Friday 23/12/2011/2011 Issue 14330

 14330 الجمعة 28 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

معرفتُنا بالطبيعة.. وتناغمنا معها.. هي أول خطوة في مسيرة الحياة.. وما الإنسان سوى كائن اجتماعي يعيش ضمن مجتمعٍ بشري.. يصنع وجودَه ويبني حياتَه سائراً ضمن عوالم الطبيعة.. فالعلاقة بين الإنسان والطبيعة علاقة قديمة متداخلة.. أليس هو أحد الكائنات الحية؟ إذن هو جزء من الطبيعة بل على قمة الهرم يقف متفرداً بمَلَكة العقل والتفكير يشكل استثناءً وتميزاً عن بقية الأحياء على وجه الأرض.

الوجودُ الإنساني لوحة جميلة.. وتزداد جمالاً بما تحمله من قيمٍ إنسانية واجتماعية.. تُعزِزُ روح التكافل والتعاون بين أبناء المجتمع الإنساني.. وبمثل هذه القيم يغدو الفرد للجماعة والجماعة للفرد.. ولا شيء أجمل وأعظم أن يتعلم الإنسان من الحياة التي يعيش فيها.. ومن الطبيعة التي تحتضنه.. الطبيعة هبة الرحمن للإنسان يتعلم منها ومن مخلوقاتها ومن كل ما تزخر به.

ولعل الوقوف عند مملكتي النحل والنمل.. والتأمل في هذا العالم المدهش المثير.. المليء بالأسرار والمعجزات الباهرة الدالة على قدرة الخالق العظيم.. الذي أودع في هذين الكائنين ما لم يستطع كثير من البشر أن يودعه في نفسه.. سيُشعِرنا بالعجز والضعف أمام عظمة خالق هذا الكون.

أقفُ وقفة ذهول وإعجاب أمام أمة النحل والنمل.. هذه الأمم الصغيرة الحجم.. المتفردة في مثالية التكاتف والتعاون وحب العمل.. الكبيرة في عطائها.. سبحان الله لم نتعلم منها سوى الكلام عنها.. وإشارة الإعجاب والمدح بها.. وننصح بأخذ العبرة منها والنصائح سهلة.. لكن العمل والتطبيق هو الأصعب بل المستحيل.

عجبتُ من عمل النحلة وأُعْجِبتُ بها.. حياتُها حركة ونشاطٌ دؤوب وانتظام.. وانتقالٌ من طيبٍ إلى أطيب...تعطي العسلَ شفاءً وغذاءً.. تسلكُ سبلَ ربِها ذللاً لا تحيد عن نظام التكوين.. تمتلك روح الجماعة والفريق.. النحلُ أمة النظام والعمل. وأما أمة النمل.. فأمرُها أعجب وأجمل.. عالمُها متميزٌ مدهش.. فرغم صمتِها إلا أنها من أكثر الكائنات الحية عملاً ونشاطاً على وجه الأرض.. تنجح في أدائها بترتيبٍ ذكي منطقي وتخطيطٍ مثالي.. كائنٌ مدهش لازال قادراً على ابهارِنا بما يفعل.

النحل والنمل.. كائناتٌ صغيرة أفعالُها كبيرةٌ عظيمة.. فسبحان الذي صنع وأتقن!! ويا ويلتنا نحن البشر عجزنا أن نكون مثل أمة النحل والنمل.. عجزنا أن نتعلم من تلك الكائنات الصغيرة رغم ما حبانا الله به من عقلٍ وتميز عن بقية الكائنات الحية.. أصبحنا أميين حتى النخاع في أبسط المبادئ التي تُحقق لنا بعضاً من التكامل في المجتمع.. سادت ثقافة العمل الفردي بدلاً من التكاتف والعمل الجماعي... تَنافسُنا هو إلغاءُ الآخر.. نجاحُنا لا يبرز إلا بإظهار أخطاء الآخرين... نتقنُ فنَ التسلق والتملق.. نسينا أو تناسينا أن أهمَ ضمانات النجاح وتحقيق الأهداف للرقي بالمجتمع هو العمل الجماعي والتكاتف بروح الفريق...كلُ فردٍ في المجتمع إلى غيره.. والغير هو إضافة كيفية لا كمية كما في مجمل العلوم الطبيعية والاجتماعية فهي تتفق فيما بينها في أمور كثيرة لكنها في الوقت ذاته قد تختلف ولكن ليس إلى حدِ الوصول إلى مرحلة التعارض.. ففي علم الرياضيات تقول القاعدة الحسابية {1+1=2} وهذا أمرٌ لا جدال فيه البتة.. ولكن في ميدان العمل وفي علم الإدارة فإن هذه القاعدة مرفوضة تماماً بل إن {1+1=11} وحتى تصبح هذه القاعدة صحيحة لا بد من توافر مبدأ العمل بروح الفريق سبحان الله حتى لغة الأرقام تُشكِلُ نواة أولى لمبدأ التكاتف والعمل بروح الفريق.

الحياة الجماعية تُخرِجُ الفرد من دائرة الانغلاق والتمحور حول الذات إلى الانفتاح على الآخرين.. ومن الاتجاه من الهموم الفردية إلى حمل هموم الجماعة.. ولا يستطيع أي مجتمع من المجتمعات.. أن يحقق أقصى فاعلية للنجاح داخلياً أو خارجياً إلا إذا كان النظامُ الجماعي.. والتكاتف والتعاون هو الذي يُسير خطوات أفرادِها.. وحقيقة الأمر لم يقتلنا ويذيقنا الفشل إلا السلبية الناتجة من انعدام الوحدة الجماعية في حياتِنا.

تأبى الرماحُ إذا اجتمعن تكسراً

وإذا تفرقتْ تكسرَتْ آحادا

القوة الاجتماعية هي طريق تحول الأفراد إلى كيانٍ تتوحد فيه الأفكار والمشاعر من أجل تحقيق رسالة المجتمع.. لن نتعلم شيئاً من الحكمة والحياة مادمنا غير قادرين على أن نتعلم دروساً من أمة النحل والنمل...

(فلنا في أمة النحل والنمل آية).

 

عود على بدء
ولنا في أمة النحل والنمل آية
زكية إبراهيم الحجي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة