Sunday 25/12/2011/2011 Issue 14332

 14332 الأحد 30 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

مررت بتجربة شيقة ومخيفة ذات مرة. ذهبت إلى حديقة حيوانات وأخذت أتجول فيها، بين غناء العصافير الجميل مروراً بمشاغبة القردة إلى كائنات أخرى بديعة الأشكال والأصوات، بعد هذا كله وصلت لأحد أقسام الحديقة، فالتفتُّ إلى يساري وإذا بي أرى منظراً فريداً: رأيت نمراً ضخماً جالساً على صخرة، ليس محبوساً في قفص، ليس بيني وبينه إلا 3 أمتار! لوهلة ظننت أن بصري قد أخطأ. ظننت أنه تمثال ولكنه تحرك. اقشعر جلدي من رأسي إلى أخمص قدميّ وتجمدت في مكاني، ولكن ولله الحمد لاحظت أن بجواره أناساً وعرفت أنهم المسؤولون عنه، وبعد السؤال اكتشفت أن بعض حدائق الحيوان تُخرج كائناتها الكاسرة تحت إشراف الساسة ليصور الزوار معها، وعلمت أنه موثوق بسلسلة مربوطة بالأرض ولكنه كان جالساً عليها لذلك لم تكن بائنة لي! طمأنني هذا فرأيت أن أستغل هذه الفرصة النادرة، فجلست بجانبه وتفاجأت من ضخامته، فهو أكبر مما يبدو في الصور. لمست جسده المخطط البديع، حينها ضرب السائس الأرض بجانبه فإذا بهذا الوحش الهائل يزمجر ساخطاً وإذا بي قد أطلقت العنان لساقيّ ولم أتوقف إلا لما سمعتهم ينادونني أن لا بأس عليك! شرحوا لي أنهم يفعلون هذا مع كل زائر يريد التصوير مع النمر حتى يكشر عن أنيابه لكي «تطلع الصورة حلوة!». جلست مرة أخرى واستفزوه بالعصا وزمجر مرة أخرى وانتهينا وعدت وأنا مبهور بهذا الكائن المهيب البديع، وصوته المرعب في بالي. لم يكن زئيراً عالياً، بل زمجرة منخفضة، ولكني لم أسمعها فحسب بل شعرت بها تتغلغل في خلايا جسدي. كان إحساساً غريباً. رجعت وأخذت أقرأ عن النمر فاكتشفت شيئاً عجيباً، لكن قبل أن أذكره، أريد أن أشارككم هذه القصة التي وقعت عليها أثناء القراءة:

في الثمانينيات من القرن الماضي كان المهندس البريطاني «فيك تاندي» يشتغل مصمماً لأجهزة طبية في معمل شركته، وبدأت شائعات تنتشر أن المكان مسكون، ولكنه لم يصدق وظن أنهم واهمون. ذات يوم كان منهمكاً في تصاميمه، وبدأ يشعر بالضيق، وبدأ يعرق مضطرباً واقشعر جسمه. لم يدر ما سبب خوفه ولكنه ظن أن هناك من يراقبه. فجأة رأى من طرف عينه جسماً رصاصياً بدأ يتضخم ولما التفت إليه اختفى، عاد بعدها خائفاً إلى منزله. في اليوم التالي كان في معمله وانتبه إلى أن حديدة رقيقة بجانبه كان طرفها يهتز، ولما تقصى ذلك اكتشف أن مروحة شفط رُكِّبَت حديثاً كانت تصدر صوتاً قوياً ذا تردد منخفض يغمر الغرفة كلها، ولما قاس التردد وجد أن درجة التردد هي 19 هيرتز أو دورة في الثانية، أي أنها تقع في النطاق تحت الصوتي، فالبشر لا يسمعون إلا الأصوات التي ترددها من 20 هيرتز فما فوق. اكتشف تاندي أن هذا الصوت هو سبب الخوف والذعر الذي شعر به هو وغيره من العاملين، والسبب هو أن هذا التردد له هذه الخاصية، فهذا التردد يضخ في عقولنا وأجسادنا مشاعر سلبية لسببٍ لا نعرفه، وحتى الحيوانات تتأثر بهذا الصوت، فيُعتَقَد أن هذا الصوت هو ما تسمعه الحيوانات عند الكوارث الطبيعية مثل الزلازل فينذرها هذا بخطرٍ وشيك وتركض هاجرة مكانها، وقد نُقل هذا عن بعض الحيوانات في سونامي 2004م.

أما تأثيره على البشر فيمكن أن نستشهد بتجربة أجراها فريق من الباحثين البريطانيين عام 2003م، فطلبوا من مجموعات من الناس وصل عددها إلى 700 شخص أن يستمعوا إلى قطع موسيقية، وقسموهم إلى فريقين، أولهما كانت الموسيقى تحوي ذلك التردد الصامت والأخرى خالية منه، ووجدوا أن أكثر من خُمس الفريق الأول أفادوا أنهم شعروا بالقلق والاضطراب والحزن والتوتر والخوف إضافة إلى الإحساس بأن شيئاً يضغط على صدورهم.

الآن الشيء العجيب الذي أشرت إليه: وجد العلم أن النمر عندما يزمجر (ناوياً الهجوم مثلاً) فإن زمجرته تحوي هذه الذبذبة! في زمجرة النمر صوت يبلغ تردده 18 هيرتز، وهو ما يسبب هذه الأعراض أعلاه إضافة إلى أنه يمكن أن يشل حركة الضحية، لأن هذه الذبذبة لها تأثير قوي على الكائنات بما فيها البشر، وهو ما يسبب هذا كله.

شيء قلته دائماً ولن أمل من تكراره: إن من يتأمل الحيوانات فسيجد عالماً مدهشاً من الإبداع والعجب، فسبحان الخالق العظيم.

 

الحديقة
ذبذبات الرعب
إبراهيم عبد الله العمار

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة