ذلك برامج التجميل وكأن المرأة عبارة عن شكل ظاهري فقط - لا بأس أن تتحدث القنوات عن قليل من هذه الأشياء ولكن أين الحديث عن الروح؟ والمشكلة أن جميع القنوات تبث كل هذه البرامج بأسماء مختلفة وجميعها مترجمة لا تنسجم مع مجتمعنا العربي.

لقد قفزنا قفزات طويلة من قنواتنا الفضائية تكاد تكون خارقة ولكن علينا أن نضع في حياتنا أن مشاكلنا تختلف عن مشاكل المجتمعات الغربية، لدينا مشاكل البطالة النسائية، وضع المرأة، السكن لذوي الدخل المحدود - لماذا لا نناقش الحلول لها - لماذا لا نجد برنامجاً يشجع المرأة على العمل في المصانع وبالذات المرأة السعودية أو في دور خياطة أو تنمية المواهب سواء للشباب أو الشابات وإعطائهم شهادات وتحسين الوضع الاجتماعي، إذ ليس من الضروري لدينا أن يكون المجتمع كله معه شهادات جامعية.

لماذا لا يكون لدى فضائياتنا برامج لتدعيم الكتاب الجدد ومحاورتهم وتسويق كتبهم وبذلك تدعم الحركة الثقافية على المستوى العربي. لقد تحولت فضائياتنا إلى مراكز لإيجاد حلول للجمال أو التركيز على ظواهر اجتماعية تسيء للمواطنة أو للمواطن السعودي والمؤسف أنها جميعها من إنتاج وإخراج وإذاعة سعودية أو أن يكون دورها شتيمة أو قذف دون تحليل منطقي أو مستندي - إن اختلاف الرأي موجود ومطلوب ولكن أين ما تعلمناه في الآداب الإسلامية والعربية وتخرجنا من مدارس المملكة العربية السعودية التي تحاور وتناقش دون أن تنزل إلى مستوى الدناءة - لماذا لا تحاور أكاديميين ومثقفين عرب وسعوديين عند كل مسألة عربية أو دولية؟ ولماذا الصراخ والعويل؟؟ إن هذا لا يمت بصلة لنهج مملكتنا الحبيبة.

لطفاً ورفقاً بالشعب والمواطن والمواطنة أعرف الكثيرين ممن لديهم أطفال والذين قاموا بتشفير عدد من القنوات مع الأسف ولا أدري هل حصاد هذا العمل سيكون غير الحنضل؟ نعم لا بأس بشيء من الغناء الهادف ولا بأس بقليل من التجميل ضمن الحدود المقبولة والمعقولة.

ولابد من الإشارة أنه من المؤسف أن الكثيرات من المذيعات الفضائية لا يملكن الثقافة اللازمة لهذا العمل، لقد شاهد الملايين على عدد من القنوات نقل خبر وفاة ولي العهد السعودي الأمير سلطان - أسكنه الله فسيح جناته - وكان من يقدم البرنامج رجل أو امرأة.. كان الرجل مثقفاً يتقن الحديث عن المناسبة بعكس المرأة المذيعة التي كانت تشرد ومن ثم تفاجئ المشاهدين بسؤال غريب بعيد عن الحدث وكان الموضوع لدى المذيعات هو مبارزة للعباءات.

وقد حدث نفس الشيء مع برنامج زواج الأمير وليم ابن ولي العهد البريطاني، فقد كانت المذيعة لا تعرف أي شيء عن البروتوكول البريطاني، حيث بدأت تتكهن بما تقوله مع أنها من جنسية أخرى وكل ما كانت تقولها توقعات وبالتالي فقد فشلت في توقعاتها.

إننا لا نقصد بما ذكرناه أن ننتقد أحداً ولكننا نود أن يكون أداء هذه الفضائيات في خدمة الوطن والمواطن والمواطنة وأن لا تهمل همومهم وحاجاتهم فقد جعلت هذه الفضائيات المواطن استهلاكياً من الدرجة الأولى، مقلداً للآخرين، فاقد الشخصية الوطنية الحقة، مشاهداً للقتل حتى أصبح ذلك الأمر مشهداً عادياً. إن عرض شخص محتضر مسيء للأطفال ويتكرر ذلك حتى يصبح شعورُ ذلك الطفل وحتى شعور الكبير شعوراً متبلداً.

ماذا نقول للقنوات السعودية، الإخبارية السعودية إذا أردت أن تقفزي فلا مانع من ذلك ولكن لتكن قفزاتك خطوة خطوة لا أن تكون عشرين خطوة معاً، فهذه الخطوة تحمل خطراً جسدياً أو عقلياً وقد تسبب حالة وفاة.

لقد غابت البرامج التي يتطلع إليها المواطن، تلك البرامج التي تهيئه لأن يسلك السلوك المطلوب تجاه بلده وأهله ودينه وتراثه وأمته ويا حبذا لو أن هذه الفضائيات تتكرم وتؤدي واجبها فتجعل من نفسها منارة حضارية تعتني بما ينقصنا مثل..

- الثقافة الروحية.

- كيف يدخر المواطن.

- مشاكل الفقر.

- مشاكل الوعي العربي.

- تنمية المواهب.

- مناقشة الكتب القيمة.

- برامج شعرية لمن يحفظ أكثر من شعر فحول الشعراء القدماء حتى لا ننسى تاريخنا وتراثنا من شعر المتنبي إلى شعر ابن زيدون والبحتري وأبو فراس الحمداني وغيرهم.

- مسابقة للأطفال عن المعلومات التي تتعلق بالوطن العربي وتراثه.

- الاهتمام ببرامج الشباب وتنمية مواهبهم.

- برامج عن المرأة واحترامها.

- برامج كيف تتسوقين.

- برامج لا تجعل المواطن مستهلكاً فقط لأن انتشار ظاهرة الاستهلاك في الوطن ليست إلا كارثة وطنية وقانا الله من شرها.

 

الفضائيات العربية
مي عبدالعزيز عبدالله السديري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة