Monday 12/12/2011/2011 Issue 14319

 14319 الأثنين 17 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

عزيزتـي الجزيرة

 

تعقيباً على مقال د. التركي
ربوا أولادكم على استقلالية الرأي

رجوع

 

قرأتُ مقالاً للأديب الدكتور: إبراهيم بن عبدالرحمن التركي (عنوانه العقل أم العاقلة)، وذلك في العدد 14093 يوم السبت 26-5-1432هـ وتوقفت ملياً عند جزئية منه لزعمي بأهميتها ورغبة مني في إبداء وجهة نظري فيها وطرحها على طاولة النقاش وهي قوله: «ولنتخيل (المطبوعةَ) يوماً تمزجُ كتابها وكاتباتها في مقالات دون عناوين أو هويات أو صور، ثم تطلب آراءَ متابيعها، فكم ستكون المسافة بين التصنيف المسبق والآتي؟- دون ريب سوف تختلط أوراق التابعين وتابعيهم»، فقوله: (التابعين وتابعيهم) هي حجر الزاوية في تعقيبي وهي نقطة الإثارة لقلمي أن ينطق ببعض مما في الخاطر حيال هذه المشكلة التي يعاني منها المجتمع بشكل واضح جلي تتلخص في تقليد رجل لرجل آخر تقليداً أعمى أو ما يمكن أن يُطلق عليه ذوبان الشخصية وهذا الذوبان منقصةٌ للتابع مثلبةٌ فيه تجعله في موطن ذلة وخنوع وخضوع فيُسيِّره المتبوع كيفما شاء ومتى ما أراد مُشبعاً هذا المتبوع شهوته مسدداً نقصه من خلال شخصية واهنة التفكير ضعيفة العقل ناقصة الأهلية ساقها الإعجاب بمتبوع يعده أهل العقل مريضاً وإن كان يمتلك قدرات فكرية مميزة أو إمكانات علمية ملفتة أو فصاحة لسان مبهرة أو جمال بيان ساحر أو يملك ثروة مالية مغرية أو جاهاً فقد رأى ابن مسعود رضي الله عنه ناساً يمشون خلفه فقال: ألكم حاجة؟ قالوا: لا، قال: ارجعوا فإنها ذلة للتابع فتنة للمتبوع. وقد عجبتُ ذات يوم من رجل متأهل متعلم تعليماً عالياً حاورتُه في أمر وكان محور حديثنا عن الاستقلالية في الرأي وأنها محمودة وصاحبها عزيز، طالباً منه أن يكون مستقلاً وذا رأي خاص، وتطرقنا خلال حديثنا لأستاذ له قد ذاب هو في شخصه فقال لي بالحرف الواحد وبجرأة متناهية: لو أمرني فلان -وسمَّي أستاذه- أي أمر لأطعته، فتملكني العجب وأخذ مني مأخذاً كبيراً، وما كان مني إلا أن قطعت الحديث، وعرفت أن النقاش مع أمثال هذا التابع عقيم ومضيعةٌ للوقت.. وأمثاله كثيرون -للأسف- حتى إنهم يقلدون متبوعهم في تصرفاتهم وحركاتهم وسكناتهم ولباسهم بل وشرابهم وطعامهم، إنه حقاً كما قال الدكتور التركي احتذاءٌ أعمى.. أحتذاءٌ يُنقص قدر صاحبه ويجعله أسيراً في بوتقة متبوعه والذي لن ينفعه وقد يتبرأ منه يوماً إن دنيا أو أخرى، فالله سبحانه يقول: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ}، وإن كانوا يُسمُّون هذا اقتداء وخاصة في شأن من عُرف عنهم اخير واشتهروا بالتقى والصلاح والعلم، فإليهم ما قاله ابن مسعود رضي الله عنه (من كان منكم مسناً فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد، كانوا أبر هذه الأمة قلوباً وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه، فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم)، يقول الله تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِه}، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم). وإن بحثت عن سبب هذا الذوبان في شخصيات الآخرين تجد السبب الرئيس هو البيت الذي نشأ فيه ذائب الشخصية حيث لم يُعط حقه في اتخاذ قرار أو إبداء رأي منذ صغره، فتجد والديه هما من يتولى شراء حاجياته الخاصة ويختارونها حسب مزاجهما دون أخذ رأيه أو طلب مشورته، فتنشأ معه هذه الإتكالية المقيتة ويكون تابعاً لا متبوعاً. وأزعم أنه لن يفلح في حياته الزوجية حيث سيكون متصرفاً فيه من قبل زوجته إن وقع نصيبه على زوجة لا ترعي حق الله فيه وستحقق مآربها وتكون الآمرة الناهية في البيت... نعم لها السيادة ولكن لن تذوق السعادة لأنها ستعتبر هذا الزوج ليس أهلاً للاعتماد عليه ولن يحظى باحترامها وتقديرها بل وسينسحب ذلك على المجتمع الذي سينتقصه ويحتقره، لذا فعلى الأب والأم أن يربيا أولادهما بنين وبنات على الاستقلالية والاعتماد على أنفسهم والتي ستسهم بشكل كبير في تكوين شخصياتهم كي يكونوا قادةً لا مقادين، أعزة لا ذليلين، ذوي رأي يُؤبه لهم ويحترمون ويقدرون.. كما أن دور المعلمين والمعلمات مهمٌ في هذا الشأن فيتيحون الفرصة للطلاب والطالبات لإبداء آرائهم وعدم مصادرتها وتعوديهم على الحوار البناء المثمر وغرس الاستقلالية المنضبطة في نفوسهم وحثهم على الجرأة المحمودة التي تسهم في تغذية عقولهم وإطلاق ألسنتهم ونفع أنفسهم وبالتالي نفع مجتمعهم الذي ينتظرهم في العديد من المجالات والميادين فهل يكون؟ كلي أمل..

عبدالله بن سعد الغانم

تمير -سدير

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة