Tuesday 06/12/2011/2011 Issue 14313

 14313 الثلاثاء 11 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

رأي الجزيرة

 

الإصلاح يعترض الفوضى

 

المؤكد أنّ العديد من المفكِّرين والباحثين سيتوقفون كثيراً لدراسة وتحليل ما أفرزته مرحلة الربيع العربي التي ستواصل تفاعلاتها، ما ينبئ بتغيُّر بنيوي في المنطقة العربية.

الملاحظة الجديرة بالاهتمام التي توقَّف الكثير من الباحثين عندها، هي نجاة - إنْ صحَّ التعبير - إقليم الخليج العربي من «فوضى» المرحلة، فالذي لا يمكن إغفاله، أنّ حراك الربيع العربي قد رافقته حالة فوضى في كلِّ الدول التي طالها الحراك، ورغم أنّ دول الخليج العربي قد شهدت هي الأخرى صوراً من الحراك، وحتى بعض التظاهرات المحدودة، إلاّ أنّ دول الخليج العربي قد سبقت حراك الربيع العربي، بالقراءة المستقبلية ودراسة توجُّهات المجتمع والمتغيّرات التي تحيط بالإقليم، وتعاملت معها بحصافة قبل أن تُفرض عليها سواءً من داخل المجتمع أو من خارج الحدود.

وإذ ما نحَّينا الضغوط الاقتصادية وتدنِّي الحالة المعيشية، التي عجّلت ودفعت الانتفاضات الشعبية التي بدأت في تونس، وتبعتها مصر وليبيا واليمن وسورية، وهي حالة لا وجود لها في منطقة الخليج العربي، التي تعيش في بحبوحة اقتصادية، قياساً بأوضاع الدول التي ذكرناها، إلاّ أنّ الجزء الآخر المكمِّل لحياة الشعوب وعلاقتها بالحكومات والأنظمة السياسية، جزءٌ هامٌ، وقد يأتي في مقدِّمة اهتمامات الشعوب، لأنّ الإنسان لا يعيش فقط من أجل إملاء معدته، بل ما يحتاجه يتعدّى ذلك إلى مستوى تعامل الأنظمة مع الإنسان من خلال احترام إنسانيته وحقوقه الشرعية، التي يجب أن تكفل له حياة كريمة وكرامة، وذلك بتوفير الحرية والعدالة الاجتماعية وحقوقه السياسية.

هذا الجزء الهام المكمِّل لحياة الإنسان، والذي يجمل عادة بمسمّيات مختلفة من أهمها حقوق الإنسان التي تضم سلسلة من المتطلّبات، تبدأ بالكرامة والحرية وحرية الرأي والحقوق السياسية الأخرى، والتي إنْ أكمل تحقيقها للمجتمعات، تكون قد عزّزت مكانة مكوّناته وتحقق له الكفاية الإنسانية بتكامل العيش الكريم والتمتع بالحقوق.

وبما أنّ الأنظمة السياسية العربية قد ورثت أنظمتها وممارساتها وإدارة أجهزتها، من مدارس مختلفة جمعت ما بين الموروث التقليدي والتغيير الحداثي، أصبح لزاماً عليها أن تراجع بين فترة وأخرى العمل السياسي وأسلوب إدارة الحكم.

هذه المراجعة التي يختصرها المفكِّرون بالإصلاحات، هي التي تمكِّن الأنظمة السياسية من تلبية احتياجات الشعوب ومواكبة التطوُّرات والمتغيّرات التي ما فتئ الفكر الإنساني يواصل تطويرها وتحديثها. والأنظمة السياسية التي تقرأ بتمعُّن حاجة الشعوب لإشباع كفايتها من العيش الكريم والكرامة الإنسانية، هي التي تسبق - بحصافتها وبالتصاقها بشعوبها - مطالبة المجتمع بإحداث التغيير، وأن لا يفرض عليها من الخارج.

وكلمة السر هنا البدء في تطبيق الإصلاحات التي تحقق كل ذلك، وفق تدرُّج مرحلي وبتوقيت وحسن إدارة لمراحل الإصلاح، حتى لا تتحوّل دعاوى الإصلاح إلى فوضى، التي عادة ما تحصل حينما يفرضها حراك المجتمع والضغوط الخارجية.

وهنا يظهر الفرق بين الدول التي سبقت مرحلة حراك الربيع العربي، فبدأت في تطبيق الإصلاحات وفق توقيت يتناسب مع أوضاعها، وبين تلك التي تراخت وظلّت في سبات حتى أطاحت بها الشعوب.

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة