Friday 23/12/2011/2011 Issue 14330

 14330 الجمعة 28 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

      

تبدأ خلال أسابيع قليلة عملية تأنيث محلات بيع مستلزمات النساء في خطوة تأخرت كثيراً بسبب عجز البعض عن الانسجام مع تغير الضرورات التي تصاحب تغير وتبدل العصور.

ولقد كان ولا يزال الحرج والخجل من تلازم التناقضات في السلوك يصعب ويعقد مسار الحياة الطبيعية لكثير من المواطنين والمواطنات, حتى صبغت هذه التناقضات أخلاقياتنا وتعاملاتنا بشكل أصبح موجعاً لأصحاب العقول التي حفّزها العلم والتعلم وأدوات العصر التقنية على التفكير لتكتشف فداحة هذه التناقضات المتضادة في كثير من الأحيان, ولا شك أن هذه الصفة هي إحدى العلامات والمؤشرات على التخلف الذي لا يرفضه البعض بوصفه تخلف وإنما بوصفه تحفظاً يخشى تبعات ما بعده, وفي حين يتفق الجميع على أن الحكم للشريعة الإسلامية وليس للعادات أو الأعراف التي خرجت بفعل تغير العصر وأدواته من حميدة تستوجب الحفظ والالتزام إلى محبط ومعيق لحركة نمو المجتمعات وتطورها الإنساني, إلا أن البعض ما زال غير قادر على الفصل بين الحكم الإلهي الملزم وغير القابل للنقاش أصلا وبين عرف أو عادة صنعها الزمن وحكمتها حركة تبدل العصور وتغير الأحوال, لكن القيادة الواعية والحكيمة وبحكم إدارتها للمجتمع وضبط حركة نموه وتطوره وتوجيهه الوجهة السليمة قررت أخيراً تأنيث محلات بيع مستلزمات الإناث, في خطوة سليمة وصحيحة في معالجة التناقض بين الحكم الشرعي الذي لا يمنع المرأة من التجارة والبيع والعمل وبين التمسك بالتحوط والحذر المبني على هواجس نمو فعل محتملة لدى البعض على رغم ضرر واقع الفعل وضرر هذه الهواجس في تعطيل مصالح محتملة, إذ إن التسوق, وهو فعل اجتماعي, نشأ مع وجود الإنسان منذ الأزل وكانت النساء وما زلن أكثر الممارسين لهذا الفعل وأحوج وخصوصاً في مستلزماتهن الخاصة التي أحياناً يخجلن من ذكرها حتى لآبائهن أو أزواجهن بفعل سياج التحفظ والحياء, وإذا كان البعض لا يجد حرجاً لنسائه من التعامل مع الأجنبي فيما يخص حاجاتهن وضروراتهن باعتبار أن البائع أجنبي عنهن وغير معروف بما يزيل الحرج, فإن الأصح والأصوب أن نزيل الحرج عن نسائنا فيما هو مباح طالما توفرت الشروط والضوابط التي تحمي وتحفظ أمنهن وسلامتهن, بل إن المتوقع أن تجد هذه الخطوة حماساً وتشجيعاً من الجميع لما فيها من حفظ وصون لقيمة الإنسان أنثى أو ذكر على حد سواء.

ومن عجيب مبررات الرافضين لمثل هذه الخطوة وهم على كل حال قلة قليلة قولهم: إنه إذا كان عمل النساء يأتي من باب معالجة البطالة فلما لا تقدمون الذكور على الإناث وهم أحوج والمسؤولية عليهم أكبر وأوضح , ولعلي أوفق في الإجابة على مثل هذه الملاحظة إذا قلت: إن ما تفضلتم به صحيح ولا شك فيه ولكن هل إذا عمل الذكر السعودي في محلات بيع مستلزمات النساء زال الحرج والقلق؟ أم أنكم تحسبون أن معالجة البطالة تعني الإبقاء على الوافد الأجنبي في بيع مستلزمات النساء؟ الخيار أيها السادة بين المواطن والمواطنة في التعامل مع النساء, أما الوافد الأجنبي فحيثية هذه الخطوة وهدفها هو التخلص من وجوده لصالح ابن الوطن, فهل يمكن الآن استيعاب الهدف السامي لمثل هذه الخطوة؟

ولقد اطلعت على ضوابط وشروط تنفيذ الأمر الملكي الخاص بعمل المرأة في الأسواق ومحلات مستلزمات النساء من قبل وزارة العمل, وبرغم تحفظي على «شدّة التحفظ» في بعض بنود هذه الضوابط والشروط, إلا أنه سيذهلني وجود أي تحفظ أو اعتراض من أحد, إن وجد, وهي على كل حال مبنية على ضوابط وشروط مقدمة من وزارة العدل, وأخشى أن أقول, إن من لا يتوافق مع هذه الخطوة هو في الأصل غير متوافق مع حركة العصر الذي يتسع له التشريع الإسلامي ويضبط حركته واتجاهه, فيكون هذا المتردد أو المتوجس بمثابة عائق ومعطل لمسار الحياة الطبيعي, مما قد يجعل معالجة وعيه وفكره مطلباً صحياً لسلامة وأمن المجتمع.

Hassan-Alyemni@hotmail.com
Twitter: @HassanAlyemni
 

أخيراً النساء في الأسواق منتجات لا مستهلكات
حسن اليمني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة