Thursday 15/12/2011/2011 Issue 14322

 14322 الخميس 20 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

إذا لاحت غيمة في سماء الرياض أيقظت في النفوس عشقاً متأصلاً في جوانح أهالي العاصمة الجميلة وأوحت لكل نفس منقبضة بالانشراح والانتقال من غياهب النكد والهموم إلى فضاءات الأمل مع هنيهات السعادة المحلقة بأجنحة التأمل في ملكوت الله سبحانه وقدرته العجيبة في تبديل أحوال الناس، فالعاصمة الحبيبة فاتنة الصحراء من طبيعتها الجغرافية أن تتحول بصورة سريعة من أجواء جافة إلى طقس معتدل ثم غيوم خفيفة لا تلبث أن تتقارب وتتماسك ثم تميل درجة الحرارة للانخفاض قليلاً فتبدأ تباشير الخير بقطرات لا هي بالعجولة ولا الخجولة من مطر (طهور مبارك) من هدايا السحاب الناشئة بأمر الله لتغسل الأرض والشجر وتفرح كل الأنفس من طير وحيوان وبشر وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا (48) سورة الفرقان، وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا (9) سورة ق، تستبشر الأرض برحمة ربها وبخيرات السماء وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) سورة الحـج ، سبحان من جعل المطر طهوراً وبركة، تبارك من جدد ليالي الرياض بإرسال ما يغسل غبار صيفها ويرطب جفاف أديمها، ويحيي في الأرض والأنفس آمالاً بموسم خير مبارك فالأنفس كلها معلقة بأرضها وكلها فقيرة لما ينزله الله عليها من خير، في ليالي المطر كأن الناس غير الناس، الخواطر منشرحة والأنفس مقبلة على بعضها بمبادرات الود، والوجوه تجدد ابتسامات غير ابتسامات حر الصيف بما فيه من ريح قد يستثير موجات الغبار المؤذي لمرضى الصدرية والعيون، المعكر لصفو الأصحاء، مواسم المطر التي تحتضن العروس الصحراوية الشامخة تهدي لها سويعات وأياما من الندى الرقيق العابق بشذى الخزامى والأقحوان وأخواتها من زهور الربيع المتعددة اسماً المتنوعة زهواً وإشراقا بألوانها الأخاذة في مرابع الرياض وما حولها.. من أجل هذا قالوا (الرياض)، ومن يجول سياحة خارج العمران في عروس الفيافي سيبهج ناظريه بسحر حلال لن يمل التأمل فيه، ولن تفتأ نفسه تغريه بالعودة إليه، بل إن قدميه ستحتار في مشيها بين العودة للدار أو الاستمرار في المدار، خمائل طبيعية ممتدة في ساحات على مد النظر تخلب الألباب وتخضع العقول للتفكر في صنع الله، وإن كانت الرحلة عائلية وبصحبة الأحباب والأطفال فيا حبذا المنظر وما أروع إطار المشهد، عصافير تلهو مع عصافير وزهور تتهادى بن الزهور، عبق صحراوي يأسر الحواس والمشاعر،يلهم القلوب المقفرة من معاني الوداد فيسقيها جداول من سلسبيل الحب والوئام، أعد النظر بين أطيار وغدران وجداول والأحباب الصغار يمرحون جذلين بما آتاهم الله من نعيم وبهجة الموقف، لن يعود إليك البصر إلا وهو ينطلق مجدداً ليملأ جوانح النفس وثنايا الفؤاد وآفاق البصيرة بمحاسن إبداع الخالق الأحد، تخيل المنظر جملة واحدة في إطار شامل وكـأنك تحتويه بمشهد من زاوية مرتفعة تجمع بين تشكلات الغيوم في الأفق وزهو المنظر على سطح الأرض حولك، فما أبدعه من منظر وما أجمل الرياض، وفي كل موسم هي أروع.

 

عروس تتعطر بالمطر
علي الخزيم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة