Monday 12/12/2011/2011 Issue 14319

 14319 الأثنين 17 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

عندما ينام العقل وينقص العلم تستيقظ الخزعبلات وتكثر العلل، ويصيب الناس بعض من الأوبئة والأدران النفسية والجسدية، وعندما يغيب الوعي الثقافي المبني على العلم الحديث، يبدأ بعضهم يطارد الوهم متسربلا بالقبول وبالخنوع والانصياع،

متلمسا الشفاء من (المشعوذين) الذين ربما في اعتقاده القاصر سيغيرون ما حل به من بلاء ومصيبة ورزية، مستنفدا كامل طاقاته في الحصول على مبتغاة من أجل تغيير واقعه المرضي، دون حساب وروية وتأن وعقلنة، ودون أن يجد أو يجتهد في تلمس الاستشفاء من دور المصحات الحديثة، فيتلقفه (المشعوذون) بحميمية مرهفة وعذوبة مفرطة ضاربة في القلب وفي الوجدان مع (صرة) علاج جذابة وبعض إرشادات، يكون التأمل الحسي والنظري فيها عاجزا عن فك رموزها وشفرتها ومدلولاتها، لكنها يقينا معجونة وفق تركيبة دوائية غير سليمة وغير آمنة، وقد تكون ذات سمية قاتلة أو قد تؤدي إلى مرض مزمن خطير يصعب الشفاء أو الفكاك منه، وقد لا يهجع بعده أبدا أو قد تصبح روحه بعد ذلك نافرة بالدمع الكسير والنوح المستعر ألما وحسرة، وربما يتعثر في فمه الكلام أو قد يلوذ بصمت طاعن بالندم. إن هؤلاء (المشعوذين) الظلاميين يقومون بأفعالهم وأعمالهم الخبيثة هذه بحضور لافت وبافتراضيات وهمية مستحيلة غير حقيقية، مبنية على كذب مشوق وبهرجة ظلامية وخرافة تعتمد في عملها على الجهل المركب، إنهم متدثرون ومتزملون بالحيلة وبالخرافة، فيصدقهم الذي يتلبسه المرض مؤمنا بالقوى الخفية الوهمية لحركاتهم وهيئاتهم وتمتماتهم وأدويتهم المعجونة من مساحيق صفراء شائبة لا تسر الناظرين وفق مفاهيم مضللة وقصور وعي وبشاعة طمع. إن هؤلاء السحرة أصبحوا ينتشرون كالوباء فيصدقهم بعض الأفراد من الوسط الاجتماعي الذي من المفترض أن ينأوا عنهم ولا يصدقوا خوارقهم الوهمية وأكاذيبهم المرتشية وتصوراتهم السوداء المضببة بخزعبلات خرافية وشعوذة مخرفة وخربة، إنهم يحاولون أن يعيقوا المسار العقائدي النبيل بإشاعاتهم المتخلفة التي لا يتقبلها العصر الحديث المتسلح بالعلمية والمعرفة الحية، ولأن الجهال يصدقون كل شيء فثمة وقائع مذهلة تجبر هؤلاء السحرة المخربين على الظهور فوق السطح بقوة؛ ليرتمي في كهوفهم العديمة الداكنة أناس ذوو قصور معرفي كبير، حاملين معهم تصورات مسبقة للشفاء العظيم على يد هؤلاء أصحاب الكلام الهائل والأحداث الصاخبة والمدهشة وفق طرق بهلوانية، منطلقين من تصورات أزلية عتيقة محاولين مقاربتها وإذابتها في دهاليز معتمة رطبة متعفنة. إن البعض من الناس ما زال يعتقد ويغلف تصوره بفرادة منجز هؤلاء الكهوفيين، وانتشار أعمالهم بين الناس، وهم لا يعرفون ولا يعون أن هؤلاء السحرة يستخدمون السحر والخرافة ويوهمون اناس بقدراتهم غير المرئية، وذلك بالتشويش على عقولهم تحت تأثير الهمهمة السيركية غير المفهومة. إن هؤلاء السحرة يزاولون هذه الأعمال بجهل وتخلف فادح على الرغم من إيمانهم الباطني في قراره أنفسهم بأنهم لا يقدرون على تغيير ما ارتضاه الله وقدره قيد أنملة، إن السحرة الآن يواجهون حربا فكرية حسية ومادية بفعل الوعي الاجتماعي المتلاحق ويتلقون ضربات موجعة في القلب وفي الصدر، وهم يخوضون حربا شعواء يعرفون سلفا أنها خاسرة؛ لان الطرف الآخر متسلح بالعلم والمعرفة والإيمان العقائدي الكبير، إن المهمة غير صعبة للإيقاع بهؤلاء المتمردين على الناس وعلى شريعة الله؛ لأنهم يقفون على أرضية رخوة ورمال متحركة وحدود تضيق أحيانا وتتسع أحيانا أخرى حسب حدود المكان والزمان. إن السحرة يتصورون أنهم أفضل الناس معتقدين ذلك من منطلق معتقداتهم وتقاليدهم وطقوسهم الواهية وعقولهم السقيمة المليئة بالخرافات والأباطيل، فالساحر يتصور نفسه إمبراطورا أو ملكا أو بطلا أسطوريا، لكنه لا يعي أنه يعيش وهما كبيرا بسبب عدم القدرة على تحقيق ذلك وفق حقيقته والمعطيات الحياتية المعاشة، لكنه يصنع لنفسه وللآخرين المصدقين به والمؤمنين قصصا مثيرة يكون شخوصها أقرب إلى الكذب والبهتان من الواقع، وهذه القصص في مجملها تكون هروبا من الواقع فيلجأ إلى الخيال ليصنع عوالم ليس لها وجود، إن الخرافات التي يصنعها عقل الساحر هي أفعال مؤدلجة وتعمل ضده، فتراه في خوف دائم وارتعاش دائم وروغان ذهن دائم وهلوسة فكرية دائمة، لا يستقر له حال لأنه في هروب دائم ليس له عنوان أو هدف سوى التربح والسحت والطمع والجشع، هؤلاء السحرة مرضى نفسيون هم بحاجة إلى علاج فوري وذلك باستئصالهم التام من أرضنا الطيبة؛ لأنهم معضلة كبيرة وهائلة تقف حاجبة وحاجزة للانطلاق العلمي الموازي للنهوض الحضار، ولأنهم مجرد (هلس) كلامي وحركي غير مشوق. قال تعالى (ولا يفلح الساحر حيث أتى).

ramadanalanezi@hotmail.com
 

المشعوذون والخرافة !
رمضان جريدي العنزي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة