Wednesday 07/12/2011/2011 Issue 14314

 14314 الاربعاء 12 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في السنوات القليلة الماضية، وتحديداً قبل ما يقارب الثلاث سنوات ارتأت وزارة التعليم العالي سن سنة تحضيرية للمقدمين على الدراسة في مؤسسات التعليم العالي،

ولن أتوقف هنا عند دوافع استحداثها، أو الأهداف المرجو تحققها من جراء إقرارها، وكذلك الآليات المتبعة للتحقيق تلك الأهداف العليا المرسومة والمبتغاة من إيجادها، أو مناقشة الأثر المحتمل لبرنامج السنة التحضيرية على مستوى تحصيل الطالب الجامعي، وغيرها من القضايا ذات العلاقة.

وإنما سأتوقف عند أمر أراه شوه جمالية وسمو فكرة إيجاد السنوات التحضيرية، وأعني به الجانب الدعائي الذي يمارسه بعض القيّمين على رأس هرم السنوات التحضيرية في جامعاتنا. وسأحاول في هذه الإطلالة المقتضبة التوقف عند عدد من الملامح الدعائية التي يُشنّف هؤلاء المسؤولون آذاننا بها صباح مساء، وبخاصة على صدر صفحات صحفنا المحلية.

سعة المبنى وأناقته، وتكلفة بنائه، وتقنياته الحديثة، وإمكاناته أحد أبرز الجوانب الدعائية التي تقترن بما سمي بالسنوات التحضيرية؛ إذ يندر أن يتم الإتيان على السنة التحضيرية في جامعة ما من دون الإشارة إلى جمالية مبنى السنة التحضيرية، وسعته، وبأنه تم تشييد مبانيه وفق أفضل التصاميم الهندسية، والمواصفات التعليمية العالمية لدرجة أننا نرى أن الوفود الداخلية والخارجية يكون الأولوية ضمن برنامج زيارتها للجامعة التوقف في مبنى السنة التحضيرية، ويأتي خبر تلك الزيارة مذيلاً بأن الوفد أبدى إعجابه الشديد بما يمتلكه المبنى من مقرات، وممرات، ومنشآت من دون الإشارة إلى ما أبداه الوفد من ملاحظات ومناقشات حيال القيمة العلمية لمضمون ما يقدمه برنامج السنة التحضيرية من كم معرفي للملتحقين بالسنة التحضيرية في الجامعة المعنية، وكذلك الإدارة التعليمية، ونوعية البرامج المقدمة، والمنهاج الدراسي، ونظام تقويم الطلاب ومدى جودة مصادر التعلم، وطرق التدريس، ومؤهلات المدرسين، وغيرها من المسائل المفصلية في العملية التعلمية التي ينبغي أن يكون لها الأولية القصوى في التناول مقابل تجلية وإبراز جمال وفخامة مبنى السنة التحضيرية.

والجانب الدعائي الآخر نراه ماثلاً في الإشارة في كل شاردة وواردة بالخطط الاستراتيجية المحكمة، وذات النوعية المتفردة، والاحترافية العالية القيمة التي تم اتباعها عند رص لبنات السنة التحضيرية في هذه الجامعة، أو تلك؛ إذ لا يفتأ مسيرو السنوات التحضيرية في جامعاتنا من تذكيرنا في كل حين بالخطط الاستراتيجية التي اتبعوها عند بنائهم لبرامج السنوات التحضيرية، وبما تمتاز به من دقة وإتقان، كما أنهم لا يغفلون عن الإشارة إلى الاستعانة ببيوت الخبرة المحلية والعالمية المتخصصة في إدارة وتشغيل البرامج التحضيرية الذي أكسب سنواتهم التحضيرية تميزاً وريادة غير مسبوقين مقرونة بتوافر خطط دراسية مبنية على أسس علمية حديثة ومرتبطة بالمعايير العالمية. ويكفينا أن نعرف أن تلك الخطط المحكمة يتم تغييرها في كل حين بالرغم من وسمها بالخطط الاستراتيجة التي لم يمض على إقرارها برهة يسيرة من الزمن، وإدراكنا أن بعضاً من تلك السنوات لم يمض على تأسيسها إلاّ بضعة أشهر ويقوم على تسيير دفة العمل طاقم لا يتجاوز في عدده أصابع اليد الواحدة غير متمرس وذو باع في بناء الخطط الاستراتيجة التعليمية تحديداً.

ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل نرى أيضاَ ملمحاً دعائياً آخر يتمثل في رفع راية الشراكة العالمية، وأمرُ الاستعانة بالخبراء التربويين العالميين الذين تمت الاستعانة بهم عند بناء برامج ومقررات السنوات التحضيرية مضافاً إليه كذلك الترويج للنوعية المنتقاة ممن يقومون على التدريس في تلك السنوات من أعضاء هيئة تدريس أمريكية وبريطانية وجنوب أفريقية وغيرها من الجنسيات الناطق أبناؤها باللغة الإنجليزية بصفتها لغة أم. ولا يقل عن ذلك أهمية خبر قيام هذه المنظمة العالمية الرائدة، أو تلك، وخبراء الجودة العالميون بزيارات تقييمية دورية لبرنامج السنة التحضيرية. وليس المقام هنا للتوقف عن نوعية معلمي اللغة الإنجليزية الذين يتوقف مؤهلهم عند كونهم من متحدثي اللغة الإنجليزية بصفتها لغة أم من دون الالتفات لتخصصهم ومؤهلاتهم وخبراتهم والذين تقوم بجلبهم عدد من الشركات التربوية المشغلة للسنوات التحضيرية من دون تمحيص وتدقيق. كما أنه لا يفوت المتابع عن قرب لحقيقة أنه ليس هناك استقرار في المناهج الدراسية المعتمدة مما يبعث على التساؤل عن توصيات الخبراء والمؤسسات التربوية العالمية التي تمت الاستعانة بها لإعداد منهاج والخطط الدراسية لتلك السنوات التحضيرية.

وبجانب هذه الملامح الدعائية التي صارت ملازمة للعضو الجديد المنضم حديثاً لبيوتات مؤسسات التعليم العالمي السعودي نجد كذلك زخماً في تسريب اخبار السنوات التحضيرية في الصحف المحلية أكثر بكثير من الإشارة إلى ما تحقق من انجازات علمية للجامعات، بل ويصر بعض مسيري السنوات التحضيرية على تسمية ما تقوم به السنوات التحضيرية بمنجزات غير مسبوقة، وبأن عماداتهم تقوم بتقديم وجبة تعليمية فائقة تعجز عن تقديمها كليات الجامعة الحاضنة للسنة التحضيرية الفتية ذات الانجازات التي تستحق أن تلفت الانظار إليها. ويكفي أن تقلب صفحات الصحف اليومية لترى الكم الهائل من الأخبار الخاصة بالسنوات التحضيرية في جامعاتنا بما في ذلك من أخبار عن تطوير برامجها، والاستعانة بتلك الشركة، أو مثيلاتها للعمل على تطوير مقرراتها، بل وصل الحال إلى إفراد صفحات بأكملها يعلن فيها عن تشريف ربان سفن جامعاتنا لحفل بسيط تقيمه عمادات بعض السنوات التحضيرية في مقابل ذكر أخبار متناثرة، والاشادة بفعاليات متنوعة أكثر أهيمة تحفل فيها مدننا الجامعية تستحق الابراز والتغطية الإعلامية عوضاً عن عرض دعائي يخص خبراً هامشياً عن السنة التحضيرية في هذه الجامعة، أو تلك.

يبدو أن بريق وإشعاع الضوء الإعلامي كان مغرياً بشكل جمِّ مما جعل مقاومته عسيرة المنال على قياديي السنوات التحضيرية في جامعاتنا الذين أخذوا يسلطون أضواءه الكاشفة حول مناح كان ينتظر أنها تتحدث وتقدم نفسها بشكل يلمسه المتعاطي مع شأن السنة التحضيرية، ومن هنا كان ولوجهم داخل معمعة نفق الإعلام بشكل مكثف وملحوظ خطوة غير موفقة ولا تسير في الإطار الصحيح.

نعم، المتلقي ومن هو على تماس مع السنة التحضيرية بحاجة إلى معرفة ما يطبخ في دهاليز السنوات التحضيرية، ولكن ليس في شكل مبالغ فيه، وفي أحيان في مغالطة لواقع الأمر في محاولة فيما يبدو لتغطية خلل، أو قصور ما، أو ربما لإيصال رسائل معينة لجهة ما هنا وهناك. وفي الختام ليت شعري أن يتذكر المسؤول أن العمل بصمت والموسوم بالجدة والاخلاص والساعي للانجاز باتقان يبقى أثره، ويطال نفعه شريحة واسعة، وأما الجعجعة والطحن فمهما علا صوتها فهي زائلة مندثرة لا محالة ولا شك في ذلك، بل وربما ارتد صداها في نحر مطلقها بعد أن تنقشع غمامة الصخب والضجيج الإعلامي.

alseghayer@yahoo.com
 

الجانب الدعائي في السنة التحضيرية
د. خالد محمد الصغِّير

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة