Sunday 11/12/2011/2011 Issue 14318

 14318 الأحد 16 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

يجدر بالمختصين في علم النفس وعلم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي، وبالباحثين عموما، ومؤسسات الاستشراف، أن تبحث في الأسباب التي جعلت الإنسان العربي يستيقظ بعد سنين من السبات العميق، وينتفض بهذه الصورة غير المألوفة بل غير المتوقعة، والعزم على مواصلة الانتفاضة والإصرار عليها، وتجعله يتحمل أعباء المواجهة غير المتكافئة ومخاطرها، والتي تجاوزت في بشاعتها وسوئها وساديتها في بعض الدول كل حدود المنطق والعقل.

يدرك المراقب أن هناك العديد من القواسم المشتركة بين الدول التي استيقظ أهلها بعد سنين من السبات العميق عاشوا خلالها في غياهب الإهمال والتضييق، والكبت ومصادرة الحريات، والقهر والظلم، وهدر الكرامات وسلب الحقوق، وغير ذلك كثير من عناوين الاستبداد والاستعباد، ولن يعدم المراقب التعرف على الدوافع التي أذكت روح المواجهة، فمن مجرد الملاحظة العابرة يجد دون عناء الكثير من المسوغات على مستوى الفرد أو المجتمع، دينية وفكرية واقتصادية واجتماعية، أفضت إلى العزم على الانتفاضة والمواجهة، وتحمل صور مفزعة من العنف والقتل، والتجويع والترويع والظلم.

من نافلة القول التنويه إلى أن المجتمعات العربية في عمومها مجتمعات متدينة، وأن ممارسة العبادات التي أمر الله بها يعد مما يصر عليه عامة الناس، وهو من أبسط الحقوق التي يفترض أنها متاحة ميسرة، لكن واقع الحياة اليومية أظهر أن ممارسة هذه العبادات وأخص الصلوات الخمس ليس بالأمر المتاح المباح، بل يتم وفق قيود وتعليمات متعسفة لا تخطر على بال حتى إبليس الذي يسره صرف الناس عن عباداتهم، ففي إحدى الدول التي انتفض أهلها، تسلم لمن يرغب في أداء الصلاة جماعة بطاقة يدون فيها اسمه، ويحدد فيها اسم المسجد الذي يمكنه أداء الصلاة فيه وعنوانه، وعلى صاحب البطاقة التقيد بأداء الصلاة في هذا المسجد المدون في البطاقة تحديدا، ولا يحق له أداء الصلاة في أي مسجد آخر، وفي دول أخرى تتم مراقبة من يواظب على أداء الصلاة جماعة وخاصة صلاة الفجر، وتتم متابعته ويدون اسمه في السجلات ويراقب، فهو بأداء الصلاة والمواظبة عليها يوضع في دائرة التوجس والخشية فهو مشروع إرهاب وترويع لا يؤمن جانبه، في هذه الدول عطل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وصارت صور استفزاز المشاعر، وإثارة الغرائز أمراً مباحاً متاحاً، والويل والثبور وعظائم الأمور لمن ينكر هذا أو يعترض عليه.

بينما في هذه البلاد حرسها وحفظها من كيد المبغضين والمتربصين بها سوءاً، ينبه الناس ويدعون إلى أداء الصلاة في كل الأوقات، بل يناصح من يتخلف عن أدائها، وفي الماضي كان إمام المسجد أو المؤذن «يتفقد» جماعة المسجد بالاسم وبخاصة في صلاة الفجر، وعندما يذكر المؤذن اسم أحد جماعة المسجد يرد عليه بصوت عال «حاضر»، وكان الناس يحرصون على أداء الصلاة جماعة في كل الأوقات، ومن يتخلف عن ذلك يشعر بالحرج، في هذه البلاد يدعم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويشجع، مرد كل هذا الخير والفضل وغيره كثير ولله الحمد، تحكيم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والتأكيد في كل مناسبة على كونهما مرجع التشريع وتسيير سبل الحياة وتنظيمها.

في هذه البلاد دام عزها وأمنها واستقرارها، الكل على قلب رجل واحد، قلب سام يستمد إيمانه وألفته وتوحده وتآلفه من القرآن الكريم، قلب يهتدي للحق بهدي الآيات التي تحفظ من الزيغ، وترشد إلى كل خير، ومن السنة المطهرة يستمد هذا القلب صفاءه وطهره، ومنها يستنير بهدي الهادي صلى الله عليه وسلم، فبنور القرآن والسنة تسامت القلوب وعلت عن دواعي الفرقة والتفرق والتحزب والتناحر وانصهرت في قلب واحد شعاره مستمد من الآيات {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} (103) سورة آل عمران، و{وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (46) سورة الأنفال.

ستبقى المملكة على فطرتها، متماسكة متكاتفة، متسامية سالمة من آفة الخلاف والتحزب، طالما أنها متمسكة بقرآنها وسنة نبيها، ساعية إلى كل ما فيه صلاح البلاد والعباد.

ab.moa@hotmail.com
 

أما بعد
لهذا أنا مطمئن
د. عبد الله المعيلي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة