Monday 19/12/2011/2011 Issue 14326

 14326 الأثنين 24 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

نحن بحاجة ماسة إلى جرعة معنوية عالية من الجد أو الجدية، لعلها تتغلغل في أوردة حياتنا العامة.. تلك التي باتت فيما يبدو عرضة للتسطيح والعبث، حتى أن الكثير منا ينظرون إلى الجاد وكأنه يتصنع الوعي، أو يدعي العلم، لينعت أحياناً بأنه «متفلسف»، ويوصى بتهميشه وإزاحته كأي كابوس يتمنون الخلاص منه!

أما من يفندون فكرة، أو فرضية ضرورة أن نكون جادين فإنهم يطالبون على الدوام بتسطيحها والتقليل من شأنها، وحجتهم بذلك أن حياتنا قد تكون صعبة ومملة لا سيما إذا ما تحولت إلى إدعاء وتعالم على من حولهم، وكأنهم أعلم من في الأرض، بل جاء من يشايعهم في هذه النظرة ليروجوا للهزل ورصف النكات والسخرية و»الفرفشة» بوصفها العلاج الذي يخفف من وطأة هذا المظهر الجاد، والتوتر المعرفي والجري وراء الحقيقة والوعي.

ومن يحاول أن يتظاهر بالسعادة وممارسة الهزل وتقديم ذاته في صورة «الفرفشة» واضحاك من حوله، - وليس إسعادهم - فإنه يزعم على الدوام بأنه غير قادر على حل أقل المشكلات، فمن باب أولى أن يتجاوزها إلى التهريج أو المزاح، بل يتظاهر - للأسف - بأنه غير معني بحل أي معضلة، ناهيك أنه غير قادر على التغيير والتطوير.

درجت فكرة المبالغة في الهزل والسخرية و»الفرفشة» بمناسبة أو غير مناسبة إلى حدود أن تكون عادة من عاداتنا حتى ابتعدنا عن الحدود الدنيا لمبدأ أن نكون جادين بغير صرامة في مجال علمنا وعملنا، فلو نجحنا ولحقنا بالركب، فلا مشاحة إن كان هناك ثمة فسحة - وما أكثرها - من أن تتم التسلية على نحو ما يفعله أي إنسان في العالم.

فالمؤذي أن هناك من يخلط الجد بالهزل، بل يستخدم الهزل كوسيلة للهروب من مواقف جادة، ومثالنا في ذلك الكثير ممن يلجأ للسؤال عن آخر نكتة، في وقت يتطلب الحديث أي جملة مفيدة في المعارف العامة أو العمل أو التجارة.

فظاهرة التنصل من المواقف الجادة والإدعاء بأنها «ثقيلة دم!!» تنشأ عادة عند الطلاب في مراحل تعليمهم، حينما يلقنون بمعلومة ومناهج ومواد مدرسية صرفة لا علاقة لها بالحياة العامة، ومن هنا يستشعرون أن الحياة الجادة والمثابرة هي امتداد لهذا الجمود في المقررات والكتب المدرسية، وهذا بلا شك انعكاس أليم يجعل الهرب من المواقف الجادة هو الحل الآني المناسب.

hrbda2000@hotmail.com
 

بين قولين
الجاد.. ثقيل الدم!!
عبد الحفيظ الشمري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة