Friday 23/12/2011/2011 Issue 14330

 14330 الجمعة 28 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

 

قصة قصيرة
الغصن الرطيب
عبدالرحمن البكري

رجوع

 

أطلت السيدة من الشرفة العالية، تراقب الصباح الذي بدأ يتفتق، والشوارع المتشعبة في كل مكان، وتتابع في سرحانٍ واضحٍ تحرك الناس، بكل أشكالهم، وطبقاتهم التي تشبه علو الأغصان بعضها على بعض، وهي لم تتعلم بعدُ أن أحلى تلك الأغصان ثمراً: أقربها من الأرض، حتى ولو حرمتها الأغصان التي تعلوها من ضوء الشمس، ومن حقها في التنفس الطبيعي...

رأت بيتاً هناك، متهالكة أركانه، مضحكةٌ نوافذه، يتوسطهُ بابٌ صغير وخجول، وبينما هي تتأمل الباب، إذ فُتح وخرجت منهُ طفلة صغيرة، تحملُ صندوقاً لم تتضح معالمه، وأخذت تتابع مشية الطفلة التي لا يبدو عليها زيّ المدرسة، في الوقت الذي يتحدُ فيه الصغار في لباس واحد، يدلُ على ذهابهم إلى المدراس، ولكن بدا لعينها أن تلك الطفلة خرجت في هذا الصباح البارد، والذي تنبأ سماؤهُ بمطر، لشيء مجهول.

نظرت السيدة إلى الساعة الألماس، وتذكرت أنها على موعد، دقائق معدودة والموكب قد استعد لحملها إلى حيث تريد، وفي الطريق اخترق القدر كل الحرس، تعرضت لحادث أليم أصيبت به ودخلت في إغماءة عميقة.

وضعوها على الرصيف، وأخذوا يمسحون الدماء التي على جبينها، استفاقت قبل وصول الإسعاف بثوانٍ، ورأت الطفلة بجانبها، تخرجُ من الصندوقِ الذي تحمله منديلاً وتمد به للمرافق كي يواصل مسح الدماء، عندها علمت أن هذه الطفلة الفقيرة خرجت لبيع المناديل، وعندها علمت: أن أحلى الأغصان ثمراً أقربها من الأرض...

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة